عن تحالف المشاركة السياسية مع الأحزاب السياسية

ريما كتانة نزال.jpg
حجم الخط

بقلم: ريما كتانة نزال

ما دفع الاتحاد العام للمرأة إلى عقد مؤتمر دعت إليه اللجنة التنفيذية والأحزاب والفصائل السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية، عديد الدوافع والأسباب. منها تقديم جردة حساب من خلال عرض واقع المشاركة السياسية والعامة الآخذة في الحراك نحو الخلف، ومن زوايا أخرى ربط الواقع المتآكل بعقباته ومسبباته، وربط حقائق المشاركة التي أصابها الهُزال بمتطلباتها واستيعابها من قبل قوانين الانتخابات لتتواءم مع القرارات المتخذة من قبل دورة المجلس الوطني الفلسطيني الثالثة والعشرين المنعقدة في نيسان 2018 والقاضية بتخصيص مقاعد مضمونة للمرأة بواقع 30%.
الدعوة تنطوي على الدعوة للعمل معاً ضمن الأدوات والآليات الخاصة بالحملات للوصول للغايات من خلال تحالف متين يعمل بعيدا عن الموسمية والمناسبات، وينطلق من التقييم للمسار المتعثر.
في كشف الحساب والتجارب، أعيد التذكير بميثاق الشرف الموقع مع الأحزاب السياسية في العام 2011، على عتبات إجراء انتخابات هيئات الحكم المحلي في العام 2012، لدى توقيع التعهد بصفته الأخلاقية نحو إدراج المرشحات في قوائم الترشيح للأحزاب السياسية بنسبة 30%، وكذلك ترتيب النساء في القوائم الحزبية في مستوى ترؤس القوائم أو موضعتهن في الترتيب الثاني والثالث والرابع ما أمكن.. المطالبة بالنسبة والترتيب الواردة في ميثاق الشرف تتصل بإرادة حزبية خالصة دون إرادة القانون، ريثما يصدر في فلسفة الميثاق كما توخيناه في تلك المرحلة..في النتيجة تمخض القوائم عن إدماج النساء بواقع 26% من عدد القوائم المرشحة، وترأست ثماني نساء القوائم الانتخابية، واحتلت حوالى 16 قائمة الترتيب الثاني، أي أن الالتزام بالميثاق كان ضئيلاً بما لا يتمكن من صنع ثقافة بديلة.
أما بخصوص التجربة الثانية ممثلة بتشكيل لجنة تطبيق قرارات المجلس الوطني ومنها تطبيق الكوتا، فالتجربة أيضا لم تكن من التجارب التي نفخر بها، حيث تسرب إلى جميع العروض أو خلال النقاشات التي دارت مع الاتحاد بعض معاني التمييز، بعضها على شكل تقسيط التطبيق أو رمي المسؤولية على النساء أنفسهن وتحميلهن مسؤولية إعاقة التطبيق.
وللتذكير أيضا، إن حضور المرأة في المجلس المركزي وفقاً للقرار المذكور، يتجسد باقرار عضوية ثمان وأربعين عضوة من عضوات المجلس الوطني البالغ عددهن أكثر قليلا عن خمس وثمانين عضوة، وهو عدد أوسع من عدد عضوات أمانة اتحاد المرأة، بل ويتسع لمشاركة ممثلات الاتحادات الشعبية والنقابات وسائر المكونات التي أتت منها العضوات.
دعوة الأحزاب السياسية لتشكيل تحالف، بما هو أمل ورهان على نجاح المسعى يأتي بعد المماطلة والتأخير الذي يواجهه القرار على الإتيان بالحل المنتظر، فالأحزاب والفصائل أكثر البنى التي يمكنها تلبية الاستحقاقات وتجسيد الالتزامات أكثر من غيرها باعتبارها المكونات المشكلة لمنظمة التحرير الفلسطينية وهيئاتها المرجعية، بتحفظ مبني على مفارقات العمل الفلسطيني وطريقة اتخاذ القرار.
وفي حال عدم استطاعة هذه البنى تطبيق قرار داخلي خاص بقطاع مهم بحجم المرأة الفلسطينية، تصبح الاحزاب، من وجهة نظري على الأقل، هي المشكلة بعد أن اعتقدنا أنها الحلّ.
أن تكون الأحزاب هي المشكلة والحل في آن واحد، يعني أن الأمر رهن بتوفر إرادة التطبيق ورفض التجاوز على القرارات المتخذة، يعني الدفاع عن الهوية والوجود وأسس الشراكة، ورهن أيضاً بحسن إدارة الحملة والمصداقية تجاه مبدأ المشاركة وانتظام أعمال التحالف وصولا لتحقيق الاهداف.
بشكل مباشر بعيداً عن الطرق الالتفافية قمنا بدعوة الاحزاب، لم تكن دعوة يفهم منها التوسل، فالحقوق لا تُتَوسّل، بل دعوة للعمل معاً بمنهجية الاستدامة سعياً خلف تبني تجسيد النسبة في قوانين الانتخابات بالنص على إدراج المرأة من بين كل ثلاثة أسماء في القوائم الانتخابية على صعيد قانوني انتخابات المجلسين الوطني والتشريعي التي ما زالت برسم القرارات والحوارات الدائرة في جلسات المصالحة.
أما بالنسبة لقانون الانتخابات المحلية فلا بد أولا من طيّ تغيير النظام الانتخابي نحو القائمة المفتوحة المتسمة بمعاداة النساء والأقليات، والابقاء على نظام التمثيل النسبي الكامل انسجاما مع شرط الانسجام بين الانظمة الانتخابية ثانياً، ومن ثم تطبيق الكوتا للحصول في نتيجة الانتخابات على عضوتين في المجالس التي تعدادها سبعة، وثلاث عضوات في المجالس المكونة من تسعة، وعلى أربعة في المجلس المكونة من احد عشر والمجالس المكونة من ثلاثة عشر عضوا وعضوة، وخمس عضوات في المجالس المكونة من خمسة عشر عضواً وعضوة.
لا يعتقد أحد أننا نفرد أمامه بسطة من البكائيات أو استجداء للحقوق. كما لا ننظر للمشاركة كشعار أو ديكور تجميلي للمشهد الذي تطغى عليه الذكورية، بل هو حق وواجب ملزم للجميع ومسؤولية أصحاب القرار في تنظيم وترسيم المشاركة ومراقبة تطبيقها في مختلف البنى ومنها النقابات والاتحادات الشعبية، خاصة أن القرار خرج من المجلسين الوطني والمركزي بناء على مذكرة موقعة من أغلبية أعضاء المجلس في اجتماعه الأخير.
وآخر الكلام، المرأة تستحق المناصفة والمستقبل كفيل بإثبات ذلك. لا أحد يتوخى من تحصيل الحقوق في المشاركة ترجيح كفة بعض الأحزاب من خلال عائدية العضوات الحزبية.
وفي الحقيقة أصبح النقاش الذي يخفي الأبعاد الفئوية ممجوجاً وخارجاً عن صلته بالمشاركة النسوية.