بقلم: سميح خلف

اغتيال عالم الذرة الإيراني بين التضخيم وردات الفعل

سميح خلف
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

مع التقدم التكنولوجي في مجال الاسلحة والتسليح للدول ، اصبح قرار الحرب ليس سهلا او نزهة تقوم بها هذه الدولة او تلك بل لها حسابات دقيقة ولا ينتظر احد ان يخرج منها رابحا  ولو كانت تلك الدولة تمثل رأس النظام الدولي ، ولو اجمعت كل المؤسسات الامنية والعسكرية والاقتصادية والاعلامة على خوض الحرب او المعركة ، فهناك حسابات اخرى دولية تؤثر على باقي الدول وعلى سبيل المثال  لم تستطيع امريكا ان تتحمل مواجهة مع النظام العراقي صدام حسين الا بمشاركة 34 دولة مشاركة فعلية ولوجستية  سميت بدول التحالف ، وبالبعد الاخر التجربة الامريكية في فيتنام التي تكبدت فيها امريكا خسائر فادحة استنفرت ودفعت لخروج الشعب الامريكي في شوارع كل الولايات منددين بالحرب ، امريكا لاتتحمل حروب مباشرة وشاملة بمديونيتها الداخلية العالية والضخمة والبطالة ، ففي فترة حكم ترامب حاولت امريكا بل فعلت سحب قواتها وغالبيتها منن افغانستان  والعراق ، واعترضت على دول الناتو مهددة بسحب دعمها للناتو التي تدفع فيه امريكا القسط الاكبر. وعدم تدخلها المباشر بل الرمزي جدا في سوريا رغم دخول روسيا بشكل واسع ومباشر واكتفت بالدور التركي كقوة مواجهة بديلة تحقق مصالح تركيا في الشمال الشرقي لسوريا وبعض قواعد رمزية لامريكا ، وقد نضيف ازمة امريكا الداخلية بانتشار وباء كورونا الذي حصد مئاات الالاف من امريكان وبطالة عالية وانقسامات في المجتمع الامريكي كرسها ترامب كافراز من خسارته في الانتخابات ، بل كانت سياسة ترامب الجباية مقابل اسلحة لتحرق المنطقة نفسها في اليمن والخليج والسعودية  ليحاول ان يقنع المواطن الامريكي برواج تجارة السلاح التي تغطي عجز في الموازنة وتوفير بعض فرص العمل ، بكل الاعتبارات السابقة ترامب ليس من مؤيدي ان تدخل امريكا حرب واسعة ومباشرة في المنطقة  او اجزاء اخرى في العالم مثلا مع الصين او روسيا او التدخل في الحرب بين جمهورية اذربيجان وارمينيا واستعانت بتركيا  لرسم معادلة جديدة مع الروس في المنطقة المتنازع عليها في قورني برباخ.

اعتمدت سياسة ترامب على ثقل نفوذ الدوار والبنك الدولي كعملة رقم واحد في التجارة الدولية والطاقة وفرضت العقوبات عل الصين وروسيا اما ايران فقد اتخذت عشرات القرارات التي تؤثر على الاقتصاد الايراني واحراج النظام امام الشعب الايراني ومنعت الصندوق الدولي من معونة مواجهة كورونا لايران فيما اعتبره الكثيرين انه قرار لاانساني تعاقب فيه امريكا الشعب الايراني  وجمدت ارصدة شخصيات ايرانية واشخصيات من حزب الله  وغذت بالاسلحة الحرب اليمنية ، وبدون التدخل المباشر في الحرب ، ايران قامت باسقتط طائرة امريكية واستفزازات لامريكا في الخليج ولم يستطيع اتخاذ قرار مواجهة مع ايران .

 

الدور البديل لامريكا في المنطقة  .

وهب ترامب لاسرائيل القدس وصفقة القرن الفاشلة وتطبيع عربي بالضغط ووهب الجولان بقرار رئاسي واعطاء الضوء الاخضر لاسرائيل بعمليات في سوريا لضرب التواجد الايراني اما في لبنان فما زال قرار 1551 يلتزم به الطرفين شمال وجنوب الليطاني لعام 2006م  بالاضافة لعمليات امنية نوعية مثل تفجير في جانب مفاعلاات نووية ايرانية ودعم لوجستي تشارك فيه اسرائيل في شمال العراق وتصفية سليماني قائد الحرس الثوري الايراني  والدور الاسرائيلي مفتوح لتصفية نخب ايرانية فقد سبق قبل اغتيال عالم الذرة الذي وصف برأس المشروع النووي الايراني فخري زادة باغتيال اربع علماء ذرة ايرانيين منذ عام 2010م ، البعض تحدث ان النظام الايراني تلقى ضربة في العنق باغتيال سليماني  والان نفس الاصوات والمحللين يقولون ان مقتل  زادة ضربة للمشروع النووي الايراني ، في حين يقرر البرلمان الايراني زيادة نسبة التخصيب بمقدار 20% في ظل معارضة الرئيس روحاني والحكومة  لهذا القرار وكما وصفة الرئيس روحاني بانه يعطل الدبلوماسية الايرانية وخاصة في فترة رئاسة بايدن .

ربما كانت احد الاسباب العاجلة لاغتيال زادة والتي اتهمت فيه اسرائيل هو تلبية رغبات ترامب لوضع الدولة العميقة امام واقع مواجهة ولو كانت محدودة مع ايران ونتيجة رد فعل لايران بالرد وهو ما يطالب به انصار ايران بعد صمت ايران على مقتل سليماني والضربات الاسرائيلية  لايران في سوريا  وضرب مفاعلاتها النووية بتفجيرات غامضة  كتفجير ميناء بيروت او تفجيرات في احد المفاعلات النووية الايرانية  ومقتل رادة التي تحدثت عدة تقارير بانه لم تكن قوة بشرية على الارض مما يضع احتمال تكنولوجي توصلت له اسرائيل باحداث تفجير لاهداف موضوعة على الارض بواسطة موجات دقيقة من اقمار صتاعية .

ايران بدون ردات فعل .

عبرت التصريحات الايرانية عن نيتها الرد في المكان والزمان المناسب ردا على اغتيال زادة هي نفس العبارات التي اطلقتها ردا على اغتيال سليماني او ردا على القصف الجوي الالاسرائيلي لمواقعها في سوريا ، ولكن الملفت للنظر وبصرف النظر عن تصريحات لمسؤلين في النظام بان هناك اختراق امني . فان العمليات النوعية المتكررة ضد ايران تكشف عن خللا كبيرا وعميقا في اجهزتها الامنية ، والذي يجعل ايران في محل استهداف داخلي دائما .

اما لماذا ايران لم ترد لا في السابق ولا الحاضر  وتوصيات للفصائل الموالية لها في العراق بعدم استفزاز امريكا وتصريحات ترامب بان خسارة جندي امريكي في العراق سيجد ردا عنيفا .. بالحسابات الجميع ليس من مصلحتىه اي مواجهة بين امريكا وايران وبالتحديد امريكا لاعتبارات ذكرتها في مقدمة المقال اما ايران فهي ليست بحاجة للرد وهي تحقق تقدم في مشروعاها داخل ايران النووي الذي وجدت من انسحاب ترامب من اتفاق 5+1 تنمية لمشروعها والانفكاك من القيود وتفتيش وكالة الطاقة الدولية اما خارجها فهي توسع مشروعها في العراق وسوريا واليمن  وهو الهدف الاستراتيجي لها وتعتبر اي رد او معركة مع امريكا سيؤثر على هدفها الاستراتيجي وخسارتها لافراد مقابل الحفاظ على برنامجها الداخلي والخارجي لن يكون له اعتبار مادام برنامجها يحقق اهدافه .

 ومن الملفت للنظر ان الرئيس روحاني دعا للتعاون مع السعودية وفتح صفحة جديدة فيما دعا بايدن لمرحلة من التفاوض حول الاتفاق النووي السابق والصواريخ واعدا بامكانية الغاء العقوبات اما عملية تصفية زادة فقد لاقت استنكار من دول الخليخ مثل الامارات وقطر والكويت والسعودية .

اذا نحن مقبلين على مرحلة تةافق اقليمي امني في ظل احتياجات جميع الاطراف للامكن والاستقرار .