وزير «اللقاحات» وجواز كورونا والتطعيم «بالإكراه»

حجم الخط

بقلم صبري صيدم 

 

بعد عام على كورونا وضيق العالم بها، لم يعد هناك خيار أمام الدول سوى تكثيف الجهد للوصول إلى لقاح للوباء بأي ثمن. وعليه احتدم ماراثون اللقاحات في الآونة الأخيرة، بعد أن انطلق مع الإعلان عن الحالة الأولى قبل عام. وتسابق زعماء العالم نحو مايكرفوناتهم ليعلنوا مؤخراً عن ولادة لقاحات مزعومة، لنكتشف بعد دقائق من كل إعلان بأن اللقاحات لم تستوف المحطات التجريبية بعد، ولا شروط الترخيص، وأنها تحتاج إلى المزيد من الوقت. وحتى تلك اللقاحات الأكثر جاهزية من غيرها فقد قيل بأن إنتاج ملايين الجرعات منها سيحتاج لوقتٍ طويلٍ، قد يصل إلى ربيع العام المقبل.

لكن هذا الأمر وأمام حالة الضيق المتنامية، جراء تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية، وخوف الساسة على كراسيهم، قاد وبسرعة فلكية إلى الإعلان عنموعد جاهزية بعض اللقاحات، وتواريخ توزيعها ومواقع تخزينها وآليات نقلها، وحاويات حفظها، وسبل تعميمها وجهات تمويلها، وصولاً إلى تسمية بريطانيا لوزير متخصص بهذه العملية يستحق بصراحة لقب «وزير اللقاحات». أما مهمة معالي وزير «اللقاحات» فبقيت غامضة، خاصة مع إعلان الأخير عن انتظاره لنتائج تقييم اللقاحات لمعرفة، والكلام له «الأجدى منها». ومع هذا الحراك العالمي تكون البشرية قد أوشكت على الدخول في مرحلة اللقاحات، التي من الواضح وحسب النشرة اليومية الصحية المعروفة بـ»يوميات فيروس» وفريقها الطبي، بأنها أي اللقاحات، غير جاهزة من حيث صدقيتها المخبرية، وكفاءتها الطبية، ونجاعتها العلاجية، بل إن الفريق ذاته قد سبق وحذّر من أن اللقاحات المستندة لتوظيف الجينات، ربما تحمل مخاطر كارثية لا تحمد عقباها.

“قناعة الناس بجدوى اللقاح تأتي من خلال مؤسسات علمية موثوقة تقوم بإتمام المراجعات العلمية اللازمة واستيفاء شروط الترخيص “.

الخوف من اللقاحات وأهدافها السياسية – الاقتصادية البحتة، إنما قاد إلى خروج بعض المتظاهرين في العالم احتجاجاً على ما اعتبروه إكراهاً مقبلاً ومتوقعاً تفرض من خلاله الدول تلك اللقاحات. وقد عزا المتظاهرون خوفهم جراء تسارع خطى الساسة والحكومات، في فرض لقاحات مستعجلة في خضم تأكيد العلماء عدم نضوجها المخبري، وجاهزيتها الطبية، ونجاعتها الدوائية، وصولاً إلى التشكيك ليس فقط بقدرتها على الوقاية فحسب، بل أيضاً نجاحها في منع انتقال العدوى وانتشار الوباء وتفشيه. لكن الصدمة الكبرى للبشرية قاطبة ستكون مع فرض جواز «كورونا» للتحقق من تلقي صاحبه للقاح المطلوب، الذي سيصبح شرطاً قاطعاً لتسيير الحياة اليومية للبشر. فلا سفر ولا مشاركة في مؤتمرات مختلفة وعالمية، ولا حضور اجتماعات كبرى، ولا حتى الذهاب إلى الملاعب على اختلافها، ولا تنقل عبر الحدود، ولا حضور لمناسبات رسمية عامة وخاصة، من دون شهادة أو جواز يثبت تلقي لقاح محدد وتاريخ أخذه، إضافة إلى بعض تفاصيلك الطبية.

الخشية الحقيقية في من «سلق» اللقاح واستعجاله دونما تراخيص فعلية، يكمن في أن تعود البشرية بعد عقود لتعترف، بأنها أقدمت على خطوة انتحارية بإعطاء لقاحات غير ناجعة علميا ساهمت في إعاقات وتشوهات ووفيات وأمراض مزمنة بسبب عبثها بالتركيب الجيني للبشر، أو استنادها إلى مركبات كيميائية غير آمنة!

وعليه فإن قناعة الناس بجدوى لقاح لن تأتي من خلال وزير هنا وأمير هناك، ولا من خلال جواز هنا وبطاقة هناك، ولا حتى من خلال الإكراه والإجبار، وإنما من خلال مؤسسات علمية ترخيصية موثوقة تقوم بإتمام المراجعات العلمية اللازمة واستيفاء كامل شروط الترخيص، بعيداً عن سيف المصالح واستعجال الحكومات وبطش الساسة.

* كاتب فلسطيني