أكد مختصون فلسطينيون و(اسرائيليون) أن خسائر الاحتلال الاقتصادية خلال انتفاضة القدس التي اندلعت مطلع الشهر الجاري فاقت خسائره التي تكبدها على مدار خمسين يوما في الحرب الأخيرة على غزة صيف العام الماضي.
وجراء الانتفاضة، طالت الخسارة سوق السياحة والسلع وبورصة تل أبيب، وهو ما سيكون له تداعيات على الاستثمار أيضاً، فيما تؤكد تقارير الخبراء أن خطر الانتفاضة الحالية يفوق سابقاتها بكثير.
وألغى عدد كبير من (الاسرائيليين) رحلاتهم إلى القدس والمدن الأخرى فضلا عن عدم خروجهم للأسواق، وهو ما أثر على سلوك الاستهلاك وترك المتاجر فارغة إلا من مشتري الأسلحة ومعدات الأمان الشخصي.
ووفق صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية العبرية، فإن تدهور الوضع الأمني لدولة الاحتلال أدى إلى انخفاض بنسبة 11% بمجمل المشتريات عن طريق بطاقات الائتمان. ومقارنة بنفس الفترة الزمنية في عام 2014، انخفضت قيمة الشراء عن طريق البطاقات الائتمانية خلال الأسبوعين الماضيين فقط، بما يعادل 55 ألف شيقل، وقد نفّذت 21 مليون عملية شراء، مقابل 24 مليوناً في الفترة ذاتها عام 2014.
خسائر كبيرة
ومن جهته، حذّر مدير وزارة المالية الإسرائيلية) السابق البروفيسور آفي بن باست، من أن دولة الاحتلال تواجه "خطر ضرر اقتصادي كبير".
وقال إن آثار الانتفاضة والعمليات التابعة لها أخطر على الاحتلال من الآثار الاقتصادية للانتفاضة الثانية، ويعود ذلك لكون الأحداث الحالية تأتي في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد (الإسرائيلي) تباطؤاً في النمو، وتعاني الاستثمارات من انخفاض حاد.
وأضاف بن باست أن الموجة الحالية من زعزعة الأمن سوف توقف استعداد المستثمرين لعمل مشاريع، مما يلحق ضرراً بالاقتصاد لسنوات طويلة. ولفت إلى أنه جراء الانتفاضة الثانية انخفضت نسبة الاستثمارات في الأراضي المحتلة بنسبة 17%، وهو ما أدى إلى ضرر اقتصادي ضخم.
ورغم أن الانتفاضة الثانية جرت على نطاق أوسع، فإن دولة الاحتلال اليوم "تواجه خطراً اقتصادياً أكبر"، بحسب بن باست، فمنذ عام 2014 هناك انخفاض بنسبة 4.5% بالاستثمارات، وفي الربعين الأول والثاني من عام 2015 سُجل انخفاض بنسبة 8% و3.3% أيضاً، لذا فإن الانتفاضة الحالية "قاتلة للاستثمارات".
في حين، قالت الخبيرة الاقتصادية (الإسرائيلية) آيليت نير، إن فقدان (الإسرائيليين) للأمن انعكس على خروجهم من المنزل، وألحق ضرراً بالمتاجر والأسواق. وكسابقها، أكدت أنه رغم أن صيف 2014 شهد حرباً حقيقية وليس انتفاضة شعبية، فإن الضرر الذي لحق بالسوق (الإسرائيلي) من جراء الانتفاضة الشعبية التي بدأت منذ عشرين يوماً، أكبر بكثير مما ألحقته الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
ضغوط اقتصادية
وفي سياق متصل، قال الباحث في الشأن الاقتصادي رائد حلس إن حالة التخبط والإرباك التي تعيشها (إسرائيل) نتيجة الانتفاضة سوف تؤدي لاستخدام الاحتلال أوراق الضغط التي تملكها على السلطة الفلسطينية، من خلال وقف تحويل إيرادات المقاصة وعلى الاقتصاد الفلسطيني من خلال تشديد الحصار الاقتصادي.
وأضاف حلس: "إيرادات المقاصة التي تحصلها وزارة المالية الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي تشكل مورداً رئيسياً لإيرادات الموازنة العامة، إذ أن متوسط نسبة هذه الإيرادات يتراوح ما بين 60% إلى 70% من إجمالي الإيرادات الشهرية، وتغطي نسبة تتراوح ما بين 45% إلى 55% من إجمالي النفقات العامة، أي أنها تغطي حوالي نصف نفقات الموازنة بما فيها النفقات التطويرية".
ولا يستبعد حلس أن تلجأ لاستخدام ورقة (الحصار الاقتصادي) للضغط على الانتفاضة الجارية حاليا، في محاولة منها لتحجيمها واخمادها. وشدّد على ضرورة الاستمرار في مقاومة الاحتلال لإنهائه ليصبح وقتها الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد دولة حقيقي ومستقل ويتسم بالاستدامة والنمو بجميع الوسائل المشروعة.
وبدورها، كشفت القناة العبرية الثانية أن "انتفاضة القدس" تضرب قطاعات واسعة في اقتصاد الاحتلال. وقالت القناة، إن انخفاضا ملموساً بدأ يسجل في أعداد السياح القادمين إلى (اسرائيل)، وهو ما أدى إلى انخفاض بحجوزات في الفنادق.
وأشارت إلى أن المصالح الصغيرة باتت على وشك الانهيار واحتمال إغلاقها، إلى جانب قلة الزائرين للمراكز التجارية الكبيرة، وخلو المطاعم من الزبائن.
وعلى مستوى سوق العمل، توضح القناة أن هناك انخفاضا بنسبة 100% في سوق العمل، نتيجة بقاء المستوطنين في البيوت وعدم رغبتهم في الخروج إلى الأماكن العامة خوفًا على حياتهم. ولفتت القناة إلى أن الانتشار المكثف للشرطة والجيش في المدن بات يشعر (الإسرائيليين) أنهم يعيشون في حالة طوارئ، ما أثر على الحالة النفسية لهم.