النصر على اسرائيل ممكن ومفتاحه المفاجأة والاختراق .. حرب الاعلام قبل حرب الصواريخ

حجم الخط

بقلم بسام ابو شريف 

 

المتتبع لكل ما ينشر في اسرائيل، وفي الصحف الاميركية المعروفة بولائها للصهيونية (مثل نيويورك تايمز)، يستطيع أن يعرف كيف تفكر المخابرات الاسرائيلية ، بل ويستطيع أن يقدر ويخمن خططها ، أوعلى الأقل بعض خططها، وهذه الحرب الاعلامية لها أهداف محددة فهي تستهدف معنويات ، وثقة محور المقاومة بنفسه وقدراته ، وتستهدف تضليل محور المقاومة ، وتستهدف الايحاء بعكس ما يخطط له ، وتستهدف في بعضها التبجح والمبالغة بقدرات اسرائيل ، و”عبقريتها”.

ولن نناقش هنا الفحوى ، فهذا له نقاشه وتفسيره الخاص انما نريد أن نشير، وننبه الى أن القراءة الدقيقة والمدققة لهذه الأقوال والتصريحات ، التي تنهال من كل حدب وصوب هي اوركسترا هجومية تخفي ما تبطن ، وفي كثير من الأحيان تخفي ذلك ليكتشف ما تبطن، أي أنه ضمن هذه الألحان ، التي تعزف شرقا وغربا تبث اسرائيل أسرارها لتضلل محور المقاومة عبر الاقتناع بأن هذه الأسرار المسربة لايمكن أن تكون صحيحة ، بل هي للتضليل بينما هي في الواقع استخدام للحقيقة كاطار للتضليل، ومراقبة ومتابعة ما كتب ، وقيل من قبل العدو الصهيوني وأبواقه الاميركية ، وغير الاميركية نستخلص أن الاستخبارات الاسرائيلية والاميركية ( بما أن الأمر تقرر بين نتنياهو وبومبيو ومحمد بن سلمان)، أن ايران لن ترد بضرب أهداف في اسرائيل خشية أن يتسبب هذا في اشعال حرب واسعة ، وان جل ما تستطيع ايران فعله ، هو أن تحاول ايذاء دبلوماسيين اسرائيليين خارج فلسطين المحتلة من سواح اسرائيليين توجهوا للامارات ، والبحرين .

وتقول تقارير المطبخ المصغر ان ايران محشورة لأنها لايمكن أن تزج بحزب الله في ظل وضع لبنان الراهن ، ولا أن تخاطر بالوضع السوري ، وانها تجد صعوبة في الرد ، وأشار تقرير المطبخ المصغر الى أن ايران تحاول ايجاد قنوات تفاهم مع بايدن ، ولا تريد أن تعطل هذه الجهود ، وركز التقرير على ضعف ايران الشديد في ميدان أمنها الداخلي ، وأجهزة مكافحة الاختراقات مضيفا أن هنالك عوامل متعددة تجعل اختراق الوضع الداخلي الايراني أسهل مما يعتقد الكثيرون بمن فيهم الاميركيون .

وأثنى التقرير على جهود مدير الموساد يوسي كوهين في هذا الميدان ، ولأنه تمكن من اختراق شبكات الاتصال ، و تجنيد عدد كبير من الايرانيين المعارضين للنظام سواء لأسباب اقتصادية أو قومية أو دينية ، اذا كان هذا هو تقدير المخابرات الصهيونية ، فانه من الضروري اللجوء باستمرار الى ما يفاجأ به هذا العدو ، فقد تمكنت مصر من تدمير خط بارليف ، وعبور القناة ، وتحرير سيناء ( لولا توقف زحف الجيوش المصرية من قبل السادات الذي هددته واشنطن لو وصل الجيش المصري الى تل ابيب ) ، في وقت كانت الاستخبارات الاسرائيلية في آخر تقرير لها حول الوضع على جبهة قناة السويس تقول بأنه هادئ ، ولا يتوقع أي عمل من قبل جيش مصر ، وصعقت المفاجأة اسرائيل ، واستنجدت غولدا مئير بالاميركيين ، وخضع السادات بدلا من أن يكمل الطريق .

مفاجأة العدو بالعمل عكس توقعاته ، هو الذي يكسر شوكة هذا العدو ، ويخطئ من يظن أن نزول مقاتلين نزول الصاعقة على اسرائيل سواء من البحر أو الجو أو البر سوف لن يدمر معنويات الجيش والسياسيين ، وسيمهد الطريق لهزيمة كبيرة لايمكنه معها أن تتمكن الولايات المتحدة من التدخل لأنها تحتاج الى وقت ، وهزيمة اسرائيل هي الطريق لتعديل الميزان وتحقيق العدالة ، والقضاء على الارهاب ، وخلق شرق أوسط خال من السلاح النووي ، ولكن يجب أن يكون الحساب والأهداف واضحة ، وان التمكن منها شبه مضمون ذلك لأن العدو قد وضع حساب الاحتمالات ، وقام بدراستها لكنه استبعد بعض الاحتمالات لأنه يعتقد أن ايران لن تجازف بمخططها لاعادة الولايات المتحدة للالتزام بالاتفاق النووي .

وهنا قد يكون العدو قد وقع في الحساب الخاطئ ، فمن يعتقد في اسرائيل بأن توجيه ضربة قوية لاسرائيل سوف تضعف ايران في الميزان الاميركي مخطئ ، فالولايات المتحدة تحسب حسابات مصالحها ، وكما قال بايدن : ” اميركا أولا ” ، وبما ان ايران هي في قمة جدول مصالح الولايات المتحدة ، فان قوتها هي التي ستجعل واشنطن تميل للتعامل معها بندية وبدون استكبار .

من ناحية اخرى ، فان الادارة الاميركية الجديدة لن تكون أبدا راغبة في زج نفسها بحرب تدمر قواعد جنودها في الخليج منذ اليوم الأول من ولايتها ، وهذا يلغي حسابات اسرائيل أو يشير الى ما أخفته مخابراتها من خشية حقيقية من الادارة الجديدة ، وهذا يفسر اصرار نتنياهو على القيام بعمليات كبيرة ، ومؤذية ، وصاعقة خلال الفترة المتبقية من حكم ترامب ، ولقد أخذ الضوء الأخضر ، وأرسل بمومبيو لذلك الأمر، والآن يرسل صهره كوشنر للسعودية لنفس الغاية .

أقصد أن اسرائيل لا تنتظر ، بل ستحاول توجيه أكثر من ضربة خلال هذه الفترة ، وتحرك ايران الهجومي سوف يخلط أوراق المنطقة ، فالمخابرات الاسرائيلية تتوقع أن تنتظر ايران ولذلك ، فالفرصة متاحة لها لمزيد من اللكمات لايران ، لكن حسابات محور المقاومة يجب أن تقوم على أساس أن الرد بقوة على اسرائيل سيحسن موقف المحور في وجه الادارة الجديدة .