أحلامٌ بريئة وأيادٍ ناعمة مُقيّدة بأصفادٍ وسلاسل مُريبة ، لا تليق البتّة بهذه القوارير، فلسطينياتٌ ك بستان زهرٍ يانع غض السيقان لم يكن يَدرِ زارِعَهُ أنه سيكون مداساً لجنُودِ حربٍ لعينة ستطحَن ذاك اليَنع وتسحقه بثقل ظلم قوانينها المجحفة مُبهِتةٌ رونقه دونما رحمة أو اكتراثاً حتى لِرقتهن ووَضعهن خلف زنازين إلتُهِمَت فيهن أعمارهن عبثاً ..
كائناتٌ رقيقة تتواجد في مكان مُظلِم لا يليق بِحُسنهن ، تتلون وجوههن وأجسادهن كلّ يوم بندوبٍ وكدمات جراء التعذيب بدلاً من تلوُّنها بألوان الربيع الزاهية ، يصرُخن ألماً بدلاً من تناغم ضحكاتِهن ، يبكينَ حسرةً ويَعتري ملامِحَهن بؤسٍ يكاد يغمر الكونِ بفيضٍ من الوحشة والتعب بدلاً من إشراق الوجه بابتسامة دافئة تذيب الجليد بكل انسيابية وَرِقّة .
قضبان مهترئة كما أجسادهن التي التَهمَتها رطوبة السجن وعثّ الفراش ولسَعات برد ليالي الشتاء القارس ، والتي تحول دونما معانقة أجسادهن لدفء خيوط أشعة شمس الشتاء ولَطافة برد رياح الصيف تحت سماء رحبة دون حد أو قيد !
فما ضر السجان لو عانَقن عبق نسيم بلادهن " فلسطين" بلاد السلام التي ما رأت أبداً سلام ..
ما ضرّ المحتل لو تَركهن يكبُرن دونما انتظارٍ مميت يُدمي أرواحَهُن رغبة بانقضاء أيام العمر القاسية تحت وطأة زنازينه ؟
ما ضرّ الجلاد لو أفلت إحكام قبضته عن أعمارهن وتركهن يكبرن في كنف أحبائهن ، ويقضين أوقات الصبا لحاقاً بشباب مفعم بالأحلام دونما وَذمات وندوب غائرة في الذاكرة والتي ستصاحبهن ككابوس يزاحم تلك الأحلام طوال سنوات حياتهن..
ولكن رغماً عن تلك الشيخوخة المبكرة التي طوقت أيامهن يحاولن التحدي بكل ما أتاهن الله من قوة لِيَكُنّ سنابلٌ خضراء بهيّة لن تمت بل ستفجّر في الكونِ قنابل وردية تلجُم سياط الجلاد المرعبة ، ينسِجنَ من ظلمات الزنازين أنواراً تزاحم الليل الذي خيم على أيامِهن ، وبضحكاتِهن الصاخبة تمتزج دموعٍ وآهاتٍ خفية تنطلق مُرفرفة لِعنان السماء فَيغزلنَ بكبريائِهن وعزّتِهن للشمس جداول .