تسعى أغلب الأمهات إلى تحقيق المثالية في تربيتهن لأبنائهن، فيحاولن طوال الوقت أن يتواجدن في حياة أطفالهن لتلبية رغباتهم المختلفة، معتقدات أنهن بذلك يعملن لصالح الأبناء.
لكن بحسب خبراء التربية فإن هذا السلوك لا يبني أطفالا صالحين ولا بالغين مستقلين، بل ينتقص من قدراتهم، أما الطريقة التي يراها البعض كسولة وتهتم بالأساس بالأم ولا تضع الكثير من المسؤوليات على عاتقها فهي تعد الوسيلة المثلى حتى يكتشف الطفل قدراته ويتعلم الاعتماد على النفس.
ما هي التربية الكسولة؟
يدخل الطفل من خلال التربية الكسولة في أنشطة قد تبدو صعبة أو أكبر من قدراته، وبينما تسعى بعض الأمهات إلى تجنب المواقف التي تضع الطفل في تحديات صعبة فإن تعليمه كيفية التغلب بنفسه على المأزق يجعله واثقا من نفسه ومعتادا على استخدام ذكائه في مختلف نواحي الحياة، كما أن سعادة الطفل بإنجاز مهمة كان يعتقد أنه لن يستطيع إنجازها إلا بمساعدة الكبار تجعله يميل فيما بعد إلى محاولة إنجاز الكثير من المهام الأخرى وحده.
وحتى يصبح طفلك شخصا ناضجا مسؤولا -حسب تقرير نشره موقع "ليزي بارينتنغ" (Lazy Parenting)- ينبغي تعليمه المسؤولية منذ الصغر، وهذا يعني عدم القيام بكل المهام عنه، بل تعليمه أنه يجب عليه أن يكون فردا مشاركا في المهام المنزلية بداية من عمر 3 أو 4 سنوات بحد أقصى.
كما أن الاهتمام بالواجبات المنزلية للطفل ومساعدته في إنجاز مهامه التعليمية يجعلانه شخصا غير منظم لا يستطيع متابعة أموره الشخصية البسيطة، لذا يتوجب على الطفل أن يقوم بنفسه بمعرفة واجبه المنزلي من المعلم مباشرة وعدم اللجوء إلى "مجموعات الأمهات" لمعرفة واجباته، ويجب أن يكون واعيا لما يحدث حوله ومدركا لما يندرج تحت مسؤوليته.
وهم التعرض للخطر
رغم أهمية هذا المسلك في تربية الأطفال فإن الكثيرين لا يزالون لا يعلمون عنه ويتعاملون مع الأهالي الذين يختارون هذه الطريقة في تربية أبنائهم على أنهم مهملون أو متحجرو القلوب ويعرضون حياة أطفالهم للخطر، وقد يتدخلون لإنقاذ طفل لا ينتمي إليهم لمجرد أنه كان على وشك السقوط على الأرض من ارتفاع قدم.
ويوصي موقع "بارينتنغ كايوس" (Parentingchaos) باختيار هذه الطريقة في التربية، إذ يمكن للأطفال أن يستمتعوا بحريتهم ويستكشفوا قدراتهم والعالم من حولهم، وفي نفس الوقت يقوم الأهل بمتابعتهم لحمايتهم من أي خطر مفاجئ.
وفي النهاية لا يهدف هذا النهج في التربية إلى تعريض حياة الطفل للخطر بصورة متعمدة، لكنه لا يوجد ضرر بالغ إن تعرض الأطفال للإصابة بكدمة أو جرح سطحي، فعلى الرغم من أن الأمر بالتأكيد مؤلم فإن التجربة ستعلمه ما لن تعلمه لهم الأوامر.
وعندما لا يسمح الأهل لأطفالهم بالدخول في تجارب تتحدى قدراتهم أو إنجاز مهام تبدو ظاهريا صعبة فهم يحدون من قدرات أبنائهم ولا يسمحون لهم بالتطور الكافي، فيصبح اعتماد الأطفال على والديهم كليا، فلا يستطيعون إنجاز أي من الأمور البسيطة في حياتهم، ويتطور الأمر تدريجيا ليرافقهم حتى بعد أن يصبحوا بالغين.
اعلان
ولا يقتصر الأمر على ذلك، ولكن قد يؤدي التدخل الدائم للأهل لإنجاز مهام أطفالهم البسيطة إلى شعور الأطفال بأنهم غير مؤهلين وغير جديرين بالثقة.
خطوات التربية الكسولة
ويقترح موقع "ماذر لي" (Mother.ly) بعض الخطوات الأساسية تجاه تحقيق هذا النوع من التربية، فمنذ البداية يمكن ترك الطفل في غرفة واحدة محاطا بالكثير من الأغراض التي يسمح أن يستكشفها بأمان، مع ملاحظته طوال الوقت ولكن دون التدخل، سواء بالفعل أو التوجيه.
ويمكن تعليم الطفل المشاركة في المهام المنزلية بصورة تدريجية، ففي البداية عليه إلقاء أغلفة الحلوى في القمامة، ورفع طبقه عن طاولة الطعام، ثم البدء في مساعدة الأهل في غسل الصحون ونشر الغسيل وترتيب المنزل، تمهيدا ليصبح هو المسؤول عن مهام بعينها دون تقديم المساعدة له.
ويكمن نجاح التربية الكسولة في تقبل النتائج التي قد تحدث عندما يتولى الطفل بعض المسؤولية، فربما سيسكب كوب الحليب على الأرض وسيوقع الطعام من الصحن على ملابسه، ولكن يجب تقبل هذه النتائج السلبية بصدر رحب وعدم توبيخ الطفل أو لومه، ومحاولة توجيهه بشكل بسيط لكيفية إتمام الأمر بطريقة صحيحة.
وعندما يكبر الطفل قليلا ويقضي عددا من الساعات بعيدا عن الأهل في المدرسة يجب أن يصبح مستقلا في قضاء الكثير من أموره اليومية، وهنا يجب على الأم أن تعلم طفلها بصورة مباشرة كيف يستطيع الاعتماد على نفسه، وتعليمه كيفية تحضير دروسه وحقيبة المدرسة بدون إشراف من الأهل.
وفي النهاية، إن التربية الكسولة ليست كسولة حقا، بل هي منهاج مهم في التربية تجعل الطفل يعتمد على نفسه، ولكن لا تزال هناك مهام عدة ليقوم بها الأهل، فهم المسؤولون أولا وأخيرا عن أطفالهم وعن مراقبتهم طوال الوقت حتى إن لم يتدخلوا لإنقاذ كوب الحليب من السقوط.