رسالة اسرائيلية من طهران الى إدارة بايدن

حجم الخط

اسرائيل اليوم – بقلم دان شيفتن

اذا كانت اسرائيل بالفعل هي التي صفت “أبا القنبلة الذرية الايرانية”، فان اهمية العملية تلمس علاقاتها مع الولايات المتحدة بقدر لا يقل عن احباط القدرة النووية. في مرحلة تصميم السياسة في واشنطن، والتي سيتقرر فيها اذا كانت نزعة المصالحة لدى اوباما ستعود لتملي الخطوات تجاه ايران، فانها تستهدف التأثير على معادلة الاعتبارات العالمية والاقليمية للرئيس الجديد. بايدن مطالب بان يدرج في المعادلة ايضا التصميم في القدس على الاحباط بكل ثمن لتطلعات الهيمنة الايرانية في الشرق الاوسط والتي تهدد بان تضع اسرائيل، اول مرة منذ حزيران 1948،  امام خطر وجودي.

​التهديد على اسرائيل ليس نوويا. فالترسانة النووية ووسائل اطلاقها تأتي لمنح نظام آيات الله الحصانة من رد ساحق على خطواته التقليدية  – مباشرة ومن خلال فروعه. يدور الحديث عن استغلال الضعف البارز للدول العربية وتفوق المجتمع الايراني، مضاف الى ذلك الوحشية والذكاء لدى النظام، لفرض الهيمنة الايرانية على المنطقة. اذا ما تجمعت مقدرات المنطقة الهائلة – الاقتصادية، الاستراتيجية والدينية – في خدمة الدافع الثوري للراديكاليين الاسلاميين في طهران فستجد اسرائيل صعوبة في الدفاع عن نفسها واوروبا ستقف امام خطر فوري وقاسٍ. يدور الحديث عن تهديد ذي معنى عالمي، يتحقق عمليا في مرحلة متقدمة في العراق، في سوريا، في لبنان وفي اليمن.

​اسرائيل مصممة على أن تمنع هذا السيناريو بالقوة. ينبغي أن يكون المرء هاذيا كي يفترض بانه يمكن منعه دون ضغط مكثف – اقتصادي وعسكري. اذا تحقق اتفاق فهذا دليل على أنه سيء: موافقة ايرانية في اي موضوع هي دليل قاطع على هامشيته او نجاحه في تضليل محاور. يجدر الحذر من المقارنة مع اتفاق هتلر – تشمبرلين في ميونخ في 1938؛ هذه المرة، كأمر استثنائي، يجدر الاشارة بمصداقية الى وجه الشبه.

​تعيش اسرائيل عمليا في السنوات الاخيرة في حرب وقائية بقوى متدنية ضد السيطرة الايرانية. وهي تعمل بنجاح لا بأس به، بدعم من الولايات المتحدة، في صدها بالقوة في المفترق الحيوي لسوريا. تعرف معظم الدول العربية جيدا بان اسرائيل فقط يمكنها أن تمنع سيناريو الكابوس الاقليمي من أن يتحقق. هذا هو السبب الاساس لكشف العلاقات بين اسرائيل وبين دول الخليج وتعميقها ايضا في دول لا تزال “لم تخرج من الخزانة”. كما أن التوقيت ليس صدفة. فالخوف من عودة السياسة الخطرة لاوباما تقربها من القدس على افتراض انه لا يمكن الاعتماد على واشنطن.

​ان كفاح اسرائيل والدول العربية ضد التطلعات الاقليمية لايران هو كفاح وجودي. فليس لهم خيار للانخراط في السياسة التصالحية لادارة بايدن وشركائها الاوروبيين حيال ايران. والكل يذكر الحالة السابقة التي اخطأ فيها الرئيس الامريكي بتوقعات هاذية بشأن الثمار الناضجة لنزعة المصالحة تجاه التطرف الشرق اوسطي الذي عرض للخطر كل جيرانه: في اعقاب سذاجة آيزنهاور حيال ناصر في 1956، سحلت جثث رؤساء النظام المؤيد لامريكا في المنطقة في شوارع بغداد، ونجا الملك حسين بصعوبة بفضل مظليين بريطانيين، ونزلت قوات المارينز  قرب بيروت لانقاذ كميل شمعون، و عانت كل المنطقة من الحروب ومن المؤامرات على مدى عقد ونصف.  

​ان تصفية “أبي القنبلة” الى جانب تقرب معظم الدول العربية لاسرائيل يؤشران الى بايدن الى تصميم الائتلاف المؤيد لامريكا في الشرق الاوسط على مكافحة ايران. يمكن للائتلاف أن يساهم في الاستقرار النسبي في المنطقة، شريطة أن تبتعد الولايات المتحدة عن الارث الهاوي والفاشل لاوباما بروح خطاباته الباعثة على الالهام في القاهرة وفي انقرة. لم يفهم اوباما القوى الاقليمية، وكاد يدهور مصر الى مصيبة بتأييده للاخوان المسلمين وبذر مقدرات القوة العظمى في تركيز غريب وفاشل على الموضوع الفلسطيني.  

​تسعى الولايات المتحدة في اجماع واسع من الحزبين لفك الارتباط عن تدخلها المباشر في الشرق الاوسط والتركيز على آسيا. ولغرض فك الارتباط المسؤول، في ظل استقرار المنطقة فانها تحتاج الى شراكة عميقة مع اسرائيل ومع الاىئتلاف العربي المتشكل. مثل هذه الشراكة لا يمكن بناؤها على تجاهل امريكي للاحتياجات الحيوية لاعضائها وعلى نزعة مصالحة عديمة المسؤولية حيال العدو الخطير للدولة اليهودية والانظمة العربية. لقد تلقى بايدن تذكيرا بذلك.  ​