-خبر-كتب: ريما كتانة نزال
25 تشرين الأول 2015
احتل العمل على الصعيد السياسي الخارجي مكانته المميزة في برنامج عمل الأطر النسوية الجماهيرية، وعلى وجه الخصوص في برنامج الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، الأمر الذي أضاف زخما، موازياً ومكملاً، للعمل السياسي الفلسطيني في الساحات الخارجية. فقد شهدت المحافل الدولية صوْلات وجوْلات نسوية حققت انجازات خالدة، ومنها وأبرزها انتزاع قرار اعتبر الصهيونية حركة عنصرية من مؤتمر المرأة العالمي المنعقد في المكسيك عام 1975، في ظروف وموازين مختلفة نوعياً.
وفي الجانب النسوي الموازي، فإن رؤية المرأة لدورها السياسي ينبع من التزامها العضوي بالموقف الوطني، حيث تعمل على إدماج قطاع المرأة في الأجندة الوطنية، في الوقت ذاته، تعمل على تكييف خططها وأقلمتها بمرونة كاملة للموقف الوطني العام على اعتبار أن الأولوية للقضايا الوطنية بجانب القضايا الاجتماعية. وفي التدويل لم يكن عليها تكييف خططها لتدمج قرار المجلس المركزي في أجندتها، لان العمل على البعد الخارجي أحد أولوياتها المستهدف بأنشطتها.
هنا، لا بد من الإشارة إلى أن المرأة الفلسطينية ممثلة بأطرها الفاعلة عملت على تدويل الصراع في محطات مختلفة، بمعنى توجهها نحو المحافل الدولية طالبة التضامن والإسناد الدوليين لصالح قضيتها.
وعليه، ذهبت الرؤية الفلسطينية النسوية للقرار 1325 إلى مفهوم التدويل منذ اللحظة الأولى لتناوله والعمل بموجبه، دون استخدامها ذات المصطلح، بل عبّرت عن مضمون التدويل بمصطلحات ومقاصد أخرى.
وأرى بعد التدويل في القرار في المفهوم النسوي الفلسطيني: في توسيع مساحة الاشتباك السياسي مع الاحتلال وأشكالها، وكذلك توسيع مشاركة الأطراف الفاعلة، وعلى وجه الخصوص الأطراف النسائية الدولية في الصراع، انطلاقا من نص القرار. لا سيما أن القرار 1325 هو القرار الأول الصادر عن مجلس الأمن الذي يتعامل مع حالة النساء في الصراع. قيمة القرار الثورية ذات القيمة المضافة، في كونه يدعو إلى عدم تمكين الجناة من مرتكبي الجرائم اثناء الصراعات والحروب من الإفلات من العقاب؛ عدا عن مطالبته بمساءلتهم وحماية النساء والطفلات في ظروف الصراع، داعياً إلى تشكيل الائتلافات والشبكات العابرة للحدود بين المؤسسات النسوية للعمل بالقرار.
لقد ابرزت الرؤية الفلسطينية والخطة الاستراتيجية لتطبيق القرار 1325 أهمية البعد الدولي في العمل للوصول الى تطبيق هدف القرار بتحقيق الأمن والسلام. من خلال مقاربة نسوية حقوقية، تنطلق وتمر من استثنائية بنود القرار وتوجهه للمطالبة بإشراك النساء في التدخل في الحلول السياسية والأمنية وعكس خصوصيات ومطالب النساء؛ اللاتي شاء قدرهن أن يعشن في دول الصراع أو المهددة في كل لحظة بانفلاته، على اعتبار أن انعكاساته تتم عليهن بشكل مختلف، أكثر قسوة وامتهاناً لكرامتها وإنسانيتها؛ بسبب جنسها الأنثوي وخصوصيته؛ وانكشافها في مجتمع تقليدي محافظ، اثناء الهجرة وتدمير البيوت وولادتها، بكل تجلياته الاجتماعية والامنية والانسانية.
لقد تم النظر لمطلب الحماية ضمن توجهيْن: أولاهما استهدف استنهاض البعد الشعبي الدولي في حماية الشعب عن طريق حث لجان التضامن الدولي النسوية لتفعيل وزيادة معدلات قدومها إلى فلسطين، للمرابطة في المناطق المستهدفة والمهددة من قبل الاحتلال بالمصادرة والتخريب وإقامة المستوطنات وبناء الجدار. وللتذكير، فقد صنعت لجان التضامن الدولية بؤرا مهمة لتوضيح ما يتعرض له الشعب من صنوف الانتهاكات الجسيمة، عدا عن جعل أجسادهم دروعا بشرية تحمي المواطنين وأملاكهم المستهدفة بأوامر الهدم والمصادرة، وقد حقق التواجد الدولي الشعبي أهدافه، ولنا في استشهاد الأميركية الجنسية «ريشيل كوري» وغيرها أكبر دليل على أهمية إعلامية في فضح الاحتلال واستهدافاته ودور الناشطين والناشطات في الحماية.
أما التوجه الثاني للحماية: فتذهب نحو طلب الحماية الدولية من المستوى الرسمي، أي الجهة التي أصدرت القرار ممثلة بالأمم المتحدة ومسؤوليتها الخاصة عن تطبيق قرارها ومسؤوليتها عن حماية النساء في دائرة الصراع، وهو المطلب الذي أجمعت عليه مختلف شرائح وفئات الشعب الفلسطيني؛ في ظل انكشاف الضحايا وموازين القوة المختل تماما لصالح الاحتلال بامتلاكه ترسانة معقدة من الاسلحة والمعدات، علاوة على اختلال الميزان السياسي في مجلس الأمن تحديداً.
التدويل بالمفهوم النسوي للقرار 1325 أيضا يعني مساءلة الاحتلال: ومن هنا تم التوجه نحو توثيق انتهاكات الاحتلال ضد النساء، حيث انجزت خمسة استمارات بالتعاون مع مكتب المفوض السامي وكذلك مؤسسات المجتمع المدني ذات الاختصاص لتوثيق انتهاكات الاحتلال: ضد النساء القاطنات قرب الجدار والمستوطنات وضد المقدسيات واللاجئات وضد النساء في غزة، بهدف تقديمها للمؤسسات الدولية ذات الاختصاص ومنها مجلس حقوق الانسان ومحكمة الجنايات.
التدويل أيضا كما عبرت عنه الرؤية النسوية للائتلاف، يعني مساهمة الأطراف النسوية الفاعلة «مؤسسات نسوية وشخصيات فاعلة» في إلزام ومساءلة المجتمع الدولي حول دوره ومسؤوليته القانونية الدولية اتجاه حماية النساء الفلسطينيات من انتهاكات الاحتلال، وبهدف اشراكهن وتوظيف امكانياتهن في تنظيم حملات المناصرة على المؤسسة الدولية، وكذلك التعاون معهن في تنظيم جلسات الاستماع وفي تقديم الشهادات واستخدام الآليات الدولية ورفع الصوت عاليا.
في التدويل أيضا، تم إيلاء المساهمة في تفعيل الجهد النسوي الاهتمام في تنفيذ القرار من زاوية مشاركتها في لجنة مقاطعة اسرائيل وسحب استثماراتها، والعمل من خلال التواجد في المحافل الدولية والمؤتمرات العالمية من أجل توسيع نطاق المقاطعة الدولية عبر المؤسسات النسوية وعزل اسرائيل وتفعيل أدوات الضغط عليها والنيل منها.
*من ورقة العمل المقدمة الى مؤتمر مسارات حول «التدويل»