أعلنت سلطة النقد، والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، صباح يوم الأحد، أنّ الاقتصاد الفلسطيني سجل تراجعاً حاداً يصل إلى 12% خلال عام 2020، جراء جائحة "كورونا" وتداعياتها.
وقالت سلطة النقد والإحصاء في بيان صحفي مشترك حول أداء الاقتصاد لعام 2020، والتنبؤات الاقتصادية لعام 2021: "إنّه جراء هذا التراجع شهدت معظم الأنشطة الاقتصادية تراجعاً في القيمة المُضافة، ما أدى لانخفاض ملحوظ في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتزايد في عدد العاطلين عن العمل لتدخل فئات جديدة إلى دائرة الفقر، ويتراجع بذلك مستوى الطلب العام لمؤشري الاستهلاك والاستثمار الكلي".
وأشارا إلى أنّ العام 2020 شهد تراجعاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12% مقارنه مع عام 2019، فمع بداية التأثر بجائحة "كورونا" والتي ألقت بظلالها خلال الربع الأول من عام 2020، شهد الاقتصاد الفلسطيني تراجعاً نسبته 4% مقارنة مع الربع المناظر 2019، ليزداد التراجع في ظل تعمق الجائحة، والتي على أثرها فرضت مجموعة من الإجراءات ضمن حالة الطوارئ.
وشهدت فلسطين إغلاقاً جزئياً وشاملاً على فترات متقطعة وذلك للحد من تفشي هذا الوباء، تركز هذا الإغلاق خلال الربع الثاني من عام 2020، وسجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً حاداً بحوالي 20% مقارنة مع نفس الربع من العام السابق، وخلال النصف الثاني من عام 2020، بدأت معظم الأنشطة الاقتصادية بالتعافي التدريجي، وذلك من منطلق الموازنة بين الاقتصاد والصحة.
وارتفع الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن مستواه ظل أقل مما كان عليه قبل الجائحة، متأثراً أيضاً بإجراءات الاحتلال الإسرائيلي المتعلقة بحجز عائدات المقاصة، والتي استمرت لأكثر من سبعة أشهر متتالية، وتشكل تلك الأموال ما نسبته 70% من إجمالي الإيرادات وتعتبر المصدر الأساسي لتغطية النفقات الجارية. وعلى مستوى الإنفاق تراجع الإستهلاك الكلي في فلسطين خلال نفس العام بنسبة 6% كما تراجع الاستثمار الكلي بنسبة 36%.
وبين الإحصاء وسلطة النقد أن معظم الأنشطة الاقتصادية شهدت تراجعاً ملحوظاً في قيمتها المضافة خلال العام 2020 مقارنة مع العام 2019. وسجل نشاط الخدمات أعلى قيمة تراجع وبنسبة 10%، كما تراجع نشاط الإنشاءات بنسبة 35%، ثم نشاط الصناعة الذي تراجع بنسبة 12%، وشهد نشاط الزراعة تراجعا بنسبة 11%.
وأكدا استمرار عجز الميزان التجاري وتراجع حجم التبادل التجاري مع العالم الخارجي وإنخفاض الواردات والصادرات من وإلى فلسطين، وأشارا إلى أنه خلال العام 2020 بلغ حجم التبادل التجاري من وإلى فلسطين 10 مليارات دولار أميركي أي بنسبة تراجع وصلت إلى 10% مقارنة مع عام 2019، وذلك نتيجة لانخفاض الصادرات بنسبة 7% لتصل إلى 2.5 مليار دولار أميركي، وانخفاض الواردات بما نسبته 11% لتصل إلى 7.4 مليار دولار أميركي خلال عام 2020، ليشهد الميزان التجاري تراجعاً في العجز ويصل حوالي 5 مليارات دولار أميركي.
وبينا أن توقف أكثر من 66 ألف عامل عن العمل خلال العام 2020، أدى لارتفاع معدل البطالة إلى 27.8%، ما يعكس انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 14%، ودخول فئات جديدة إلى دائرة الفقر والفقر المدقع.
وأشارا إلى أن إجمالي عدد العاملين في سوق العمل انخفض من 951 ألف عامل عام 2019 إلى 884 ألف عامل عام 2020، وارتفع معدل البطالة من 26.3% إلى 27.8%، وذلك بسبب التأثير بتداعيات جائحة كورونا على مفاصل الاقتصاد الكلي.
كتقديرات أولية، سجل متوسط الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك في فلسطين خلال العام 2020 انخفاضا نسبته 1.0% مقارنة مع العام 2019.
توقع عودة الاقتصاد للنمو في عام 2021:
أصدرت سلطة النقد والجهاز المركزي للإحصاء تقريرين حول التنبؤات للعام 2021، تضمنت التنبؤ بالمؤشرات الرئيسية في الاقتصاد خلال العام 2021 وفق سيناريو الأساس، بافتراض بدء عودة النشاط الاقتصادي بشكل تدريجي إلى مستوياته التي كانت سائدة قبل الأزمة الصحية "كوفيد-19"، نتيجة توفر اللقاح في المدى القريب، والانتظام في تحويل أموال المقاصة للحكومة، وعودة حالة الاستقرار النسبي في الأوضاع السياسية والاقتصادية. وقد تم عكس هذه الافتراضات على المؤشرات الاقتصادية في القطاعات الرئيسية.
وعلى مستوى القطاع الحقيقي (الناتج المحلي الإجمالي والسكان وإحصاءات العمل والأسعار)، تم افتراض تعافي مؤشرات الاستهلاك (بشقيه العام والخاص) والاستثمار، إضافة إلى الاستمرار في الاستراتيجيات القطاعية والتنمية بالعناقيد والتركيز على القطاعات الإنتاجية وخاصة قطاع الطاقة النظيفة والإبداع التكنولوجي تنفيذا للسياسات الاقتصادية الحكومية المرتبطة بالانفكاك الاقتصادي التدريجي عن اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي. كذلك، تم افتراض تحسن نسبي في مستويات التوظيف والتشغيل المحلي، بالإضافة إلى ارتفاع عدد العمال الفلسطينيين في "إسرائيل".
وفي قطاع المالية العامة (الإيرادات والنفقات ودين الحكومة المركزية)، تم افتراض ارتفاع مستوى الإيرادات الحكومية مقارنة بمستواها في عام 2020، وتحسن وتيرة الإنفاق الحكومي.
وفي القطاع الخارجي (التجارة الخارجية وميزان المدفوعات)، تم افتراض تعافي مؤشرات التجارة الخارجية، والتحويلات الجارية المقدمة للقطاع الخاص.
أما في القطاع النقدي (التسهيلات الائتمانية والودائع وأسعار الفائدة)، فقد تم افتراض تحسن معدلات التسهيلات الائتمانية المقدمة للقطاع الخاص بهدف دعم المشاريع التنموية.
وبالاستناد إلى هذه الافتراضات، تشير التنبؤات إلى إمكانية تحقيق نمو حقيقي خلال العام 2021 وفق السيناريو الأساس بنسبة تتراوح بين 6% إلى 7%، وأن يؤدي هذا النمو إلى تحسن مرتقب في مستوى الدخل الفردي بنحو 4%.
وأشارت التنبؤات إلى أن هذا الأداء سيكون مدفوعاً بتعافي الإنفاق الاستهلاكي الكلي بنسبة تتراوح بين 3% إلى 5%، مع تحسن في وتيرة النمو في الاستثمارات إلى حوالي 20%. وكذلك سيكون لهذا الأداء أثر على القطاع الخارجي.
ومن المتوقع أن تنمو الصادرات بنسبة تتراوح بين 4% إلى 8%، إلى جانب تسارع النمو في الواردات أيضاً وبنسبة تتراوح بين 5% إلى 8%. وفي المقابل، يتوقع أن ينعكس التحسن الاقتصادي بشكل إيجابي على معدلات البطالة ولكن بشكل طفيف لينخفض معدل البطالة بنقطه مئوية واحدة فقط ضمن هذا السيناريو.
وقالت سلطة النقد والإحصاء: "إنّ هذه التنبؤات تبقى عرضة لبعض الصدمات محتملة الحدوث، خاصة وأن الاقتصاد يعمل في ظل بيئة يحيط بها قدر كبير من المخاطر وعدم اليقين، وما يرافقها من تداعيات وانعكاسات على مجمل النشاط الاقتصادي. ففي كل عام هناك أزمة جديدة أو استمرار لأزمة سابقة، سواء كانت على الصعيد السياسي، أو على الصعيد الاقتصادي. وفي ضوء هذا الواقع، فقد تم تضمين التنبؤات تحليلاً للمخاطر المحتملة الحدوث وبدرجات متفاوتة (السيناريو المتفائل، والسيناريو المتشائم)، والتي من المتوقع أنّ تكون لها تداعياتها الإيجابية أو السلبية على الأداء الاقتصادي في المدى القريب".