منذ أن انطلقت الهبة الشعبية المباركة والكل يحاول القفز على صهوتها مدعيا بأنه من يقف خلف هذا الفعل الجماهيري وهو من يقوم بإدارة مطبخها الميداني وهنا لابد من ما يتعرض له شعبنا من قهر وظلم وتنكيل على يد المحتل كان الكفيل بزيادة مخزون الكراهية للمحتل وكما كان اليأس من مسار ونتيجة المفاوضات دور كبير في تغذية هذا المخزون أضافة لحالة التنكر الدولي في ايجاد السبيل من أجل وضع حد هذا الاحتلال البغيض ,ولكن الشعرة التي قسمت ظهر البعير كما يقال في المثل الشعبي كان غباء حكومة الاحتلال حين فكرة في اختبار شعبنا في عقيدته من خلال الاعتداء على المسجد الاقصى والعمل على تقسيمه زمانيا ومكانيا والسماح للإرهابيين الصهاينة بالدخول فيه والعبث فيه ,هنا كان الجواب الذي لا يمكن تأخيره فكانت الهبة الشعبية التي حملت في طياتها كل المعاناة التي يعانيها شعبنا وخاصة حينما شعر أبناء شعبنا الاعزل بحالة القصور والوهن والانشغال من قبل الفصائل الفلسطينية بشكل عام ,وحالة الانقسام الوطني التي باتت ثابت من ثوابت الصورة العامة الفلسطينية أضافة الى الحالة العربية التي اضحت مشغولة في صراعات قبلية نتنة قبيحة ,كل هذه الصورة أوصلت شبابنا بشكل عام وأبناء القدس بشكل خاص الى مشهد أيماني رافق سيدنا موسى حين هرب من فرعون فكان البحر أمامه وفرعون خلفه وليس بيده سوى العصا وفي قلبه الايمان بأن الله سينصر الحق ,فكانت السكين والحجر هي الاداة التي تقل عن السلاح وتزيد عن الحراك السلمي الذي مضى عليه سنوات دون أن يوقف ظلم أو يعيد حق على الرغم من الانجازات التي يحققها في بعض الميادين مثل المقاطعة وزيادة التعاطف والالتفاف الشعبي الدولي مع قضيتنا ولكن في هذه الحالة أي الحراك السلمي عاش المواطن الصهيوني بشكل عام والمستوطنين بشكل خاص في أريحية حيث لم يوقف الاستيطان ولم ترفع حواجز ولم يكن هناك تأثير مباشر عليهم ولكن بفعل الحراك الحاصل اليوم أصبح الأمن المجتمعي الصهيوني مهدد بالخطر والدليل واضح من خلال القتل بنيران صديقة ومن خلال الاقدام على شراء السلاح بشكل هستيري من قبل المواطنين الصهاينة أضافة الى الخسائر على الصعيد الاقتصادي التي كلفت الخزينة الصهيونية خلال الاسابيع الثلاثة الاولي ما يزيد عن مليار و300مليون دولار أمريكي .
هذه الحالة دفعت الى التحرك السريع من قبل حلفاء الكيان الصهيوني وخاصة امريكيا ممثلة في وزير خارجتها والذي جاء على عجل بهدف وقف تلك الهبة الشعبية والقضاء عليها في المهد لكي لا تتطور وتنمو وتصبح جزءا من الفعل الشعبي اليومي العام من خلال التعاون مع بعض الاطراف العربية ومن خلال بعض الحلول الترقيعية دون الدخول الى المسبب الحقيقي العام لتلك الهبة وهو الاحتلال ,وهنا السؤال كيف يعقل أن يقبل قائد عربي مسلم بأن تكون الصلاة في الاقصى الذي هو جزءا من العقيدة بأذن من المحتل وكيف يكون المسلم في أولى القبلتين وهو تحت أعين وبصر الصهاينة وهل قدسية القدس تكمن في المسجد الاقصى أم في القدس بشكل عام المشكلة في الاحتلال يا سادة وقادة العرب والمسلمين ,في الحواجز ,في السور الواقي الذي قطع المدينة 'في الاستيطان الذي يعمل على تهويد المدينة ومحو طابعها العربي والاسلامي .
من خلال تلك النتائج الظاهرة اليوم لن يجرؤ مسئول فلسطيني أي كان موقعه و مكانته على الطلب من الشباب الثائر بالتوقف لعدة اسباب أهمها بأن المطروح لا يمحو الاسباب التي كانت وراء خروج الشباب عن حالة الصمت بعد عشرات السنوات من الانتظار لقطار السلام لكي يصل وهو يحمل الامل لهم دون أن يصل .
والثاني والرئيس بأن هذه الهبة لم تتفجر بقرار سيادي من أحد ولكن كانت بدافع غباء الحكومة الصهيونية وهي من يملك اليوم قرار إيقافها من خلال انهاء الاحتلال والاقرار بحقوق شعبنا وتطبيق قرارات الشرعية الدولية .
لذى يجب على هؤلاء الشباب العمل على تطوير العمل الميداني من خلال مشاركة جماهيرية واسعة وجعل الاستيطان وقطع الاشجار وقتل الانسان والطفل الفلسطيني بثمن وأن لا تبقى المستوطنات أماكن أمنة والوصول أليها ليست بالسهولة والمؤمنة وجعلهم يفكرون ألف مرة حينما يرغبون في الاقامة على أرضنا أو قطع اشجارنا أو تخريب منشئاتنا ,كما يجب العمل على تنمية روح المقاطعة لكل المنتجات الصهيونية من خلال ايجاد البديل الوطني والعمل من قبل الشباب الثائر على ايجاد قيادة ميدانية تنشغل في فعاليات يوميات الانتفاضة دون الانغماس في العمل السياسي وترك الساسة يمارسون ما يريدون من عمل سياسي وحين الوصول الى حدود الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس حينها سيجد شاب الانتفاضة كلهم اذان صاغية بوقف هذا الفعل النضالي ,فالانتفاضة اليوم هي السلاح الذي يجب ان يحافظ عليه من قبل الجميع دون ادخاله في المهاترات والردح عبر الفضاءات المتعددة بقصد الكسب الفصائلي على حساب قضية وطنية ثمنها دماء وأشلاء .
نبيل البطراوي