التنسيق ما قبل "المركزي"...ضرورة وطنية فلسطينية!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 وأخيرا، بعد سبات غير مبرر، عادت أحد مؤسسات منظمة التحرير الى الظهور وعقدت اللجنة التنفيذية اجتماعا لها، وبعيدا عن تفاصيل البيان، فالأهم تركيزه على محورين، الأول بحث عودة العلاقات مع أمريكا، والثاني عقد المجلس المركزي القادم، بما يتطلب متن ترتيبات خاصة.

فيما يتعلق بالمحور الأول، وعودة العلاقات مع أمريكا يسير بالتنسيق المشترك الذي أخذ بالتفاعل السريع، بين "الثلاثي العربي" مصر، فلسطين والأردن، تجاوبا مع ما بادرت اليه "الرباعية الدولية" لإعادة عملية التفاوض نحو حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ضمن تصور جديد وإطار هو الأول منذ عام 1967، مستفيدا من خطوتين غيرتا المشهد السياسي الإقليمي، تعلقت بحركة التطبيع المتسارعة بشكل فاق كل توقعات سابقة، والأخرى، عودة حركة التنسيق الكاملة بين السلطة الفلسطينية ودولة الكيان.

التنسيق الثلاثي، يمثل رأس حربة قد يكون الأبرز منذ سنوات لبلورة "رؤية سياسية" متفق عليها لتصبح قاعدة لـ "الحل الممكن"، تطويرا لمبادرة السلام العربية، بعد أن كسرت أحد "شروطها" في معادلة "التطبيع والسلام"، ما قد يخدم حركية الحل دون "الذرائع التاريخية" للكيان الإسرائيلي الهارب من حل حقيقي مع الممثل الفلسطيني، كونه يدرك أن ذلك، دون غيره، من يقف حاجزا أمام "عدوانية فكرية – أمنية" والحد من أبعاد توسعية بمسميات مختلفة
وبالتأكيد، يجب أن يمثل ذلك التنسيق المتطور عربيا، مزيدا من العمق والتعاون، لقطع الطريق على "أطراف" عربية – إقليمية لمحاولة التخريب بمظاهر عدة، وعبر أدوات فلسطينية تدرك أن تلك العملية تمثل "تهديدا مباشرا" لمشروعها الانفصالي الذي عملت له طويلا، واعتقدت أنه على أبواب "قطف ثماره الكيانية"، خاصة وأن دولة الاحتلال تعمل على ترسيخ ذلك، كونه قوة فعل لكسر "وحدة الكيان الفلسطيني".

قوة الدفع السياسية نحو "عودة المفاوضات"، يفرض ذاته على الرئيس محمود عباس و"بقايا التنفيذية" بتشكيل إطار خاص يتولى فعليا إدارة ملف التفاوض بكل ما كان به سابقا، ومراجعة جذرية لما قدمته من "أفكار ومشاريع حل وسط"، وتطويرها بما يخدم الاقتراب من المشروع الوطني، لتحقيق تفاهم داخلي قبل أن تكون في سياق "التنسيق الثلاثي"، وتلك ليست عملية مرتبطة بالمصالحة أو التصالح، بل بتنسيق سياسي، بعد تشكيل "لجنة مفاوضات عليا" كإطار خاص يتولى متابعة كل ما سيكون، ويمكن له ان يضم قوى سياسية وخبراء، مع وجود "خلية عمل مصغرة" تتابع منتجات المتفق عليه.

ذهاب الرئيس عباس نحو ذلك، يزيد من قوته ليس مع "الثلاثي العربي" فحسب، بل فلسطينيا وعربيا ومعهما دوليا، ويقطع الطريق على دولة الكيان وغيرها بالمس بالتمثيل، وهناك أشكال متعددة لتعزيز التنسيق، في حال رفض البعض المشاركة في لجنة المفاوضات العليا، لكن العمل بها قوة سياسية، وحصار للانعزالية المتزايدة بفعل فاعل غير فلسطيني.

وبالتوازي، ومبكرا جدا، يجب العودة لإطار اتفاق بيروت يناير 2017، الذي ضم مختلف القوى، وبحث قضايا خاصة بتركيبة المجلس المركزي القادم، ومهامه التي يجب ان تقترب من عملية التشريع، أو الاتفاق مبكرا بين "قوى إطار بيروت"، على أن يكون بمهام مجلس وطني بحيث يسمح له النظر في قضايا جوهرية تسمح بالانتقال من مرحلة "الانتقالية السياسية" الى مرحلة "الكيانية المستقلة"، ومن بين المهام الممكنة:

تشكيل برلمان دولة فلسطين من بين أعضاء المجلسين المركزي والتشريعي "المنحل"، مستندين في عضوية التشريعي على نتائج "التمثيل النسبي" وليس الفردي، باعتباره المقياس الأنسب، لتجاوز "عقدة رقمية"، قد تمثل عقبة تطيح بالأهم السياسي.

يقوم برلمان دولة فلسطين، بانتخاب رئيسها الى حين توفر ظروف عقد انتخابات عامة، رئاسية وبرلمانية.

اختيار حكومة دولة فلسطين لتصبح ممثل موحد، ومعها تعلن حركة حماس انتهاء العمل بكل أشكالها القائمة، وتسليم قطاع غزة بكل ما له الى الحكومة الجديدة، والبحث في آلية تشكيل جهاز أمني موحد.

العمل على تشكيل "جيش وطني فلسطيني" يستوعب كل الأجنحة العسكرية الفصائلية، وفق قواعد متفق عليها، وهناك مقترح شامل تم الاتفاق عليه عام 2003 بين وفد من فتح وفد من حماس بقيادة الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، مثل نقلة نوعية في التفكير الوطني (ولعل ذلك أحد أهم أسباب اغتياله إسرائيليا).

تشكيل "لجنة تنفيذية" جديدة بما فيها انتخابات رئيس الصندوق القومي الفلسطيني، وإعادة دراسة مهامها وفق للمستقبل، كونها ممثل عام للشعب الفلسطيني، بحيث تصبح دوائرها بعيدا عن دولة فلسطين، تتوافق مع الوجود العام في الشتات وقضية اللاجئين الفلسطينيين.

عناصر، قد تكون ضرورية ما قبل "الهجوم السياسي الكبير" القادم، لو حقا يراد حماية المشروع الوطني من الانهيار انفصالا أو تهويدا، دون تجاهل أن المسألة بالتأكيد ليس في سياق "حسن النوايا"، ولكن لقطع الطريق على "سوء النوايا".

ملاحظة: سباق التفاهم بين أزرق وأبيض مع الليكود لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل سقوطها المشترك يكشف أن "الحكم" هو القاعدة وليس المبادئ كما روجت كثيرا دولة الكيان...ومع هيك بيبي الى جهنم السياسي!

تنويه خاص: نصيحة الى بعض "كلمنجية حماس" ان تحكوا عن "المطبعين" بلسان فلسطيني مش مأجور...او هس خالص والباقي عندكم!