"للحد من التفاعل مع الكريسماس"..!!

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

لم يكن مفاجئا كثيرا، التعميم الصادر عن وزارة اوقاف غزة والموّقع من (أخوكم : د . وليد احمد عويضة . مدير عام الادارة العامة للوعظ والإرشاد) الذي يدعو في عنوان التعميم، إلى "الحد من التفاعل مع الكريسماس" .

مبعث عدم التفاجؤ يعود الى شيء آخر ليس له علاقة بالدين المسيحي او الاسلامي او التاريخ المشترك للشعب الفلسطيني الواحد في ديانتيه الاسلامية والمسيحية، ولا للفكر الديني المتطرف الذي اجتاح سوريا والعراق مؤخرا في تنصيب خليفة دولة العراق والشام والتي اطلقت على نفسها "داعش"، والتي كما نعلم لم تصل الى غزة ، ولكن المبعث هو محنة الكورونا التي ضربت العالم قاطبة ومن ضمنه فلسطين، واليوم تتهدد غزة في مقتل بسبب ما تعانيه من حصار طال غذاءها و ماءها ودواءها .

لقد تفاءل البعض العربي بأن الكورونا ستغير العرب من حال الى حال ، ستجعلهم يعيدون التفكير في علاقاتهم ببعض وعلاقاتهم بالاشياء والمتغيرات والعلوم والديمقراطية وقطع دوابر الفساد والترف والبذخ ووضع اولويات ومعرفة عدوهم من صديقهم واحترام ضعاف ابناء شعوبهم من الفقراء والعمال والمرأة والاطفال، ولكن كل هذا تبدد، ولا نتحدث هنا عن صناعة مصل او لقاح عربي، ولكننا نتحدث عن امور اكثر بساطة من هذا الامر المعقد .

أما وانهم لم يتقدموا خطوة واحدة للامام وفق المأثور الشعبي "رب ضارة نافعة"، او المأثور الالهي "وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم "، فإنهم وبالضرورة سينكفئون الى الوراء.

ماذا كان يمكن ان نسمي تطبيع اربع دول عربية يزيد تعداد سكانها عن مئة مليون انسان مع الكيان الصهيوني في غضون شهرين، وهناك من ينتظر؟ وماذا يمكن ان نسمي تراجع السلطة عن المصالحة والوحدة الوطنية واعادة العلاقات مع اسرائيل قبل ان يفوت عليها ستة أشهر كورونية؟ وماذا كان يمكن لحكومة حماس في غزة ان تفعل غير ان تفتعل قضية مخجلة يندى لها جبين كل فلسطيني مسلما كان ام مسيحيا ام علمانيا؟

عندما فتح النبي محمد صلى اللع عليه وسلم، رسول الاسلام مكة، و دخل الكعبة، قال لربعه: حطموا كل شيء ما عدا الذي تحت يدي، وعندما نظروه وجدوه صورة مريم .

في كل "كريسماس" من كل عام، كنت اجمع عائلتي الموسعة كبارا وصغارا ونساء واطفالا، نذهب الى ساحة المهد على شكل مظاهرة ليلية، نهتف لفلسطين ويسقط الاحتلال، وكان ينضم الينا من يستهويه المشهد، بما في ذلك افراد من الشرطة الذين يعرفوننا ويستأنسون بنا ونستأنس بهم. ولكن في هذا العام عقدت العزم على المقاطعة بسبب الكورونا المتفشية.

فهل سيدفعني تعميم الوزارة المريضة بما هو اكثر من الكورونا الى اعادة النظر؟

كل عام والمسيحيين بخير، والمسلمين بخير، والعالم قاطبة بخير، فحين يكون العالم بخير تكون فلسطين – ضفتها وغزتها وعاصمتها - بخير .