إسقاط الحكومة، انتصار الديمقراطية

حجم الخط

بقلم: أوري مسغاف

 

 


كفى للبكاء والعويل. هناك سبب جيد كي يتنفس الإسرائيليون العقلانيون الصعداء بفخر. فإسرائيل لم تكن في أي يوم قريبة من انهيار الديمقراطية اكثر مما كانت في اليوم الذي أدت فيه اليمين حكومة المتهم وشركائه، والتي رئيسها يركض مع كلابه الصغيرة مباشرة من جلسة الافتتاح الى عرض للتطاول على الجهاز القضائي عند افتتاح محاكمته.
تنهار الديمقراطية عندما يسرقون مليون ونصف مليون صوت من اصوات الناخبين الذين وعدوهم بعدم الجلوس مع نتنياهو، وبعد ذلك يشكلون له حكومة فساد وطنية متوحشة برعاية الكورونا (الديمقراطيات يتم اخضاعها دائما «في حالة الطوارئ»). تنهار الديمقراطية في الوقت الذي تنعقد فيه المحكمة العليا بأغلبية لجنة موسعة تتكون من 11 قاضيا ورئيسها يوبخ مقدمي الالتماسات ويقول لهم: «ليس هناك قلعة تسقط. إنها شعبوية»، وبعد يومين يتم اتخاذ قرار بالإجماع بأن المتهم بمخالفات جنائية يمكن أن يترأس الحكومة بسعادة. تنهار الديمقراطية عندما يتعهدون في الاتفاق الائتلافي بالتناوب وبحكومة خاصة وبميزانية لسنتين وبـ «كابنت مصالحة» – هم لا ينوون للحظة تنفيذ أي بند.
حدث العكس تماما هذا الاسبوع : انتصرت الديمقراطية . صمدت الحكومة الأسوأ في تاريخ اسرائيل فقط سنة ونصف سنة. لم تستطع اطالة حياتها حتى الى ما بعد سنة 2020 الملعونة التي تم تشكيلها فيها. كل ذلك حدث بسرعة، بالتحديد بعد استسلام معظم النظام السياسي، القانوني والاعلامي.
هذا تقريباً معجزة حدثت بفضل حركة احتجاج شعبية حازمة ومركزة. اصلاح كبير لصدمة احتجاج روتشيلد في بداية القرن. بعد نصف سنة على التظاهرات من منطقة دان وحتى ايلات، يمكن لاسرائيليين كثيرين النظر في عيون اولادهم، ويوجد لديهم ما يروونه لاحفادهم. انهيار الديمقراطية هو عندما يقوم مئات آلاف الاسرائيليين الذين تم سلبهم وخيانتهم بالخروج اسبوعا بعد اسبوع الى الشوارع ولم يكن يحدث شيء. ولكن، نعم حدث.
الاحتجاج هز الارض ومارس ضغطاً متواصلاً ودفع أوساطاً داخل النظام – بدءاً من المعارضة ومروراً بالائتلاف وانتهاء بحزب المتهم – الى أن تعثر داخلها على القوة من اجل فعل الشيء الصحيح. وهذا هو جوهر الديمقراطية: السعي الى «الصالح العام» وتمثيل الجمهور والعمل من اجل سعادته. ليس كل شيء تشريفات، مصالح شخصية واتفاقات مخادعة، تقوم بحياكتها نماذج مثل حاييم رامون ونتانا يشل وهود بتسار. وما زال هناك مكان ايضا للقيم والحقيقة والتمييز بين الخير والشر.
لقد شاهدنا في هذا الاسبوع لحظة نادرة وجميلة، فيها تشابكت أيدي كل من سيدي بن شتريت من سدروت ورام شيفع رجل الكيبوتس وكوستا بلاك المولود في اوكرانيا وغدير كمال مريح من دالية الكرمل وميكي حيموفيتش اليسارية وميخال شير – سغمان من اليمين واييلت شكيد ويئير لبيد واليكس كوشنر وأيمن عودة، تسفي هاوزر واحمد الطيبي، الاعلام السوداء مع المناديل الوردية، وقاموا باسقاط حكومة الكذب. (كم هو طبيعي وشاعري أنه حتى في التصويت الدرامي لم يكن بني غانتس موجوداً، وكالعادة لم يكن له أي موقف من هذه القضية).
هذا دليل دامغ، بالذات على ثبات الطريقة وجهاز الحصانة، الذي حتى بعد أن تم اضعافه بصورة متواصلة ومتعمدة ما زال يقاوم ويناضل من اجل رفع المرض عنه. ربما تكون انتخابات رابعة في سنتين هي رؤية حزينة في ظروف عادية، لكن في ظل خداع نتنياهو هي اشارة صغيرة مشجعة. بالعكس، لتكن انتخابات مرة ومرة اخرى.
على النقيض من النبرة القاتلة والقدرية والمتباكية لجميع الاصوليين والمتحاربين، يجب على المرء مواصلة المحاولة بكل الطرق. يجب البحث عن زعماء وتشكيل احزاب جديدة واصلاح القديمة وعقد تحالفات مع شركاء اعتبروا في السابق اشخاصا متخيلين. حتى ساعر وليبرمان وبينيت ايضا امام تهديد وجودي وخبيث، يجب أن نحارب احيانا حتى بمساعدة علاج كيميائي واشعاعي. أنت تحارب بمساعدة كل ما يتوفر لديك، حتى بثمن اضعاف مؤقت للجسم وادخال مواد خطيرة الى الدورة الدموية، الى أن يزول المرض.

عن «هآرتس»