“لا يمين لا يسار”، والان لا غانتس ايضا

حجم الخط

اسرائيل اليوم – بقلم يوسي بيلين

بيني غانتس،الفارس ابن صورة الكرب، الذي اقنع نفسه بانه يضحي بمصلحته السياسية ومصلحة رفاقه من أجل وحدة الشعب عند الضائقة، لن يتنافس باي سبيل في الانتخابات التالية. يحتمل أن يكون هو نفسه لا يزال يتسلى بهذه الفكرة أو تلك من المشاركة في جولة الانتخابات الرابعة في السنتين الاخيرتين ايضا، ولكن الاستطلاعات ستريه الطريق الى الخارج، اذا قرر الا يسخف نفسه حتى التراب.

​بدايته السياسية المحت بنهايتها. فاعلانه عن اقامة تجمع الاحزاب (“الحصانة لاسرائيل” برئاسته، “يوجد مستقبل” ليئير لبيد و “تيلم” لبوغي يعلون) قبل اكثر من سنتين ترافق وتحليل له باعث على الشفقة وبموجبه “لا يسار ولا يمين”. غير أنه امام اكتشافه للثورة الايديولوجية، فان كل ما كان لديه ليعرضه هو السعي الى حكومة وحدة وطنية، لا يقودها نتنياهو.  

​لست واثقا أن غانتس، الذي أثبت بان اصطلاح “شاب طيب بالمعنى السيء للكلمة” ليس نكتة، قد راجع بعناية تاريخ حزب “داش”، قبل أن يخترع الدولاب. وكان خطأه الاكبر بفهمه ان حزب وسط هو حزب يجمع في داخله يساريين ويمينيين ولم يفهم بان هذه وصفة لتفكيك الشراكة، اذا ما بقي اليمينيون في اليمين واليساريون في اليسار.

​كما أن هذا كان خطأ من أقام “الحزب الديمقراطي” في 1976، يغئال  يدين. كان يدين رئيس الاركان الذي استقال من منصبه على خلفية الخلاف مع رئيس الوزراء ووزير الدفاع دافيد بن غوريون، على ميزانية الدفاع، واصبح بروفيسورا مقدرا جدا في علم الآثار. وأذكر بأي اعجاب ملأ الناس قصر الثقافة في تل ابيب عندما عرض مكتشفاته عن عهد بار كوخفا.

​لقد ابتعد عن السياسة رغم ان البعض حاول اجتذابته اليها، وفي نهاية المطاف، على خلفية فشل حكومة رابين الاولى، وعلى خلفية قضايا الفساد التي تورط فيها اناس من المعراخ، قرر انقاذ الدولة والدخول الى المستنقع السياسية. جلب يدين معه اناسا متميزين وحاول ان يخترع سياسة بلا سياسة. ربط  اناسا من اليمين العميق مثل رجل القانون شموئيل تمير، الذي تجاوز بيغن من اليمين مع شخصيات من اليسار مثل رئيس شعبة الاستخبارات الاسبق  اللواء أهرون ينيف، وتحدث عن نواياه للفصل بين الدين والدولة، لسن دستور لاسرائيل، لمكافحة الفساد والمال الاسود، والوصول الى حل سياسي مع الفلسطينيين بروح مشروع الون. بعد وقت قصير من ذلك ارتبط به حزب “شينوي” الصغير البروفيسور أمنون روبنشتاين، وهكذا اقيمت “الحركة الديمقراطية للتغيير” (داش)، التي اجترفت جموع الناس، معظمهم من مؤيدي المعراخ سابقا ممن ارادوا أن يروا في الحركة الجديدة شيئا ما نقيا، جديدا، حقيقيا.

​لقد كان في الحركة الجديدة الكثير من السذاجة السياسية، التي نبعت من انعدام واضح للتجربة. انضم داش الى الائتلاف، وعين يدين نائبا لرئيس الوزراء، ولم يكن لحركته اثر على اي موضوع ذي  مغزى – فلم تكن مشاركة في المشروع الاكبر لتلك الحكومة، السلام مع مصر، ولم تنجح في منع التدهور الاقتصادي الرهيب.  

​الصدوع في داخل داش اصبحت شروخا. وترك حزب شينوي الحركة وبعده هجرها آخرون.  في 1978 تفككت داش بشكل رسمي، وفي  انتخابات 1981 لم تتنافس على الاطلاق. وكل مقاعدها تقريبا انتقلت الى المعراخ.

​كانت في اسرائيل احزاب وسط (مثل”الصهاينة العموميون” او التقدميون)، ولكنها لم تكن ارتباطات مصطنعة من اليمين واليسار، بل احزاب دمج قادتها مباديء مثل السوق الحرة مع استعدادات لتسويات سياسية. من يحاول ان يقيم مرة اخرى حزب وسط كل ما هو جديد فيه هو أن اناسا مثل تسفي هاوزر سيجلسون بحضرة واحدة مع اناس مثل عوفر شيلح، سيضطر لان يفهم بسرعة اشد، بان مثل هذه الارتباطات تولد مع تاريخ نفاد سريع.