أكّدت وزارة الخارجية والمغتربين، اليوم السبت، على أنّ هجمة الاحتلال الإسرائيلي الاستيطانية الهادفة إلى تهويد القدس ومحاولة طمس هويتها العربية الفلسطينية، شهدت تصاعدًا كبيرًا في السنوات الأربعة الأخيرة في ظل إدارة أمريكية منحازة للاحتلال.
وقالت الخارجية في بيان وصل وكالة "خبر" نسخة منه: "إنّ هذا التصعيد الاستيطاني ضد المدينة المقدسة تضاعف بصورة خطيرة خلال عام 2020، خاصة خلال الأشهر الأخيرة، التي شهدت سباقًا استيطانيًا محمومًا، وبالتحديد منذ اتضاح نتائج الانتخابات الأمريكية".
وأضافت أنّ حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو، عمدت إلى الإعلان عن عشرات المشاريع الاستيطانية في مناطق مختلفة من القدس الشرقية المحتلة، بهدف تعميق عملية فصل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني، واستكمال محو الخط الفاصل بين القدس الشرقية والغربية وصولًا إلى رسم مستقبل المدينة من جانب واحد عبر شبكة طرق استيطانية ضخمة تُحول الأحياء والبلدات الفلسطينية في القدس إلى جزر متباعدة منفصلة عن بعضها البعض تغرق في بحر من الاستيطان.
وتابعت: "إنّ عام 2020 شهد تكثيف مشاريع الاستيطان في المنطقة الجنوبية والشمالية للمدينة المقدسة، وصادقت حكومة الاحتلال على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في المنطقة الجنوبية وتحديدًا في مستوطنات "هار حوما"، و"جفعات همتوس"، و"جيلو"، من أجل استكمال الطوق الجنوبي على المدينة المقدسة وفصلها عن امتدادها الفلسطيني".
وأشارت إلى أنّ الاحتلال أعلن عن مشروع استيطاني جديد في الشمال، يقضي ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية في حي استيطاني جديد على أراضي مطار قلنديا، لمواصلة رسم الطوق الشمالي الاستيطاني في إطار مخطط فصل القدس الشرقية من جهتها الشمالية عن محيطها الفلسطيني.
وأوضحت أنّ هذه المشاريع الاستيطانية تهدف إلى تقويض فرص التوصل إلى حل متفق عليه لمستقبل المدينة المقدسة، وتحويل حل الدولتين إلى رؤيا خيالية لا يمكن تجسيدها على أرض الواقع.
وذكرت أنّ مشاريع البناء الاستيطاني بالعاصمة المحتلة ترافقت مع عمليات واسعة لطرد وتهجير المواطنين عبر طرق وأساليب مختلفة، أبرزها عمليات الهدم واسعة النطاق للمنازل والمنشآت الفلسطينية.
ولفتت إلى أنّ سلطات الاحتلال هدمت أكثر من 170 منزلًا، ما تسبب بفقدان نحو 400 مواطنًا لمأواهم، دون أن تكترث للظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا.
ونوّهت إلى الاحتلال صعد من حملات الاعتقال والإبعاد والإعدامات الميدانية وسحب الهويات وتجريف الأراضي وفصل القدس عن القرى والبلدات المحيطة بالحواجز العسكرية، ومحاولات ضرب نشاط المؤسسات الفلسطينية في القدس المحتلة ومحاصرة وتعطيل الفعاليات الثقافية والرياضية، وأبرزها انتهاك حرية التعليم ومحاولة فرض المناهج الإسرائيلية للتحكم بوعي الأجيال الناشئة.
واستطرت بقولها: "إنّ تبادل الأدوار وتكاملها بين المؤسسات الرسمية الإسرائيلية والجمعيات الاستيطانية استمر بوتيرة متصاعدة، ما ساهم في تسريع عمليات تفريغ المواطنين من منازلهم في الأحياء الفلسطينية بالمدينة المقدسة، كما هو الحال في البلدة القديمة وحي الشيخ جراح الواقع على الخط الفاصل بين القدس الشرقية والغربية، حيث يخطط الاحتلال لإقامة مشروع استيطاني ضخم يضم مئات الوحدات الاستيطانية في الحي المذكور، وأيضًا ما يتعرض له حي بطن الهوى في بلدة سلوان جنوب المسجد الاقصى المبارك، الذي تتواصل حملات تغيير ملامحه عبر مخططات لإقامة مراكز ومقار استيطانية على منازل سكانه الأصليين".
وأردف: "إنّ عام 2020 لم يختلف عن الأعوام السابقة، بالنسبة للأحياء والبلدات الفلسطينية المقدسية، واستمرت الاقتحامات الليلية وعمليات التنكيل بالمواطنين، وأبرز هذه الصور ما يحصل في بلدة العيسوية بالقدس المحتلة، التي تتعرض لاقتحامات ليلية يومية".
وبينت أنّ المقدسات الإسلامية والمسيحية كانت هي الأخرى في دائرة الاستهداف الاسرائيلية، وتضاعفت اقتحامات المجموعات اليهودية المتطرفة لباحات المسجد الاقصى المبارك وتكثفت المحاولات الهادفة إلى توسيع دائرة التقسيم الزماني ومحاولة تكريس حالة من التقسيم المكاني للحرم القدسي الشريف وبناء "المدينة التوراتية" داخل مقبرة الشهداء، إضافة الى الاعتداءات على المقدسات المسيحية، والتي كانآخرها محاولة احد المستوطنين الارهابيين إحراق كنيسة الجثمانية.
وأكّدت الخارجية على أنّها تُتابع تطورات هذا العدوان البشع على المستويات كافة، العربية والإسلامية والإقليمية والدولية، وتواصل تحركها السياسي والدبلوماسي والقانوني الدولي لفضح جرائم الاحتلال ومستوطنيه بحق المدينة المقدسة عاصمة فلسطين، باعتبار أنّ قضية القدس كانت ولا زالت العنوان الرئيس لهذا التحرك.
وشدّدت على أنّ قضية القدس لا زالت تحظى بالأولوية التي تستحق بجميع اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية رياض المالكي مع نظرائه على مستوى العالم، وفي المؤتمرات الاقليمية والدولية، والمخاطبات التي بعثها للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن، ورئيس الجمعية العامة، والمفوضة السامية لحقوق الانسان، والمقررين الخاصين، والإجراءات الخاصة والآليات التعاقدية في مجلس حقوق الانسان، والمديرة العامة لمنظمة اليونسكو، والمحكمة الجنائية الدولية، ووزراء خارجية الدول.
و ذكرت أنّ جميع إجراءات الإحتلال في القدس غير شرعية وباطلة ولا تحمل أي إثر قانوني على طبيعة ومكانة مدينة القدس، وأنّها ستواصل العمل مع دول المجتمع الدولي والمحاكم المختصة لجلب كل من يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق القدس وأصحابها الفلسطينيين إلى العدالة الجنائية والمساءلة الدولية.
وطالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة وهيئاتها المختصة بتحمل مسؤولياتهم في الحفاظ على مكانة القدس وحمايتها من محاولات تهويدها وتغيير طابعها الديمغرافي وتزوير إرثها التاريخي والثقافي باعتبارها عاصمة دولة فلسطين، وصيانة الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية.
ودعت إلى تنفيذ قرارات المنظومة الدولية بما يخص القدس وحماية أهلها الأصليين الفلسطينيين من الترحيل، وفرض عقوبات على "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال، على ممارساتها غير الشرعية وجرائمها ضد المدينة المقدسة والشعب الفلسطيني.
واعتبرت أنّ التخاذل الدولي عن الوقوف في وجه الاستعمار والظلم يعقد المشكلة ويزعزع الثقة بجدية المجتمع الدولي في تنفيذ مهامه ومسؤولياته.
وفي ختام بيانها، حيّت وزارة الخارجية أهالي مدينة القدس المحتلة الصامدين، الذين أخذُوا على عاتقهم وبإمكانياتهم المتواضعة مهمة إفشال هذه المخططات الاستعمارية التهويدية.