خطبة الجمعة مكتوبة عن رأس السنة الميلادية 2021 حيث يحتفل الكثير من الشعوب في أرجاء العالم بمناسبة رأس السنة الميلادية، والكثير يتساءل عن حكم الاحتفال بهذه المناسبة وخاصة المسلمين، والعبد المسلم يحافظ علي كل ما هو جدير بالإسلام ولا يتعدى تعاليم الشريعة الإسلامية التي تأسست علي قوانين وتشريعات لا يمكن لأي شخص تعديها.
واختلف العلماء في حكم الاحتفال بهذه المناسبة بالنسبة للمسلمين، حيث أن مناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة يوجد فرق شاسع فيما بينهم، حيث أن البعض يخالط بين المناسبتين، ويعد عيد الميلاد نسبة الي ذكري ولادة عيسي – عليه السلام – وهو أقدم الأعياد للمسيحين، أما رأس السنة الميلادية وهي ك عادة يفعلها الأشخاص باختلاف أديانهم منذ آلاف السنين، وسنعرض خطب عن الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة 2021.
اختلف العلماء في حكم الاحتفال بمناسبة رأس السنة الميلادية وتعددت الأقوال في ذلك، ومنهم حرمه بعض العلماء المعاصرين لأنه يعتبر عيدا لغير المسلمين واستشهدوا بالقول من أدلة واردة من السنة النبوية الشريفة أو القرآن الكريم،وجاء الدليل بالقول السابق كما جاء في القرآن الحكيم قال تعالي” وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا” ، وتحدث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن المقصود هنا بقول الزور هي أعياد غير المسلمين.
وأيضا جاء من السنة النبوية الشريفة حيث قال أنس بن مالك- رضي الله عنه – قال ” قَدِمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ ولهم يَومانِ يَلعَبونَ فيهما، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما هذانِ اليَومانِ؟ قالوا: كنَّا نَلعَبُ فيهما في الجاهليَّةِ، قال: إنَّ اللهَ قد أَبدَلَكم بهما خَيرًا منهما: يَومَ الفِطرِ، ويَومَ النَّحرِ“، والقول الأخر جاء بإباحة الاحتفال برأس السنة الميلادية باعتبار مناسبة دينية مع الحذر بالالتزام بالضوابط الشرعية وعدم اللهو عن أداء الفرائض.
خطبة الجمعة مكتوبة عن رأس السنة الميلادية 2021
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان، ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيا إخوة الإيمان: إن من يزور كثيرًا من بلاد المسلمين في هذه الأيام، ما أن تطأ قدماهُ أرضَهُ، ويتجولُ في شوارع مُدُنِهِا، ويُراقب سلوك الأفراد في مجتمعاتها، حتى يجدَ أن الصورة التي كانت منطبعة في ذهنهِ، قدِ انقلبت رأسًا على عقب.
فما يراه من مظاهر الفرح والابتهاج، وما يلمسه في مختلِفِ فئات المجتمع من تأهبٍ واستعدادٍ لاستقبال عيد الميلاد المسيحي، والاحتفال برأس السنة الجديدة يكذبُ ما كان يسمعه عن بلاد المسلمين وتشبثِ شعوبهاِ بدينهمِ الحنيفِ.
فواجهاتُ المتاجر والمقاهي والفنادق مزينة بالرسوم التي ترمز إلى ميـلاد المسيح وحلـول السنةِ الجديدةِ، والمصورون بلباس “بَابَّاهُم نويل” يجوبون الشوارعَ ويقفون في الساحات والحدائق؛ ليأخذَ الناسُ لهم ولأطفالهم صـورًا تذكارية بالمناسبةِ.
وباعة الورد والزهور يتنافسون في عرض أقصى ما يستطيعون من أصناف بضاعتهم التي يتسابق الناس إلى شرائها بالغة من الثمن ما بلغت.
والإعداد قائم على قدم وساق في كلِّ جهة ومكان لإحياءِ الحفلات الصاخبةِ التي تقامُ في البيـوت والفنادق بمناسبة ليلة الميلاد، وليلةِ رأس العام الجديد، وتساهم الفنادق السياحية بجهدٍ كبير في إغراءِ الناس بذلك، حيث تتكرَّمُ بتسهيلاتٍ وامتيازاتٍ لمن يقيم في أكنافها خلال هذه الفترة المشهودة.
والإقبالُ على الخمـور يكتسحُ جميعَ ما في المتاجر والحانات، فلا يبقى كبير ولا صغير، ولا غنيٌّ ولا فقيرٌ إلا نَهَلَ منها بحظ وافر.
ومحلاتُ الحلويات ينفد ما لديْها من أنـواع الحلوياتِ: قديمِها وجديدِها، صالحِها وفاسِدِها، حلوها ومُرِّها… وكأن الحلوى لم تظهر للوجود إلا في هذه الأيام.
وتشارك وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة في مظاهـر الحفاوة هذه، فتعِدُّ برامجَ وأحاديثَ وملحقاتٍ للمناسبةِ.
حتى إذا جاءت الليلة الموعودة سَهرَ من يحلو له السهرُ، بما يجبُ أن يكون في تلك الليلة من فسق وزنا وفجور وخمور، وتفنُّن في ارتكاب شتى المنكراتِ، وما تستحيي الشياطين من ذكره، وكأننا في عاصمةٍ غربيةٍ نصرانيةٍ.
إخوة الإيمان: في الحقيقة، إن هذا التقليدَ الكلِّيَ لما هو غربيٌ، ناتجٌ عن نقصان الإيمان بالله أو انعدامه، مع ضياع العقيدةِ الصحيحةِ أو انعدامها، وانسلاخ من مستلزمات التميز الإسلامي، ومنكر يُدخِلنا في دائرةِ من قَـالَ فيهم رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ“. أبو داود.
وفي رواية أنه –صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلا بِالنَّصَارَى…“.
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: “… وهذا الحديثُ أقلُّ أحواله أنه يقتضي تحريمَ التشبُّهِ بهم، وإن كان ظاهرهُ يقتضي كفرَ المتشبِّهِ بهم، كما في قـوله تعالـى: “وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ” [المائدة:51]”.
وتشبُّهُ المسلمين بالكفار هبوط وسفولٌ؛ لأن المسلمَ أعلى من الكافـر، فإذا قلدَهُ هبط من عليائِهِ ومنزلتِهِ، واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وهذا كفرانٌ للنعمةِ وإهانة للإسلام، والإسلامُ يعلو ولا يُعلى عليهِ.
وشريعتنا تقيمُ لنا هدْيًا مخالفًا للكفار من أهل الكتاب وغيرهم، فشريعتنا ناسخة لا منسوخة، وأمتنا متبوعة لا تابعة.
روي عَنْ أَنَسٍ –رضي الله عنه- قَالَ: “قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا. فَقَالَ: “مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟”، قَالُوا: كُنَّـا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُـولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ“. أبو داود.
وعليه -أيها الإخوة- لا يَحِلُّ لمسلم أن يُحْييَ عيدَ رأس السنةِ، فليسَ عيدُنا -أهلَ الإسلام- هذا اليوم.
فعلى تجار المسلمين أن لا يساهموا في مظاهر الاحتفال، فيتشبهوا بالتجار من النصارى في نوع التجارة التي يروجون لها هذه الأيام، وتزيين الدكاكين بالأضواءِ ونحوها.
نقلَ الفقيه المغربيُّ ابنُ الحاج في كتابه المدخل، عن علماء المذهب المالكي أنه “لا يَحِلُّ للمسلمينَ أن يبيعوا للنصارى شيئًا من مصلحةِ عيدِهمْ، لا لحْمًا ولا إدامًا ولا ثوبًا… ولا يعانون على شيءٍ من دينهم؛ لأن ذلك من التعظيم لشركهم وعونهم على كفرهم، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك. وهو قولُ مالكٍ وغيرهِ، لم أعلمْ أحدًا اختلفَ في ذلكَ“.
ونحن -أيها الإخوة- الواجب علينا أن نقاطع هذه الاحتفالات، ألا يستطيع كلُّ واحدٍ منا أن يَمْنعَ أولادَهُ وبناتِهِ وكلَّ من في بيتِهِ عن هذه الاحتفالاتِ الماجنةِ.
ف باللهِ عليكم كيفَ يُعْقلُ من أبٍ مسلِم أن يرَى أولادَهُ وبناته يستعدون ويهيئون داخل بيته للاحتفال برأس السنة وهو لا يحرِّكُ ساكنًا.
بل من الآباء المسلمين من يشاركهمْ في احتفالهم فيشتري لهم كلَّ الحاجياتِ، ويهيئُ لهم الجوَّ المناسبَ ليسهرَ مع أهله ومعارفه، وأصدقاء بناته، وصديقات أبنائه على أنغام الموسيقى المائعةِ، والأغاني الخليعةِ، والرَّقص المختلطِ، وكلِّ ما حرَّمَ الله من أعمالٍ يندى لها الجبينُ، وتبكي لها المروءَة، وتئنُّ منها الغيْرَة، وتشكو منها الفضيلة.
ويَعتَبِرُ كلَّ هذا شيئًا عادِيًا لا حرَجَ فيه، وينسى أنه مسؤولٌ عن رعيته الخاصةِ وصيانتها؛ قال تعالى: “ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَـئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ“. [التحريم: 6].
فهل هذا الأب الذي لا يمنع أولاده من الاحتفال برأس السنة الميلادية، أو يشاركهم فيه، اتخذ لنفسه وقاية من النار؟!
ألا فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- في أنفسكم فألزموها بطاعةِ اللهِ، وأبعدوها عن معصيتهِ، وحُثوا زوجاتِكم وأولادَكم على الالتزام بأحكام الشرع، وساعدوهم على ذلكَ، وازجروهمْ عن ارتكـاب المعاصي حتى لا تصيروا معهم إلى النار.
نفعني الله وإياكم بالقرآن المبين، وبحديث نبيه الصادق الأمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.