الـقـدس غـيـر قـابـلـة لـلـتـقـسـيـم

0
حجم الخط
28 تشرين الأول 2015

بعض المؤيدين لحل الدولتين، والذين يطالبون عمليا بفصل اليهود عن العرب في "أرض اسرائيل"، يقولون ان اليهود والعرب لا يستطيعون العيش جنبا الى جنب. ويقولون يجب تقسيم القدس من أجل فصل سكانها العرب عن سكانها اليهود. حسب اقوالهم هذا لن يكون صعبا. جدار هنا وجدار هناك، وستنتهي المهمة. عمليا قيل إن القدس مقسمة ومطلوب عدة جدران اخرى لمنع العرب من الوصول الى الاماكن اليهودية.
من يؤيد هذه الخطوات ويعتبرها حلا للعنف الذي يندلع في المدينة بين فترة واخرى وأن هذا جزء من الحل للصراع لم يزر القدس على ما يبدو في السنوات الاخيرة. يعرف سكان القدس ان حياة اليهود والعرب متداخلة الى حد كبير. لو طلبتم تاكسي في القدس فان احتمالية ان يكون عربيا مساوية لاحتمالية أن يكون يهوديا. اذا سافرتم بالباص فمن المحتمل أن يكون السائق عربيا. الكثير من عمال الفنادق والمطاعم هم عرب. الكثير من الاطباء والتقنيين والموظفين ونصف الذين يتعالجون في مستشفى هداسا عين كارم وجبل الزيتون هم عرب من سكان القدس او فلسطينيون مقدسيون كما يسمون احيانا. انهم يسكنون في احياء القدس العربية ويعملون في المناطق اليهودية.    
هناك من يعتبر الوضع تطورا ايجابيا، وهناك من يعتبره لعنة. ويجب تغيير الوضع من خلال اقامة جدران واجبار سكان القدس العرب على العيش خارج مناطق السكن اليهودية. وليتدبروا امورهم بقواهم الذاتية تحت سلطة "حماس" او "داعش" او اي طرف آخر.
من يعتقد أن اليهود والعرب ملزمون بالعيش معا في البلاد في دولة اسرائيل وفي القدس وفي باقي اجزاء البلاد في المستقبل – بالنسبة له فان الدمج بين السكان العرب وبين الاقتصاد الاسرائيلي والمجتمع الاسرائيلي هو انجاز. وما حصل في القدس في السنوات الاخيرة يبشر بايام افضل في المستقبل. من يعتقد ان اليهود والعرب لا يستطيعون العيش معا في سلام يريد تحول هذه التطورات وقلبها رأسا على عقب. في هذه الحالة، سواء أرادوا ذلك أم لا فانهم  موجودون في نفس المعسكر الذي يتواجد به افيغدور ليبرمان ورائد صلاح وجمال زحالقة.
يجب الاسف على ذلك، فدمج عرب القدس باقتصاد المدينة اليهودية لم يقترن بالاستثمار بالاوضاع البيئية في الاحياء العربية في المدينة. من يعملون خلال اليوم في الاجزاء اليهودية للمدينة يعودون في المساء الى الظروف السيئة والاماكن السيئة التي كانت ولا زالت قبل حرب "الايام الستة". الا انها اصبحت الان اكثر اكتظاظا.
مخيم اللاجئين شعفاظ، الذي انتقل الى سيطرة دولة اسرائيل العام 1967 ، لم يتم اعماره ليكون مكان سكن ملائما لهم، وهو نقطة سوداء في سجل حكومات اسرائيل وبلديات القدس المتعاقبة. يعيش في شعفاط 100 الف فلسطيني في ظروف سيئة وضائقة، ويعتبر المكان دفيئة للجريمة والارهاب. سياسة الحكومة في معالجة هذه الاحياء في الـ 48 عاما الاخيرة يمكن تسميتها وعن حق باسم الاهمال الفظيع.
من الواضح أن هناك أسبابا كثيرة لموجة "الارهاب" التي اندلعت في هذه الاحياء في الاسابيع الاخيرة، ولكن لا شك بان شروط الحياة البشعة السائدة فيها هي أحد الاسباب الاساسية لذلك.
هل حل الدولتين سيكون ردا على هذا العنف؟ من استطلاعات الرأي التي اجريت في الاونة الاخيرة يتبين ان معظم السكان العرب في القدس يفضلون استمرار العيش في حدود دولة اسرائيل، حتى وان قامت دولة فلسطينية. ولكن يمكن القول انهم لا يريدون البقاء في الشروط الحياتية الحالية.

عن "هآرتس"