بقلم: نغم رامي كراجة

لم تكن الثغرة الأولى

مقال
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

لا شيء يبقى كما هو عليه العبارة الأصدق التي حملت في طياتها مصطلحات تحول بنا إلى الانعزال داخل أنفسنا بعد خوض عدة تجارب استنزفت العديد من المحاربة وكتم الأنفاس بِحجة أن الحياة ستمضي كيفما كان الحال.

لكن في الحقيقة الصبر يخرج عن صمته أحيانآ ولم تعد مواساة اللغة بحروفها تسع حجم ما يكنه القلب، الظروف كانت تدفن مئات من الأحلام والأمنيات والقليل من الأمل، وتنزاح الغُمة مع أول شروق شمس الصباح فيسيطر على النفس شعور الإلزام، الإلزام الذي يُجبرك قسرآ أن تتغاضى أحداث البارحة وربما تفاصيل قاسية ما جرته بك الأيام.

لم تكن الثغرة الأولى التي استدعى كثرة تشققها نشوب الخلافات الكبيرة بل تهويل حجم الموقف الذي يحول بالأشخاص إلى القطعان الأبدي و انقلاب القلوب رأسآ على عقد و نشوب نيران الفراق إلى أن تصبح رمادآ يمحيه الزمان وكأن حلاوة الذكريات شيئاً لم يكن.

لكن الثغرة المتجددة التي يُقبل فيها السماح أو الرفض هي الخلافات ما بينك وبين زوجتك/ك وتُثير ثورةً ما بين التفاهم والعِناد وفي الغالب تسقط أسهم الخلاف ويفوز الجدال السليم أو ينهزم كفة الصبر وتكون النتيجة التباعد والانفصال، و ذلك لا يقتصر على الأزواج فقط فدائرة الأقارب والجيران لا تخلو من هذه الثغرات التي تُشعل الحقد المتوارث بين الأبناء، و يُفترض من موازنة الموقف حيث إن تفاصيل الحياة ليست في صالحنا دائمآ و لابد أن المركب يهتز من شدة رياح الخلافات و تقلب موج الأيام ، ولكن تعود متزنة بعد هدوء الوضع و استقراره.

ومن باب الصداقات المُتعارف أنها أطهر العلاقات وأكثرها صلابةً لا تقف على عتبات الجميع، الكثيرين كانوا سندآ ورادعآ لظروفنا وما يطرأ على أيامنا من مرارةٍ ولم تُغيرهم الأيام مع تعداد السنوات وكثرة الثغرات فلا غُبار على جوهر، وفي ذات الوقت منهم من تسرقهم الخلافات فتنشأ ثغرة قاسية العقاب يتناسون فيها أجمل ما حملته الذكريات ويركضون وراء شبح القطيعة الذي يؤدي بالعشرة إلى الهلاك، حتى العودة إلى أرض المحبة من جديد بعد نجران الأنفس سيكون بلا رغبة وإنما تعاطفآ من أحد الأطراف تكريمآ لماضي الذكريات الجميل بعدما حطمت ثغرة الخلاف كل ما هو عظيم تعقبآ لمقولة "الأشخاص فترات".

دوام الحال من المحال باستثناء من اعتلى الصبر كفة ميزانه، من أراد المركب يسير دون أن تقذفه الرياح المُفاجئة إلى بر القطيعة و إنهاء الأحداث دون التحديق في جوانبها كاملةً واستخراج الحلول لإنقاذ المركب من هول ما تعقبه رياح الخلافات وتكون الثغرات التي تتجدد كل فترة وبعقلانية صاحبها قد تزول و ينجو الأطراف، أو تنهي حلاوة الأيام وتدفن كلا الأطراف وتختلف طرقاتهم وتُنسى عناوينهم.