رأت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أنه على الغرب السعي لكشف ألاعيب وزيف الآلة الإعلامية الروسية، التي تمجد سياسات الرئيس فلاديمير بوتين.
ولفتت الصحيفة إلى أنه حتى قبل نشر بوتين لقواته في سوريا، وفي ضوء غزوه لأوكرانيا، وصف بعض المسؤولين العسكريين الأمريكيين نظامه بأنه يشكل" تهديداً وجودياً"، ورغم إشراف بوتين على أكثر الأنظمة فساداً في العالم، بات يوجه الأجندة الدولية، بداية في أوكرانيا واليوم في سوريا، فيما اتخذ زعماء غربيون، ومنهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مواقف سلبية وأحياناً دفاعية.
وتسأل واشنطن بوست "أما آن الأوان لاتباع نهج هجومي، وبأسلوب غير عسكري، لتوجيه ضربة موجعة لبوتين، مع السعي لإغلاق آلته الدعائية؟"
ولتحقيق ذلك الهدف، توصي الصحيفة بإغلاق شبكة آرت تي التلفزيونية التي تمولها حكومة بوتين، وذلك ليس لنشرها تقارير مزيفة وأخبار ملفقة وحسب، بل لتطبيق أحكام قضائية صدرت بحق الحكومة الروسية، ومنها ما يتعلق بشركة يوكس النفطية، والتي بلغ رأسمالها عدة مليارات من الدولارات، إذ صدرت تلك الأحكام العام الماضي من قبل محكمة العدل الدولية في لاهاي، وكذلك من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، واللتان قضتا بدفع الحكومة الروسية تعويضات قدرت بقيمة ٥٢ مليار دولار لمساهمين سابقين في شركة يوكس، تضرروا جراء تصفية الشركة.
أضرار
وبحسب واشنطن بوست، قضت المحكمتان بأن تعوض الحكومة الروسية مساهمين في يوكوس، ممن أضرت بهم من خلال فرض ضرائب عقابية، ومصادرة أصول الشركة في عام ٢٠٠٣، وذلك بعد اعتقال مؤسس يوكوس ميخائيل خودوركسوفسكي، الذي كان يعد أغنى رجل في روسيا، إذ وزعت الحكومة الروسية أصول يوكوس على بعض الشركات، ومن ثم استحوذت عليها روزنيفت، والتي أصبحت أكبر شركة نفط في روسيا، كما نالت شركات أخرى مملوكة للدولة، وكيانات موالية للنظام مثل غازبروم حصة من أصول شركة يوكوس، مما قضى على أموال مؤسسيها السابقين الذين رفعوا دعاوى قضائية ضد حكومة موسكو.
مداولات
وتشير الصحيفة إلى أنه بعد سنوات من المداولات وجلسات الاستماع، انتصر أولئك المساهمين في نهاية الأمر، إذ رغم انتداب موسكو لأحد القضاة الثلاث من استمعوا للقضية، أصدر القضاة الثلاث أحكاماً ضد روسيا.
وبالإضافة إليه، وتطبيقاً لمعاهدة نيويورك، والتي وقعت عليها روسيا، يستطيع المساهمون مطالبة حكومات أخرى بفرض قرارات المحكمة عبر الاستيلاء على أصول تملكها الدولة الروسية، وخسرت روسيا، بوصفها عضو في مجلس أوروبا عدداً من القضايا، ولا تستطيع اليوم الاعتراض على الأحكام الخاصة بهذه القضية.
ورغم تقدم السلطات الروسية بطلب استئناف الحكم الذي صدر في لاهاي، فإن احتمالات وقف التنفيذ تبدو محدودة، وفي الوقت نفسه، وبعد مرور أكثر من عام على صدور تلك الأحكام، لم تظهر روسيا أي نية للانصياع لتلك القرارات، ما استدعى دول أخرى تحترم القوانين والأحكام الدولية للبحث عن أساليب لإجبارها على ذلك.
تجميد حسابات
وتقول واشنطن بوست إنه، في يوليو (تموز)، جمدت السلطات البريطانية حسابات آر تي تطبيقاً لتلك الأحكام، كما أطلقت بلجيكا وفرنسا إجراءات لاتخاذ موقف مشابه حيال أصول تملكها الدولة الروسية، ويفترض بالولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى السير على نفس الطريق، وخاصة في ضوء التماس قدمه للولايات المتحدة مالك شركة يوكس السابق، من أجل تحقيق هذا الغرض.
أداة رئيسية
وتعد قناة آر تي، اختصاراً روسيا توداي، أي روسيا اليوم، أداة بوتين الرئيسية في مجال الدعاية لنظامه، ولمهاجمة الغرب، والتغطية على حقيقة المواقف الروسية، ولهذه القناة ذراع طويلة تمكنها من الوصول لشريحة واسعة من المشاهدين، عبر كابل بحري وشبكة الإنترنت، والادعاء بأنها تصل إلى قاعدة شعبية عريضة، وربما إلى ٧٠٠ مليون مشاهد في 100 بلد.
ولدى آر تي استوديو كبير في واشنطن، ومكاتب عبر الولايات المتحدة وأوروبا، وتخصص الحكومة الروسية قرابة نصف مليار دولار لتمويل قناة آر تي وسواها من المنافذ الإعلامية الدعائية، ومنها وكالة أبناء سبوتنيك.
وتشير واشنطن بوست لتوتر أصاب الكرملين تحسباً من استيلاء الغرب على بعض الأصول الروسية، ولذا استعان بشركة قانونية غربية لمواجهة مثل تلك التحديات، وفي الصيف الماضي، حذر الكرملين الولايات المتحدة من أنه سيقدم على الاستحواذ على شركات وأصول أمريكية في روسيا رداً على خطوات مماثلة قد تتخذها واشنطن.