في الذكرى 56 لانطلاقة الثورة وفتح

مراقبون لـ"خبر": الانقسام الفلسطيني والفتحاوي أضعف القضية وذكرى الانطلاقة مدخلاً لمراجعة المسيرة

الانقسام
حجم الخط

غزة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

"عمود الخيمة" أو "منظمة الشعب الفلسطيني" أو "ثورة المستحيل"، كلها مترادفات تعكس جوهر حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بعد 56 عامًا على انطلاقتها وانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة التي نقلت القضية الفلسطينية من عنوان للمساعدات الإنسانية إلي قضية سياسية بامتياز، اعترف بها العدو قبل الصديق؛ لكنّ بعد ما يقارب ثلاثة عقود على قيادتها للسلطة وخلافها المستمر مُنذ ما يزيد عن عقدٍ من الزمان مع منافستها حركة حماس، هل تكلست "فتح" نتيجة الظروف المحيطة أيضًا عربيًا وإقليمًا ودوليًا؟ أم أنها كـ"طائر الفنـيق"، تستطيع أنّ تبدأ من جديد حتى تُنجز المشروع الوطني لتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني من الاحتلال "الإسرائيلي"؟

غياب تدافع الأجيال والتجديد

الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، رأى أنّ حركة فتح، واحدة من الحركات الضخمة الرائدة في النضال الوطني الفلسطيني؛ ولكنّها اليوم ليست كما بدأت عليه، مُردفاً: "اليوم هي في حالة تنافس قوي مع حركة حماس الكبيرة أيضًا".

وأضاف عوكل في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "فتح مسؤولة عن السلطة، وتتماهى فيها إلى حدٍ كبير؛ وبالتالي بعض أمراض السلطة انعكاس لفتح والعكس صحيح".

ولفت إلى أنّ قيادات فتح لم تعد ذات القيادات المؤسسة الكبيرة الديمقراطية داخل الحركة، القائمة على حركة المؤتمرات وتدافع الأجيال والتجديد، مُستدركًا: "هناك تكلس داخل فتح".

من جهته، رأى رئيس المركز الفلسطيني للحوار الديمقراطي والتنمية السياسية، وجيه أبو ظريفة، أنّ حركة فتح رئيسية ومهمة في التاريخ الفلسطيني والنضال الوطني على مدار سنوات طويلة، مُبيّناً أنّه ومُنذ انطلاقة فتح والثورة الفلسطينية المعاصرة، وهي تُشكل "عمود الخيمة" للحركة الوطنية الفلسطينية ولمنظمة التحرير وللكفاح الوطني.

واعتبر أبو ظريفة خلال حديثه لوكالة "خبر" أنّ هناك متغيرات سياسية وداخلية حدثت خلال السنوات الماضية، ساهمت بشكلٍ أو بآخر في تراجع فتح عن مسيرتها المعتادة؛ بسبب الانقسام السياسي الداخلي أو بسبب الإشكالات الفتحاوية الداخلية، الأمر الذي أدى إلى خللٍ كبير في تنظيم الحركة ووحدتها.

وأوضح أنّ الظروف الموضوعية من إنشاء السلطة أدى إلى حالة إرباك بين مؤسسات الحركة والسلطة والمنظمة، مُضيفاً: "كل هذا ساهم بشكلٍ أو بآخر في تراجع حركة فتح عن مسيرتها ".

واستدرك:  "لكنّ ذلك لا يعني أنّ الحركة لا تستطيع أنّ تُعيد ترتيب ذاتها وأنّ تبدأ من جديد؛ لتُشكل جزءاً مُهماً في حركة النضال الفلسطيني".

وفي الفاتح من يناير عام 1965، أُعلن عن انطلاق حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح التي اتخذت من الكفاح المسلح وسيلة لتحرير فلسطين التاريخية من الاحتلال "الإسرائيلي".

فتح غائبة ببرنامجها التجديدي النضالي السياسي

وبالحديث عن مدى صحة ما يتم إشاعته بوجود فتحاويين دون فتح، قال أبو ظريفة: "إنّ حركة فتح قائمة وموجودة ولا زالت تتحكم بمؤسساتها وعناصرها وتنظيمها، وهي الحركة التي تُسيطر على الحكومة ومنظمة التحرير بغض النظر عن أيّ إشكاليات، ولا يستطيع أحد إلغاء وجودها".

أما عوكل فبيّن أنّ هناك فتحاويين كُثر، ولكنّ فتح غائبة ببرنامجها التجديدي النضالي السياسي التحرري، وقدرتها على مواجهة استحقاقات صعبة في الصراع "الإسرائيلي" الفلسطيني العربي.

وأشار عوكل إلى أنّ فتح منظمة الشعب الفلسطيني، وهي تنظيم وطني مفتوح لكل الطبقات والشرائح الاجتماعية، مُوضحاً أنّها حركة تحتوي على تيارات فكرية وسياسية واجتماعية واسعة، وكل شيء مُتاح داخلها.

وتابع: "لكنّ فتح لم تعد الحركة التي لا يُنازعها أحد في القيادة والحجم والتأثير، فحركة حماس أصبحت منافس قوي، وتحظى بجمهور واسع".

وتُعاني الساحة الفلسطينية مُنذ يونيو 2007 من انقسام داخلي بين حركتي فتح وحماس، لم تنجح حتى الآن العديد من الاتفاقات والوساطات والمؤتمرات في إنهائه واستعادة الوحدة الوطنية.

الانطلاقة مدخلاً لمراجعة المسيرة

وبشأن تداعيات الخلافات الداخلية على قوة فتح واحتمالية حدوث مصالحة داخلية، رأى عوكل أنّ الانقسام لم يعد مسألة إقالة عدد محدود من الناس، وإنّما أصبحنا أمام تيار اسمه "التيار الإصلاحي في فتح"، لكّن الجميع يعتبر أنّه ضمن إطار فتح.

واعتقد عوكل أنّ الصراع الداخلي على قيادة "فتح"، يُضعف الحركة عمليًا، مُتوقعاً استمرار الخلاف لفترة قادمة؛ كون الأمر أصبح ليس مرهوناً بغياب أشخاص عن المسرح السياسي.

ونوّه إلى أنّ المخاوف تنصب على إمكانية اندلاع حالة فوضى وصراع ومزيد من التفكك بعد غياب الرئيس محمود عباس، مُتسائلاً: "لماذا يتم تجاهل كل هذا، وماذا عن المستقبل القريب بعد غياب الرئيس؟".

وشهد العام 2016، آخر انتخابات داخلية في حركة فتح، تم انتخاب أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري لدورة تستمر لـ" ست سنوات".

من جهته، قال أبو ظريفة: "إنّ الانطلاقة لابّد أنّ تكون مدخلاً لمراجعة وتقييم وتقويم المسيرة على مدار العام الماضي وأعوام مضت، وأنّ الحركة الوطنية كلما كانت موحدة ومنظمة تحظى بثقة الجماهير".

وأكّد على ضرورة أنّ تُعيد حركة فتح ترتيب ذاتها بمعالجة كافة الإشكاليات والبحث عن أفضل وسيلة لضمان استمرار الحركة ومؤسساتها، كمكون أساسي من مكونات الحركة الوطنية.

وأردف: "المشروع الوطني لم يُحقق أهدافه بعد، فالاحتلال مستمر، وبالتالي المسيرة الوطنية متواصلة، وتحتاج من الجميع خاصة فصائل المنظمة مراجعة ذاتها وإعادة بناء نفسها".

وفي ختام حديثه، شدّد أبو ظريفة على ضرورة تشكيل "جبهة وطنية موحدة للمقاومة الشعبية" و"قوة جديدة لمنظمة التحرير" قادرة على إصلاح مؤسساتها ومؤسسات السلطة والفصل بين السلطة والمنظمة والتراجع عن الأداء الذي أوصلنا لهذه الحالة.