فقط ليس بيبي

حجم الخط

بقلم: عكيفا الدار

 


أولاً، شكراً للدكتور دورون نبوت، الذي اتاح لي الفرصة («هآرتس» 26/12) كي أوضح هنا للقراء الذين تولد لديهم الانطباع من مقالي السابق («هآرتس»، 22/12) بأنه في الانتخابات القادمة سأصوت لجدعون ساعر أو افيغدور ليبرمان، لأن هذا لم يكن المقصود. يبدو أنني لم أؤكد بما فيه الكفاية عندما تحدثت عن وضع يكون فيه مرشحان مطلوب انتخابهما: بنيامين نتنياهو مقابل ساعر أو ليبرمان، ولا يوجد غيرهم (مثل انتخابات شخصية لرئاسة الحكومة). ايضا عندها سأتزود بكيس كبير للتقيؤ. في محادثتي الاخيرة مع نتنياهو بعد أن جلب لنا ايهود باراك فيروس «لا يوجد شريك»، الذي أضر بشدة بمعسكر السلام، قلت له، إنه لن أغفر له مطلقاً أنه في انتخابات 1999 صوت لباراك. والآن، لن أغفر له على الانطباع الخاطئ الذي تولد وكأنني أؤيد ساعر أو ليبرمان.
يكتب نبوت أنه لو كانوا يجبرونه على أن يصوت لحزب برئاسة نتنياهو أو ليبرمان أو ساعر فإنه كان سيصوت لـ»الليكود». هو يمتدح مزايا نتنياهو وانجازاته الكثيرة ويذكر بالآراء العنصرية لساعر وليبرمان والقضايا الجنائية التي نجا منها ليبرمان بمساعدة شهود اختفوا. يدعي المحاضر الكبير أن كل من يقول غير ذلك يكشف بصورة واضحة حقيقة أن ما هو مهم بالنسبة له هو نظام «عادل». أي أن ما هو مهم لمئات آلاف المواطنين الذين يتظاهرون ضد نتنياهو هو نظام «عادل». هل هذا صحيح، من اجل امر كهذا يزيحون رئيس حكومة يتولى منصبه؟ بالاجمال هو متهم بتلقي الرشوة والتحايل وخرق الأمانة.
لنفترض أن نتنياهو يستحق الاعجاب بسبب أنه فتح ابواب امارات الخليج أمام السياح الإسرائيليين (بثمن تزويد الامارات بسلاح متطور)، ولنفترض أنه يستحق التصفيق على الحصول على اللقاح (متجاهلين الادارة الفضائحية لازمة كورونا) وبسبب معالجته للضواحي (واضعين جانبا تعميق الفقر). أي ديمقراطية عادلة كانت ستضع مصيرها في أيدي زعيم، مهما كان ناجحاً، لكنه متهم بمخالفات فساد خطيرة مثل الجرائم المتهم بها؟
يصعب العثور على سياسي إسرائيلي لم تشوبه أي عنصرية أو القليل جدا من الاحتيال. ولكن لا أحد من المتنافسين على التاج يحمل على ظهره عبء محاكمة جنائية. سياسي نزيه كان سيعلن عن كونه لا يتمتع بالأهلية، ويقوم بتهدئة مؤيديه العنيفين ويثبت في المحكمة بأنه «لم يكن هناك شيء ولا يوجد شيء»، ويعود بقوة. يفضل نتنياهو التحصن في بلفور، وأن يقود مواطني إسرائيل من انتخابات الى انتخابات اخرى، على أمل أن يحصل على أغلبية في الكنيست تنقذه من رعب المحاكمة. عفواً، قررت المحكمة العليا «اليسارية» أن رئيس حكومة يمكن أن يخصص جزءاً من وقته بين جلسات «الكابنت» الأمني وجلسات المحكمة المركزية.
عندما أراد ارئيل شارون أن يبرر الانفصال قال، «الأمور التي ترى من هنا لا ترى من هناك». وشبيهاً بذلك، المسؤولية التي كانت ملقاة على كاهل مناحيم بيغن جعلته ينسحب من شبه جزيرة سيناء. اسحق رابين، الصقر، صافح رئيس «م.ت.ف»، ياسر عرفات. يتولى نتنياهو منصبه لفترة أطول من كل سابقيه. وهو يرى كل شيء – في السياسة، في الاقتصاد، في المجتمع، في «المناطق» المحتلة، وكل الاتصالات مع ثلاثة رؤساء أميركيين. في كل هذه الفترة لم يظهر أي تغيير حقيقي في مواقفه. التغيير الوحيد والاكثر بروزاً ظهر في علاقته مع الجهاز القضائي ومع حراس العتبة. تغيير إلى الأسوأ. أيضا التغيير في نوعية الوزراء والمستشارين المحيطين به ليس الى الأفضل.
لا يعترف نتنياهو بالاخطاء، وأصلا لا يرى أي ضرورة لتغيير نهجه. لا يوجد سبب يجعلنا نعتقد أنه اذا واصل ادارة الدولة فسنرى نتنياهو آخر، أكثر نزاهة واعتدالا. ساعر، مثل المتنافسين الآخرين أمام نتنياهو، لم يجلس بعد على كرسي رئيس الحكومة أو أصيب بمتلازمة «لقد اخترتني للحكم». هناك امكانية كي نأمل بأنه سيتعلم أنه من اجل أن ينجح في وظيفته، يجب عليه أن يكيف مواقفه مع الواقع المتغير.
نوصي الدكتور نبوت بأن يقرأ الاقوال الحكيمة لدافيد غروسمان. «الصراع ليس على نعم بيبي، لا بيبي»، الصراع هو على التخريب مقابل الاصلاح. على المرض مقابل الشفاء. وفي هذا الصراع سيقرر كل شخص «أين يقف». مهما كان الامر، الاصلاح والشفاء لن يأتيا من احزاب اليمين القومي المتطرف، مهما كان اسم رئيس القبيلة.

عن «هآرتس»