بقلم الكاتب والباحث الاقتصادي: صلاح حمدان

أزمة وطن

صلاح حمدان
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

بداية عام جديد للشعب الفلسطيني 2021  متمثلة بتطلعات وآمال كبيرة لرؤيتهم للعام الجديد أن يكون عام وحدة وطنية رغم أن أبناء الوطن لم يعد لديهم آمال بهذا الاتجاه بسبب المناكفات السياسية التي يدفعون ثمنها دوما والكوارث التي مر بها الوطن خلال العام المنصرف، فمنذ زمن والفلسطينيين يحلمون بالانتخابات الفلسطينية وينتظرون معجزة من السماء لإنهاء الانقسام الفلسطيني وكذلك بناء أيقونة سياسية جديدة من خلال الانتخابات تخرجهم من أعوام عجاف وانقسام أسود بغيض, فالوضع الراهن وما يدور في الآونة الأخيرة عن الانتخابات الفلسطينية يراه المواطن الفلسطيني وهم يطفو علي  الساحة الفلسطينية فالاتجاه مازال يراوح مكانه ضمن أرجوحة الأنتخابات التي يتحكم بها طرفي الأنقسام مثل الريموت كونترول، وهذا ما نشير إليه في أزمة وطن وأخرها ما شهدته الساحة الفلسطينية في الآونة الأخيرة من تطورات هامة تلت اتفاقيات التطبيع بين دولة الاحتلال ودول عربية، واسرائيل تسعي للتطبيع مع دول أخري وصفقة القرن ففي ظل أحداث الانتخابات الأمريكية مازالت تراوح مكانها ونحن علي أمل علي أنهائها في ظل الحكومة الأمريكية الجديدة والغاء ما بدر من الحكومة الأمريكية السابقة بخصوص لطمة القرن، ناهيك عن كوارث جائحة كورونا، من أهم التوجهات التي تشهدها الحالة السياسية الفلسطينية الحديث عن إجراء انتخابات فلسطينية خلال الستة أشهر القادمة لمواجهة التغيرات التي طرأت علي الساحة الفلسطينية من موافقة حركة حماس علي وهم الأنتخابات ولكن مالم يصدر الرئيس عباس مرسوما رئاسيا ووضع الأمر علي الطاولة للتنفيذ، فما دون ذلك يبقي وهم وحلم لن يتحقق والمواطن الفلسطيني لم يبقي بجيبة شيء يدفعه غير أعمار حياتهم ومستقبل أبنائهم المسلوب.

وبالرجوع إلى العام المنصرم للتدهور الأقتصادي الفلسطيني وطبقا لتقرير مركز الأحصاء الفلسطيني فأن العام 2020 شهد تراجعاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12% مقارنه مع عام 2019، فمع بداية التأثر بجائحة كورونا والتي القت بظلالها خلال الربع الاول من عام 2020، شهد الاقتصاد الفلسطيني تراجعاً نسبته 4% مقارنة مع الربع المناظر 2019، ليزداد التراجع في ظل تعمق الجائحة، والتي على أثرها فرضت مجموعة من الإجراءات ضمن حالة الطوارئ، حيث شهدت فلسطين إغلاقا جزئياً وشاملا على فترات متقطعة وذلك للحد من تفشي هذا الوباء، تركز هذا الإغلاق خلال الربع الثاني من عام 2020، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً حاداً بحوالي 20% مقارنة مع مع نفس الربع من العام السابق، وخلال النصف الثاني من عام 2020، بدأت معظم الأنشطة الاقتصادية بالتعافي التدريجي وذلك من منطلق الموازنة بين الاقتصاد والصحة، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي، إلاّ أن مستواه ظل أقل مما كان عليه قبل الجائحة متأثراً أيضاً بإجراءات الاحتلال الإسرائيلي المتعلقة بحجز عائدات المقاصة والتي استمرت لأكثر من سبعة أشهر متتالية، حيث تشكل تلك الأموال ما نسبته 70% من إجمالي الإيرادات وتعتبر المصدر الاساسي لتغطية النفقات الجارية. وعلى مستوى الإنفاق تراجع الاستهلاك الكلي في فلسطين خلال نفس العام بنسبة 6% كما تراجع الاستثمار الكلي بنسبة 36%.

شهدت معظم الأنشطة الاقتصادية تراجعاً ملحوظاً في قيمتها المضافة خلال العام 2020 مقارنة مع العام 2019. حيث سجل نشاط الخدمات أعلى قيمة تراجع وبنسبة 10%، وكان المتضرر الأكبر منه النشاط السياحي بما يشمل المطاعم والفنادق، حيث توقف أكثر من 10 الاف عامل عن العمل في هذا القطاع، كما تراجع نشاط الإنشاءات بنسبة 35%، بسبب التراجع الحاد في مستوى الطلب على البناء لتلك الفترة، حيث انخفض عدد رخص الأبنية بنسبة 45% خلال فترة الإغلاق الشامل ( الربع الثاني 2020)، ثم نشاط الصناعة الذي تراجع بنسبة 12% خلال عام 2020، حيث شهد النصف الأول من عام 2020 انخفاض كميات الإنتاج الصناعي بنسبة 6% إلا أنه خلال النصف الثاني من عام 2020 بدأ هذا النشاط بالتعافي التدريجي ولكن بمستوى اقل مما كان علية قبل الجائحة نتيجة أزمة المقاصة، وشهد نشاط الزراعة تراجعا بنسبة 11%.

وبلغ رصيد الدين العام حوالي 3,5 مليار دولار أمريكي في نهاية الربع الثالث 2020 بارتفاع حوالي 24% مقارنة مع الربع الأخير من عام 2019 الذي وصل حوالي 2,8 مليار دولار أمريكي.

ناهيك عن منشاّت القطاع الخاص فقد خسرت أكثر من نصف انتاجها أو مبيعاتها خلال فترة الإغلاق الشامل بسبب جائحة كورونا .

وناهيك ايضا عن فقدان أكثر من 66 ألف عامل أعمالهم خلال عام 2020، ما أدى لارتفاع معدل البطالة إلى 27,8%، ما يعكس انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 14%، ودخول فئات جديدة إلى دائرة الفقر والفقر المدقع. وبلغت نسبة البطالة في قطاع غزة 49% بعدد عاطلين عن العمل بلغ 203,2 آلاف فرد، بينما بلغت البطالة في الضفة الغربية 14,8% بعدد 118,2 ألف فرد.

كل هذه المؤشرات تدل على أن الاقتصاد الفلسطيني يمر بمرحلة سيئة جدا لم يشهدها الاقتصاد الفلسطيني من قبل .وأن استمرار هذا الحال للعام الحالي في ظل انقسام مستمر وتدهور اقتصادي سياسي وصحي وتراجع المنح المقدمة من الدول المانحة، وعدم قدرة القطاع الخاص الفلسطيني على التوسع بحكم الظروف السياسية  والاقتصادية السائدة والراهنة في فلسطين وأن هذا التوتر سوف يستمر لأكثر من ذلك والخروج من الأزمة يلزمها معجزات مستحيلة علي أرض الواقع في الوقت الذي يعاني منة الشعب الفلسطيني من الانقسام وتبعياته ومن ارتفاع  ظاهرة البطالة ونسب الفقر وعدم وجود أليات أو تطورات للخروج من الأزمات الحالية والصعود علي مطب ما يمسي بالانتخابات المستحيلة يرجح أنه تم استنفاذ جميع المحاولات بالسابق ولم تستطع الحكومة معالجة المشكلات الرئيسية كالبطالة وأنهاء الأنقسام والخروج من عنق الزجاجة الخاص بالانتخابات ولم تستطع الحد منها بل أصبحت بتزايد مستمر فالوضع الاقتصاد الفلسطيني لم يعد لدية أي فرص للخروج من الأزمة وكل ما علية فقط الحفاظ علي الوضع الراهن في الفترات الحالية ,وعليه فأن المؤشرات الاقتصادية للعام المنصرم صادمة للكثيرين وخاصة فيما يتعلق بالتراجع المستمر في النمو الاقتصادي ناهيك عن التضخم وهو عدم وجود قوة شرائية لدي المواطنين نتيجة العوامل الاقتصادية  والتوترات الراهنة وكوارث جائحة كورونا التي القت بظلالها علي الأقتصاد الفلسطيني المتهالك  .    

فعلى المستوى الاستراتيجي الفلسطيني فقد آن الأوان للخروج من خندق الضباب الاقتصادي لأحداث تغيير ثوري في المنظومة الاقتصاديّة القائمة ما بين السلطة الوطنية وإسرائيل، تمهد لانفكاك اقتصادي حقيقي واستقلاله بعيدا عن الاقتصادي الإسرائيلي ليس بشكل تدريجي بل البدء بشكل حقيقي يخدم مصالح الاقتصاد الفلسطيني ومواجهة التحديات التي تواجهه السياسة  والاقتصاد الفلسطيني  .

وبالتطرف الي أكثر الأسباب تدهورا للوضع الفلسطيني الانتخابات الفلسطينية فمن الصعب أن نرى إجراء انتخابات فعلياً وعملياً تسير علي أرض الواقع بكل جوانبها ، إذ لم تُسَد الفجوة العقيمة بين الضفة الغربية وقطاع غزة. حيث أعلنت حركة حماس إنها تريد انتخابات برلمانية ورئاسية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة. ولكن بالنظر الي ما يخرج من أزمة وطن والانتخابات الفلسطينية  بشقيها أن الرئيس محمود عباس يجعل المضي في انتخابات رئاسية أمر عقيم بالأساس رغم عزمة مرار بالتطرف الي أصدار مرسوم رئاسي للمضي بالانتخابات رغم أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحاجة لتجديد ولايته وشرعيته من خلال التوجه لصناديق الاقتراع . اذا لم يكن هناك تقدم ببنود الانتخابات الأساسية فسوف يكون الأمر صعباً للغاية لتحقيق متطلبات المرحلة القادمة بكافة شكلياتها وحيثياتها ليشعر الشعب بمدي جدية الرئيس عباس للتوجه للانتخابات الفلسطينية عليه فورا إصدار مرسوما رئيسيا ينص علي تنفيذ الأنتخابات خلاف ذلك سيبقي التدهور الأقتصادي سيد الموقف ناهيك عن زيادة شرخ الأنقسام الذي أصبح انفصال شبة تام وخلاف ذلك كالبحث عن أبره في كوم قش يدفع ثمنها المواطن الفلسطيني لأعوام قادمة لا يمكن حصر تاريخها ويرجع ذلك بالأساس علي عاتق الشعب الذي أعطي هذا الحجم لطرفي الانقسام  .

يلزم في الوقت الراهن أنجاز ملف الانتخابات باتفاق جزري يشمل كل الوطني والاتفاق علي توافق وطني فوري والاتفاق علي بنودة ومسارة بشكل كامل بين الفصائل  فالشعب الفلسطيني يتطلع الي أمال مستقبل جديد بقيادة وبداية في ظل التدهور الأقتصادي والفقر والبطالة وكوارث جائحة كورونا بدلا من الانجرار وراء دفع مزيدا من أثمان أعمارهم ومستقبل أبنائهم تحت بند فاتورة الأنقسام والانفصال الفلسطيني والوهم الفلسطيني وأرجوحة الأنتخابات و دغدغة المشاعر الفلسطينية الخاصة بالانتخابات وصولا الي أزمة وطن يصعب الخروج منها في العام 2021  والأعوام القادمة, ولذلك المدخل الوحيد والأساسي لأجراء الانتخابات الفلسطينية الخروج الفوري من الأنقسام وتحقيق المصالحة الفلسطينية ووضع بنود الانتخابات علي الطاولة تحت بند التنفيذ وغير ذلك وكأنه ابرة في كوم قش وكأنه لم يكن لتضاف الي رزمة فشل الاتفاقيات السابقة محطة فشل جديدة في بداية العام 2021  ولكن في هذه المرة لن يدفع الشعب ثمنها وحدة ولكن سيشاركه بها طرفي الانقسام ضمن انفصال تام لشقي الوطن يكون المستفيد الوحيد منها أصحاب المصالح والاحتلال الإسرائيلي والشعب يدفع مزيد من ارواحهم بسبب تدهور الأيقونة الصحية أولا وثانيا تدهور الاقتصاد بشكل تام وأخرا تدهور حالة الانفصال الفلسطيني بسبب الأنقسام الأسود لن يشعر بالمواطن الفلسطيني سوي أبناءه   .

وأجريت آخر انتخابات رئاسية في فلسطين عام 2005، وفاز فيها الرئيس الحالي محمود عباس، في حين أجريت آخر انتخابات تشريعية سنة 2006، وفازت فيها حركة "حماس".