يعمل الجيش الإسرائيلي والإدارة المدنية في الضفة الغربية حسب أوامر المستوطنين.
هذا عرفناه منذ زمن، لكن حادثة مولد الكهرباء تدلل على أي درجة أن الأمر مباشر والامتثال سريع من قبل قواتنا لقادتهم.
فقط نحن سنستبق الأمور، وسنقول إن المستوطنين لم يكونوا ليصبحوا قادة للجيش لولا أن مرؤوسيهم أرادوا ذلك – الحكومة والأجهزة الأمنية.
قبل بضع ساعات من قيام جندي إسرائيلي بإطلاق النار على رقبة هارون أبو عرام، الذي يستلقي الآن مشلولاً وفاقداً الوعي ومربوطاً بجهاز التنفس الاصطناعي في مستشفى في الخليل، حلقت مروحية تصوير فوق قرية الركيز في جنوب شرقي يطا.
نعرف أن المستوطنين قاموا بتشغيلها في الساعة التاسعة صباحا يوم الجمعة 1 كانون الثاني (قبل يوم على عيد ميلاد أبو عرام).
نعرف أن من شغلوها أرسلوا تقريرا فوريا للإدارة المدنية حول شيء ما. حول ماذا؟ حول أن فلسطينيين مخالفين للقانون ووقحين يصممون على العيش في أراضيهم، وأنهم أقاموا مرحاضاً ونصبوا أرجوحة للأطفال، أو قاموا بمد أنبوب للمياه، وأنه فوق مبنى معين تم وضع سقف من الصفيح لم تتم مشاهدته قبل أسبوعين من ذلك؟
هذه مخالفات خطيرة جداً، حسب قوانين الدولة اليهودية الوحيدة في العالم، طالما ارتكبها فلسطينيون.
بعد أربع ساعات على تحليق مروحية التجسس فوق رؤوس السكان، ظهر في القرية حسام معدي، ضابط البنى التحتية في إدارة التنسيق والارتباط في الخليل (جزء من الإدارة المدنية الخاضعة لوحدة منسق أعمال الحكومة في «المناطق» في وزارة الدفاع).
وقد رافقه خمسة جنود لا نعرف أسماءهم. نذكر أن الوقت كان يوم الجمعة ظهراً، في معسكرات الجيش أصبحت أجواء يوم السبت ملحوظة. هل الجنود مكتئبون لأنهم لم يعودوا إلى بيوتهم؟ هل هم مسرورون لأنهم يحبون الإثارة ويعرفون من يقوم بتشغيل المروحية، الذي سبق ودعاهم إلى وجبة يوم السبت في الفيلا خاصته؟ وماذا عن ضابط البنى التحتية – ما الذي دفعه بهذه الدرجة إلى اقتحام بيت أشرف وفريال عمور، وأن يأمر جنوده بمصادرة المولد، الذي يمكن فريال من استخدام الغسالة لغسل الملابس التي يجمعها أولادها من القمامة وبعد ذلك يقومون ببيعها في السوق في يطا مقابل مبلغ زهيد.
من الصعب عدم الاستنتاج أنهم في الإدارة المدنية يخافون من أنه إذا لم يذعنوا فوراً لأوامر جنرال حوام فإن ممثلي المستوطنين سيهاجمونهم في الحكومة وفي الكنيست وفي وسائل الإعلام.
لا نعرف إذا كان من يشغل المروحية المصورة هو أحد السكان في مستوطنة أو في بؤرة استيطانية أم أن له وظيفة رسمية في جمعية «رغفيم» اليمينية.
في حملتها لطرد الفلسطينيين من المناطق ج، استخدمت طائرات مروحية للتجسس عليهم قبل سنوات من اتخاذ مكتب شؤون الاستيطان قرار تمويل شرائها لصالح المستوطنين.
من المرجح أن مروحية كهذه قامت بالتجسس على بيت الباطون البسيط الذي بنته عائلة هارون أبو عرام. لأن المغارة التي سكن فيها آباء العائلة وأجدادها لم تعد مناسبة للسكن. سكنت العائلة في البيت فقط مدة أسبوعين. وفي 25 تشرين الثاني 2020 انقضت عليه الجرافات.
يئير رون، العضو في «مجموعة القرى»، وصف عملية الهدم: «من قمة التلة شاهدنا جيداً كيف تقوم الجرافة بهدم البيت ومبنى الخدمات بصورة وحشية ومحسوبة، وتقوم بتحطيم صهريج المياه والألواح الشمسية، وحتى مظلة الأغنام.
جيش كامل كان هناك، من الجنود ومن حرس الحدود المسلحين والمحميين من قمة الرأس وحتى أخمص القدم، ووجوههم مغطاة بخوذات رجال الفضاء، وعشرات من موظفي الإدارة المدنية والسيارات العسكرية وأربع جرافات بلون أصفر.
تم الهدم دون إنذار مسبق... رئيس المدمرين أيضا لم يعطِ أبناء العائلة ما يكفي من الوقت لإخلاء أغراضهم، فقد تمكنوا من إنقاذ جزء منها فقط، وبقي جزء في البيت، وتم تدميره تحت الأنقاض، والتي ضربتها كفة الجرافة مرة تلو الأخرى وحطمتها بصرير مقرف يشبه تأكيد القتل. والجنرال المشرف على المروحية المصورة بالتأكيد كان يجلس في البيت ويفرك يديه مسروراً.
عن «هآرتس»