قال المستشار الإعلامي للرئيس الشهيد ياسر عرفات، بسام أبو شريف، إنّ "الإعلام الفلسطيني لم يصل حتى الأن، إلى المستوى الضروري من الفاعلية المؤثرة في كشف وتعرية جرائم الاحتلال ضد شعبنا، والتركيز عليها بغية فضح جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل وحشد الرأي العالمي للدفاع عما ينادي به من الدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".
جاء ذلك خلال حديثه في دورة تدريبية للصحفيين عقدها مركز شؤون المرأة بقطاع غزّة، للصحافيين والإعلاميين العاملين بمجلته "الغيداء" ونخبة من الصحافيين العاملين في الميدان تحت عنوان "تأثير القصة الإنسانية في الرأي العام".
وأضاف أبو شريف في حديث رصدته وكالة "خبر": "إعلامنا لم يصل في جهده وفاعليته إلى مستوى يتناسب مع العدالة التي يجب أن نقاتل من أجلها في المجتمع الدولي والإقليمي وحتى المحلي.
وأرجع ذلك إلى عدم شعور السلطة الفلسطينية بالمسؤولية الوطنية العامة تجاه "العمل الإعلامي وخاصةً الإعلام الخارجي"، رغم أنه من أقوى الأسلحة التي يمتلكها شعبنا الأعزل، مُردفاً: "في ظل غياب التصرف المسؤول من السلطة التي تعمل وكأنه لا علاقة لها بمعركة الإعلام، فإنّ المطلوب من الصحفي الفلسطيني أنّ يكون "جنرال المعركة" ويخوض هذه المواجهة، في غياب المقاطعة".
اتفاق أوسلو
كما تحدث عن ما وصفه بـ "كمين أوسلو" الذي أعدته "إسرائيل" لمنظمة التحرير خلال المفاوضات السرية التي جرت في أوسلو، والتي انتهت بتوقيع إعلان المباديء والاعتراف المتبادل مع "إسرائيل" في وقت كانت تجري فيه مفاوضات علنية للجان مؤتمر مدريد للسلام.
وقال أبو شريف: "إنّه مع المماطلة الإسرائيلية المتعمدة في مفاوضات مدريد للسلام، فتح الإسرائيليون قناة مفاوضات سرية في أوسلو، مع منظمة التحرير، التي رفضوا اشراكها علانية ورسمياً في مؤتمر مدريد.. وتعمدوا إطالة مفاوضات مدريد".
وتابع: "كان أبو عمار، والحقيقة أنها نقطة ضعفه الأساسية، يستعجل إقامة دولة فلسطينية قبل أن يمضي به العمر، فجاءه من يزين له "أوسلو" ويقول له دولة فلسطينية مستقلة بعد مرحلة انتقالية.!".
وأردف: "يومها وبحكم واجبي كمستشار قلت لأبو عمار إحذرهم إنهم "يجروك إلى كمين لتحويل منظمة التحرير إلى أداة كناسة وحراسة في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت السيادة الإسرائيلية" وطالبته بعد القبول بأوسلو وقلت: "إن من يزين لك أوسلو منهزم داخلياً وتعب ومش قادر يكمل".
واستدرك: "بعد جدال كبير وافق أبو عمار على أوسلو، ومن جانبي استقلت من موقعي وذهبت للإقامة في الأردن، ولم أدخل إلى الأرض المحتلة إلا بعد عام ونصف العام من دخول ياسر عرفات إليها وإثر اتصال منه".
ورداً على سؤال لماذا قبل ياسر عرفات بإعلان المباديء واتفاقات أوسلو ولم يتمسك برؤية حل الدولتين الواردة بالرؤية الفلسطينية لحل الدولتين التي نُشرت في مقال عام 1988؟، قال أبو شريف: "إنّ من زيّن لعرفات ذلك "الكمين" لعب على مسألة حساسة لديه أي الدولة الفلسطينية المستقلة، وجاءت اتفاقات أوسلو ولم تمنحنا دولة ولا أرض ومكنت الإسرائيلي من التحكم بلقمة العيش والاقتصاد الفلسطيني، ثم وقع أبو علاء قريع الاتفاق الاقتصادي في باريس وهو اتفاق استسلام سلم فيه رقاب الفلسطينيين لإسرائيل".
واستطرد أبو شريف: "من يقرأ الاتفاق السياسي/ إعلان المباديء، يجد خلف كل حرف فيه "كمين" وبين كل فاصلة وأخرى مئة مجال يتيح لإسرائيل أن تفسر وتتلاعب بالتنفيذ، ومع ذلك نجد أن هناك من لازال يتمسك بهذا الاتفاق، إنهم مهزومين من الداخل، ولا يريدون أن يقاوموا الاحتلال ليطردوه من أرضنا، وأنا أقول للجميع إن ما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة".
وأضاف: "بعد عودتي إلى الأرض المحتلة شاركت بحفل لجمعيات سلام، وكان شمعون بيريز حاضراً واقترب مني وقال: يبدو أن صديقك جاد حول إقامة دولة فلسطينية مستقلة، فقلت له: بالطبع، ولذلك وقع المعاهدة، فقال لي: قل لصديقك إنه لايوجد، ولن يوجد أي إسرائيلي يوافق على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، فقط حكم إداري ذاتي تحت السيادة الإسرائيلية".
واستكمل أبو شريف حديثه: " فقلت له: لكن هذا مناقض لما اتفق عليه، فأجابني مبتسماً: عليك قراءة الاتفاق مرة أخرى، ولن تقبل أي حكومة إسرائيلية إعطائكم دولة فلسطينية أو إقامة دولة للفلسطينيين، ونقلت هذه الرسالة للرئيس ياسر عرفات، فهز رأسه وقال: يكذبون .. إنهم لايريدون السلام، فقد أدرك عرفات حقيقة كمين أوسلو وعرف منذ العام 2000 أنه لن تكون هناك دولة وأنّ كل الفرص "أغلقت أغلقت أغلقت" وبدأ يهيىء لمقاومة الاحتلال".
وبيّن: "على هذه الخلفية بدأ شارون يظهر منافساً لنتنياهو وباراك واقتحم المسجد الأقصى واندلعت الانتفاضة الثانية، وكان ضمن مخططات شارون اغتيال ياسر عرفات، ونقلت لعرفات معلومات عن ذلك وطالبته بالتوجه إلى الخارج، فقال لي إنّ أبو مازن أبلغه بأنه إذا سافر لن يسمحوا له بالعودة، في إشارة إلى الإسرائيليين، فسألته ولماذا تعود؟ أنت محاصر في المقاطعة ولا تستطيع الحركة وجودك في الخارج أفضل لصالح شعبنا من بقائك محاصراً في المقاطعة".
التنسيق الأمني
وقال أبو شريف: "إنّ التنسيق الأمني لم يكن يعني أيام ياسر عرفات السماح للقوات الإسرائيلية بمهاجمة المدن والقرى الفلسطينية لاعتقال من تشاء، ولم يكن يعني أبداً قيام المخابرات بتقديم معلوماتها عن المناضلين الفلسطينيين لإسرائيل".
ورأى أنّه بعد اغتيال عرفات فقط تحوّلَ "النظام الفلسطيني" والمنظمة والسلطة الفلسطينية وأجهزتها إلى أداة لخدمة إسرائيل، مُردفاً: "تحت غطاء التنسيق الأمني، تعمل هذه الأجهزة على منع المقاومة وتسليم المناضلين لسلطات الاحتلال وإعطاء الإسرائيليين معلومات عنهم، وملاحقة كل من يحاول مقاومة الاحتلال، وحتى قمع تظاهرات المطالب الاقتصادية والحياتية والاجتماعية إذ تتعامل أجهزة الأمن معها وكأنها عدو لأن الأمريكيين والإسرائيليين دربوها على ذلك".
وتابع: "هذا لن يطول، إذ سيثور شعبنا على هذا الوضع، فهناك فساد وسوء ائتمان في السلطة وهناك سوء استخدام لمال الشعب وحتى المساعدات"، مُستدركاً: "بعض الناس اغتصبوا الأراضي باسم السلطة، لكنّ شعبنا سينتقم من كل هؤلاء ويحاسبهم جميعاً".
وختم أبو شريف حديثه، بالقول: "موضوع المصالحة والانقسام والوحدة الوطنية، ما هو إلا لعبة لإبعاد الشعب الفلسطيني عن العمل الحقيقي في مقاومة الاحتلال، وأعتقد أنّ المستقبل سيفرز قيادات جديدة من الشباب الفلسطيني الذي يرفض كل عمليات الفساد والإفساد وخدمة العدو والارتماء في أحضانه وخدمته والتنسيق معه ضد مصالح شعبنا".