الفتاة المحجبة في الإسلام

الفتاة المحجبة
حجم الخط

رام الله - وكالة خبر

أمر الله جل في علاه الفتاة المسلمة بارتداء الحجاب، لأنّه ثوبٌ ساترٌ؛ لكي تستر نفسها وتحفظها، فهي بتنفيذ ذلك الأمر تُكرم نفسها من أن تكون سلعةً رخيصةً، تمتدّ إليها أيدي العابثين.

كما حثَّ الإسلام الفتاة المسلمة على ارتداء الحجاب لتصون كرامتها، ولكي لا تقع في مصائد البشر ونيّاتهم الخبيثة، باعتباره إعلانٌ للعالم أجمع أنّها فتاة تعظّم دينها، وتحترم أمر ربّها؛ بل وتحترم نفسها.

وقال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ"،[١] فالحجاب هو الحصن الذي تحتمي به الفتاة من الأذى، وهو كذلك علامةٌ على أنّها فتاةٌ مستقلّةٌ، ولها شخصيّتها الخاصّة بها، وليس كلّ همّها أن تُثير الشهوات.

والحجاب طهارةٌ لقلب الفتاة وقلب غيرها، لقول الله تعالى: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ"،[٣] فإذا امتنعت العين عن الرؤية، لم يشتهِ القلب، والحجاب حياء، فهو يتناسب مع الحياء الذي فطر الله -تعالى- المرأة عليه، وهو كذلك يتناسب مع الغِيرة التي خلق الله -تعالى- الرجل عليها.

وجعل الله اللباس زينةً وستراً، ومظهراً من مظاهر التقوى، ولم يترك الناس عراةً على حالتهم الأولى، بل خلق لهم ما يستر عوراتهم، إلا أنّ الشيطان أبى إلّا أن يفتنهم، كما فتن أبويهم من قبل، فنزع عنهم لباسهم، وكلّ ما يسترهم، ومنهم من انقاد لفتنته، حتى وصل الحال ببعض القبائل العربية إلى أن يطوفوا بالبيت الحرام عُراةً، معلّلين ذلك بأنّهم لا يريدون الطواف بالبيت في ملابس ارتكبوا معصيةً أثناء ارتدائها، وافترى بعضهم بالقول أنّ الله تعالى أمرهم بذلك، فجاء الإسلام ليلغي بعض عادات الجاهليّة ويثبت بعضها.

كما جعل للحجاب الشرعيّ شروطاً استنبطها العلماء من النصوص الواردة في الأمر بالحجاب، كي يحقّق الغاية التي من أجلها فُرض، وفيما يأتي بيان بعض الشروط بشكلٍ مفصّلٍ:

أولاً: أن يكون الحجاب ساتراً لجميع بدن المرأة، باسثناء الوجه والكفّين، ففيهما خلاف؛ لقول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، في حديث عائشة رضي الله عنها: "يا أسماء، إنّ المرأة إذا بلغت المَحيض لم يَصلُح أن يُرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفّيه".

ثانياً: أنّ لّا يكون الحجاب زينةً في نفسه؛ ويدخل في ذلك كلّ ما من شأنه أن يلفت أنظار الرجال. ألّا يشفّ الحجاب عمّا تحته؛ لأنّ ذلك لا يدخل في معنى الحجاب، فهو أقرب إلى وصفه بالعريّ، الذي ليس له غايةً سوى لفت الأنظار، ونشر الفتنة.

ثالثاً: أنّ يكون الحجاب فضفاضاً غير ضيّق؛ لأن الستر لا يتحقّق إلّا باللباس الواسع، إلّا أنّ اللباس الضّيق وإن كان لا يُظهر لون البشرة فهو يُظهر حجم الأعضاء، ويصوّرها في عين الناظر.

رابعاً: أنّ لّا يكون الحجاب له رائحةً من الطيب والبخور وغيرهما؛ لورود النهي من النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بقوله: "أيّما امرأةٍ استعطَرت فمرّت على قومٍ؛ ليجدوا من ريحها، فهي زانيةٌ"،[٧] فقد وصفها رسول الله أنّها زانية؛ لأنّها دعت الرجال للنظر إليها، وإثارة شهواتهم.

خامساً: أنّ لّا يُشبه لباسها لباس الرجال؛ فقد لعن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من تشبّه بالرجال من النساء، ومن تشبّه بالنساء من الرجال.

سادساً: أنّ لّا تقصد التشبّه بالكافرات في لباسها؛ فقد ورد النهي من الشرع عن التشبّه بهم. ألّا يكون لباس شُهرةٍ؛ وهو الذي تتميّز فيه بين النساء، إمّا بلونه، أو شكله، أو كثر الزخارف فيه.