سيمر وقت طويل في تحليل وتمحيص ما جرى في الهجوم على مبنى الكونغرس الامريكي "الكابيتول" ومعرفة حقيقة ما جرى والاسباب السطحية المباشرة او العميقة الفكرية التي قادت اليه ، لكن معرفة المهاجمين والمهجوم عليهم قد تسهم في سبر العمق .
المهاجمون ليسوا "رعاعا" او قطاع طرق او لصوصا او موجة غضب او ردة فعل ، بل هم من علية القوم كما يقال، هم اعضاء متقدمون في الحزب الجمهوري الحاكم ، جاءوا بعشرات الالاف بناء على دعوة من زعيم الحزب وقائدهم العام، بل قائد كل امريكا، وحضروا من كل الولايات وبعضهم من المناطق البعيدة استقلوا الطائرات ، جاؤوا لكي ينتصروا للديمقراطية وليمنعوا سرقة الانتخابات، هكذا تكلموا في المقابلات التي أجريت معهم .
قائدهم العام. دونالد ترامب، لم يأت الى السلطة بالدبابة، بل بالانتخاب الحر قبل اربع سنوات. صحيح ان "الانتخاب الحر" مفردة شائعة تقال للاستهلاك العام ولغسل ما تبقى من ادمغة الناس، فبدون ان يكون هو او غيره مليارديرا او مليونيرا، فإنه لا يمكن له النجاح او المرور. ولهذا يحضر هنا كارل ماركس بقوة الذي وصف الانتخابات الغربية عموما انها حرية المواطن في اختيار السوط -"الكرباج"- الذي يجلد به كل اربع سنوات مرة .
وترامب هذا، لم يترشح في المرتين بناء على اهوائه ورغباته الشخصية، بل ان حزبا "عريقا"، عريقا بمعنى قديما، هو من تبناه ورشحه ليفوز في المرة الاولى وليحصل على 74 مليون صوت في المرة الثانية. وهذا الحزب أحد اثنين في كل البلاد طولها وعرضها حاضرها وماضيها ، وانه قاد البلاد أكثر من غريمه الديمقراطي بثلاث مرات.
فمن هو المهجوم عليه؟ بغض النظر عن تسمية المبنى "الكابيتول" التي تعني رأس المال، فقد كان يحتضن 635 انسانا من الحزبين في المجلسين النواب والشيوخ لمنح الرئيس الفائز آخر اجراءات التشريع قبل يوم التسليم بعد 14 يوما .
الاعضاء الجمهوريون موالون بالطبع لرئيسهم وقائدهم حضروا للعرقلة، حتى ان بعضهم اثناء دخوله المبنى حيا المتظاهرين المحتشدين في الخارج، بعضهم احضر الطعونات في انتخابات بعض الولايات، فمن هم الديمقراطيون؟
من أرتكب ابشع جريمة في التاريخ الحديث بإلقاء القنبلة النووية على هيروشيما وناغازاكي هم الديمقراطيون، ويقال ان القنبلة الثانية ألقيت بعد استسلام اليابان.
من قاد حربا ابادية على فيتنام وقبلها كوريا هم الديمقراطيون، ويقال ان عدد القتابل التي القيت على العاصمة بيونغ يانغ مئتا الف قنبلة، بقدر عدد السكان،. من حاصر العراق وأتى على نحو مليوني طفل عراقي موتا ومثلهم من اليتامى هم الديمقراطيون. من صنع داعش لتفتك بالعراق وسوريا هم الديمقراطيون. وحتى "القدس" التي اهداها ترامب عاصمة ابدية لاسرائيل، فهي قرار في جرارات الكنغرس منذ عام 1996 اي في ظل حكم الديمقراطيين.
وليس صدفة أنه منذ الرئيس جيفرسون في انتخابات 1801 وحتى عام 1829 (سبع دورات انتخابية) كان الحزبان حزبا واحدا اسمه الحزب الجمهوري الديمقراطي!