إلى الرئيس بايدن: فاوض إيران ولكن بعد التأهُّب عسكرياً

حجم الخط

يديعوت – بقلم ايتان بن الياهو

مسألة النووي الايراني توجد قيد الانتظار قبيل دخول جو بايدن الى البيت الابيض، الذي سيتم رسميا غدا. وعندما سيعمد الى الانشغال بالموضوع تكون امامه ثلاث امكانيات. الاولى هي ان ينتظر الى أن ينكسر نظام آيات الله فيتوجه بمبادرته باقتراح لتحسين الاتفاق وفقا لصيغة الرئيس المنصرف ترامب (صيغة لم تنشر بكاملها ابدا)، الثانية هي أن ينفذ  هجوما واسعا لتدمير منشآت النووي الايرانية، والثالثة هي أن يدعو ايران الى طاولة المفاوضات.

​ان احتمال أن يختار الرئيس الامكانية الاولى متدنٍ وغير عملي. والامكانية في أن تستخدم الولايات المتحدة قوة عسكرية او كبديل تدعم هجوما اسرائيليا، رفضها الرؤساء السابقون وبالتأكيد لن يلجأ اليها بايدن. اما البديل الثالث فهو الاكثر احتمالية. المفاوضات مع الايرانيين سيجريها طاقم خاص ويمكن أن تجرى بالتوازي مع قوى ووسائل عديدة تكرس للحرب ضد وباء الكورونا.

​لا سبيل للنجاح في المفاوضات الا اذا كانت لديك رافعة ضغط على الطرف الاخر. في الفترة  التي ادار فيها الرئيس اوباما المفاوضات وان كانت عقوبات ضد ايران، الا ان هذه كانت بقوة متدنية، وحتى تحت الضغط الشديد الذي مارسه ترامب على الايرانيين لم يتحقق شيء. ويشكل الضغط العسكري الشديد والحقيقي السبيل الوحيد لممارسة الضغط على الايرانيين. علينا أن نتعلم من حالة مشابهة في التاريخ السياسي الحديث واستخلاص  الطريق  الصحيح منها لادارة المفاوضات مع الايرانيين اليوم ايضا.

​حدثان كانا متقاربين زمنيا الواحد من الاخر. الاول عالجه الرئيس كيندي مع دخوله الى البيت الابيض. حملة عسكرية صرفة من أجلها جند 1.400 مقاتل امريكي من أصل كوبي دربتهم السي.اي.ايه خصيصا، ارسلوا سرا وبشكل مفاجيء الى كوبا في شاطيء خليج الخنازير. وقد امتشقت الحملة التي خططها الرئيس آيزنهاور من رف الاوامر الجاهزة مسبقا واخرجت الى حيز التنفيذ في نيسان 1961. وصدر الامر بالتنفيذ دون مقارنة البدائل وبدون استعداد سياسي مناسب. 90 من أصل مقاتلي قوة الغزو قتلوا وسقط  الباقون في الاسر. فشلت الحملة ولم يتحقق شيء.  

​بعد 18 شهر فقط من ذلك علقت القوتان العظميان في ازمة حادة حول نصب صواريخ سوفياتية مع رؤوس نووية على اراضي كوبا  الشيوعية. هذه المرة اقامت كيندي على الفور (“طاقم لمعالجة الازمة إكسكوم”).  نظر في البدائل، بينها قصف قواعد الصواريخ غزو بري أو الاكتفاء بخوض مفاوضات سريعة.

​في نهاية المطاف رفعت حالة التأهب، بما في ذلك حالة التأهب العليا للمنظومة النووية، وكان 150 الف بحار جاهزين على طول شواطيء فلوريدا وجاهزين للامر، طلعات طيران استطلاعي جرت في سماء كوبا وفرض على الجزيرة حصار بحري. عمليا تمت استعدادات لكل سيناريو محتمل. ولم  تكن روسيا فقط في حالة خوف، بل العالم كله تخوف من ان نكون على شفا حرب نووية. في ذاك الوقت، من تحت الرادار بعث الرئيس بأخيه للقاء السفير الروسي في واشنطن وبدأ في مفاوضات سياسية. من يوم البيان العلني للرئيس كيندي عن نشوب الازمة وحتى انتهائها مر 28 يوما فقط.
​يجدر بالرئيس بايدن ان يتعلم من تجربة كيندي. يا فخامة الرئيس عليك أن تبادر الى المفاوضات، ولكن ليس قبل ان تنشر القوات في المنطقة، نسق التأهب مع اسرائيل ومع دول المنطقة التي هي اليوم شريكة في المهمة وضُم اوروبا ايضا، التي لن ترفض لان هذا اسناد للمفاوضات وليس للهجوم. والضغط والخوف الناشئان سيشكلان رافعة ناجعة وسيكون ممكنا انهائها بنجاح وفي وقت قصير.