التايمز: على أردوغان التخلي عن أحلامه برئاسة أسطورية

thumbgen
حجم الخط

 وجهت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها انتقادات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مشيرة إلى تقوض الكثير من إنجازاته قبل ساعات من إجراء انتخابات وطنية ثانية في غضون خمسة أشهر، بعد تعرضه لضربة في الأولى بسبب حملته التي لا هوادة فيها للفوز من أجل تعزيز سلطته.

وأشارت الصحيفة إلى أن رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا في الفترة من 2003 حتى 2014 ورئيساً منذ ذلك الحين، قد نال منذ وقت ليس ببعيد ترحيباً واسعاً كزعيم نموذجي لاقتصاد ناشئ ذي صبغة إسلامية معتدلة رائعة.

وعلى رأس حزب العدالة والتنمية الذي أسسه، أشرف أردوغان على الانتعاش الاقتصادي وأدخل إصلاحات ديمقراطية (كجزء من محاولة تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي)، وحقق هدنة مع القوميين الأكراد وكبح قوة الجيش الطامح للسلطة.

ولكن، كما توضح الصحيفة، يقوم الجيش التركي بقصف الانفصاليين الأكراد مرة أخرى؛ وتجد أحزاب المعارضة صعوبة في تنظيم مسيرات أو الخروج للتحدث على الهواء؛ ويتم تشويه سمعة المنافسين بأنهم إرهابيون.

وتخضع وسائل الإعلام المعارضة للترهيب أو التكميم؛ ومن المتوقع للاقتصاد الذي حقق نمواً بنسبة 9.2 في المئة في عام 2010 أن ينمو بنسبة 3 في المئة فقط هذا العام الآن، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

وترى الصحيفة ضرورة عدم تحميل أردوغان وحده كل تلك الأخطاء، فقد امتدت الحرب الأهلية في سوريا المجاورة إلى تركيا بكل تأكيد، وأرسلت موجات من اللاجئين عبر حدودها، ووضعت تنظيم داعش المتشدد على أبواب تركيا، ومن المرجح أن يكون داعش هو المسؤول عن الهجوم الانتحاري الرهيب الذي حدث في أنقرة يوم 10 أكتوبر (تشرين الأول)، وأودى بحياة أكثر من 100 شخص.

عدم الاستقرار

لكن أردوغان هو المسؤول المباشر عن الكثير من مناخ انعدام الأمن الذي استقر فوق سماء تركيا، بحسب الافتتاحية، وكان من المتوقع منه كرئيس أن يكون الرمز الموحِّد للخلافات السياسية، لكنه فضل التركيز بشكل متزايد على الفوز بأغلبية ثلاثة أخماس المقاعد في البرلمان التي تتيح له إعادة كتابة الدستور بطريقة من شأنها أن تركز السلطة في الرئاسة. وتحسباً لمثل هذه النتيجة، تم بناء قصر رئاسي واسع له في أنقرة، متجاهلاً قرار محكمة بعدم البناء على الأراضي المحمية.

وأكدت الصحيفة أن الناخبين الأتراك عبروا عن رفضهم لمسعاه في تعزيز سلطته في انتخابات يونيو (حزيران) عندما خسر حزب العدالة والتنمية الأغلبية البرلمانية بينما دخل الحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد البرلمان لأول مرة. لكن بدلا من المساعدة في ترتيب حكومة ائتلافية، وهو أمر متوقع من الرئيس، دعا أردوغان لانتخابات جديدة غداً 1 نوفمبر (تشرين الثاني). في غضون ذلك، هاجمت الحكومة بشدة السياسيين الأكراد كواجهة للإرهابيين الأكراد وشنت حملة قصف ضد الأكراد السوريين الذين يقومون بدور هام في الحرب ضد داعش.

وسلطت الصحيفة الضوء على بعض الأعمال القمعية في تركيا، مشيرة إلى أنه في ظل إطار حملة شرسة على الإعلام تحت إشراف أردوغان، اقتحمت مجموعات من الغوغاء مكاتب الصحف المعارضة، وألقت الشرطة القبض على صحفيين، وتم إغلاق صحف. وهاجم ضباط شرطة يوم الأربعاء مبنى آخر القنوات التلفزيونية الناقدة لأردوغان وأطلقوا القنابل المسيلة للدموع، وتنتمي تلك القنوات إلى شركة مرتبطة بفتح الله غولن، رئيس حركة إسلامية كانت في الماضي تدعم أردوغان ولكنها أصبحت من أشد المنتقدين لسياسته (ويعيش غولن في الولايات المتحدة).

وفي الختام، لفتت الصحيفة إلى أن أحدث استطلاعات الرأي في تركيا تشير إلى أن انتخابات الغد الأحد لن تغير كثيراً من نتائج يونيو (حزيران) على الرغم من كل الجهود التي بذلها إردوغان لتخويف الناخبين.

ولذا، من المستحسن أن يتخلى أردوغان عن أحلامه برئاسة أسطورية ويسمح لحزب العدالة والتنمية بتشكيل حكومة ائتلافية، وليس من المرجح أن يختار هذا المسار من تلقاء نفسه، وإنما يجب أن يدفعه حلفاؤه في الولايات المتحدة وأوروبا نحوه دفعاً وبقوة.