هكذا تستولي "عطيرت كوهانيم" على المنازل الفلسطينية في سلوان!

20153010214616
حجم الخط

بقلم: نير حسون

قدم قائد شرطة القدس، موشيه إدري، الأحد الماضي، توضيحاً لمحكمة العدل العليا أوضح فيه لماذا لا تستطيع الشرطة إخلاء كنيس بُنيَ بشكل غير قانوني على أرض خاصة لفلسطيني في مستوطنة «جفعات زئيف». فحسب إدري لا تستطيع الشرطة تخصيص قوات لهذه المهمة بسبب التوتر الأمني المتصاعد. وقالت الدولة للمحكمة إن الوضع الأمني  يستوجب تأجيل تنفيذ الهدم.
في اليوم التالي، اليوم الذي كان من المفترض أن يتم فيه الهدم، نجحت الشرطة في تجنيد مئات الجنود لمهمة أخرى: منع الدخول الى قرية سلوان من أجل حماية رجال دائرة الاجراء، والشاحنة التي دخلت الى بيت ابو ناب، حيث أخلي البيت والأثاث ودخل اليهود الى ذلك البيت.
تم إخلاء بيت ابو ناب بعد حملة قانونية طويلة وبتعاون من قبل الشرطة، وهذه مرحلة اخرى من مراحل نجاح جمعية «عطيرت كوهانيم» في الاستيطان اليهودي في قلب سلوان. وعلى العكس من جمعية «العاد» التي تشتري البيوت في مدينة داود القريبة من أسوار البلدة القديمة فان «عطيرت كوهانيم» تعمل على إقامة حي يهودي في مركز القرية، المحاط بآلاف العائلات الفلسطينية.
تقدم «عطيرت كوهانيم» نفسها بشكل قانوني وتدفع للعائلات الفلسطينية الاموال ليقوموا باخلاء بيوتهم، لكن فيلم الفيديو الذي نشر قبل شهرين من اجل الاساءة للفلسطينيين وتحميلهم المسؤولية عن بيع البيوت يعكس طبيعة العلاقة الصعبة بين السكان الفلسطينيين والجمعية.
المسؤول عن يهود سلوان، والذي لا يمكن ذكر اسمه هنا، هو «م» حيث منعت محكمة العدل العليا «هآرتس» من نشر اسمه او اسم السكان الفلسطينيين الذين وقعوا معه على الصفقات. استجاب القاضي اسحق عميت لطلب «م» بسبب الخطر على حياته إذا نشر اسمه في «هآرتس». وتقول المحامية تالي ليفلخ إن عدم نشر اسمه لم يأتِ بسبب الخوف على حياته وانما من أجل الدفاع عن «عطيرت كوهانيم» المستمرة في صفقات العقارات؛ الامر الذي له انعكاسات امنية وجيوسياسية بعيدا عن أعين الجمهور وان «م» هو شخصية معروفة في سلوان.
يسكن «م» في مستوطنة في الضفة، واشترى بيوتا في الخليل، ويقول السكان في سلوان ان لديه ميزانية غير محدودة وعلاقات جيدة في الشرطة وحارس املاك الغائبين وباقي السلطات. وقد بدأ عمله في منطقة تل الهوى في بداية سنوات الالفين في مشروع غير شكل الحي الصغير، حيث جند في حينه شخصاً من قرية سلوان، اشترى له هذا الشخص أرضا من ابن عائلته وبنى بمساعدة «عطيرت كوهانيم» عمارة من سبعة طوابق سميت عمارة يونتان (على اسم يونتان بولارد) وكان البناء في حينه بدون ترخيص، ويوجد أمر إخلاء وإغلاق لم ينفذ حتى الآن بسبب الضغط السياسي من قبل رئيس بلدية القدس، نير بركات. العلاقات المتشابكة بين ذلك الشخص من سلوان و»عطيرت كوهانيم» تحدث عنها ميرون ربوبورت في «هآرتس» في العام 2005، حيث لم ترد «عطيرت كوهانيم» على تلك المقالة رغم أنه قيل فيها إنها دفعت لذلك الشخص الاموال رغم معرفتها انه قام بالتزييف، وقاموا بتمويل البناء رغم عدم وجود ترخيص، وقاموا باغرائه من خلال السفر الى الخارج والنزول في فنادق فاخرة.
هناك بيت يونتان وبيت آخر بجانبه اسمه بيت العسل تم السكن فيه في العام 2004 وكان البيت الاول لـ»عطيرت كوهانيم» في الحي.
قدم الفلسطينيون ادعاءات كثيرة قانونية واخلاقية. ان القانون يمكن اليهود فقط من المطالبة باملاكهم ما وراء حدود 1948 أما هم فلا يحق لهم المطالبة بالممتلكات التي بقيت وراء الخط الاخضر في غرب مدينة القدس. ولا تنتهي القصة عند هذا الحد: الاجراءات القانونية تستمر فترة طويلة، وبعد الحصول على أوامر اخلاء من الصعب تطبيقها بسبب الحاجة الى عدد كبير من الشرطة وموافقة المستوى السياسي، وهنا يدخل «م» للصورة حيث ان مهمته هي اقناع الفلسطينيين من خلال الاموال.
الفلسطينيون الذين ضمن قائمة «م» هم العائلات التي تتواجد بين بيت يونتان (البيت الاول الذي سكنه اليهود العام 2004) وبين المبنى الكبير الذي تمت السيطرة عليه في نهاية آب، حيث وجدت هذه العائلات نفسها أمام «م» – سواء كمدع أو كمشتر ليقوموا باخلاء بيوتهم مقابل اسعار مغرية او عن طريق التهديد بأن الثمن سيكون كبيرا اذا لم يقوموا باخلاء بيوتهم.
قبل عدة اشهر دخل المستوطنون الى بيت آخر بعد أن وقع اصحابه على اخلائه مقابل 3.2 مليون شيكل؛ وبعد ذلك اخذوا مبنى كبيرا بعد أن دفعوا لاحد ابناء العائلة مليون شيكل مقابل الاخلاء. اما باقي العائلة فقد ذهبوا الى المحكمة مدعين ان البناء لم يكن ملكا للشخص الذي باعه لـ»عطيرت كوهانيم»؛ في الاسبوع الماضي تم اخلاء بيت ابو ناب. اما باقي العائلات فقد توجهت للمحكمة ضد «م» و»عطيرت كوهانيم»، وتنوي الجمعية اخلاء عشرات العائلات في تلك المنطقة.
النجاح الكبير لـ»م» هو السيطرة على مبنى فيه عشر شقق، الامر الذي يسمح لـ»عطيرت كوهانيم» بمضاعفة عدد عائلات اليهود في الحي. دخل شبان يهود منتصف الليل الى المبنى بعد أن دفعوا مليوني شيكل لشخصية معروفة في سلوان، تلك الشخصية التي تركت البلدة ولم تنجح «هآرتس» في معرفتها.
قبل ثلاثة ايام من دخول المبنى التقى في مقهى جورج في القدس «م» و»س» – احد سكان سلوان واحد اقرباء من باع العمارة. وفي اللقاء قال «س» انه يريد مساعدة «م» بشراء البيوت في سلوان، وقبل أن يفترقا اتفقا على أن يتم دفع الاموال لكل من يساهم في رفع علم اسرائيل فوق البيوت.
بعد اسبوع ترك البيت ودخل المستوطنون، لكن القضية لم تنته، حيث القت سيارة في الليل بدسكات كمبيوتر. ومن شاهد هذه الدسكات رأى «س» وهو يتحدث مع «م» ويوقع على اتفاق. ولم يظهر «م» في الفيلم، حيث انهم في سلوان مقتنعون ان «م» وراء تصوير الفيلم – تظهر صور البيت والعائلة في بداية الفيلم.
لقد هرب «س» الى اريحا وهناك ضربوه بسبب الفيلم. وفي اقواله لـ»هآرتس» قال، «شاهدت الفيلم، هذا ليس أنا، من الممكن أنني شربت شيئا». بجميع الاحوال فقد ظهر فيلم جديد لـ»س»، حيث تظهر صورة البائع الحقيقي وهو يعد الدولارات، بغض النظر عن ذلك فقد تم اخلاء البيت.
في احد البيوت التي تم اخلاؤها تسكن عائلة ابو سنينة، حيث يحمل ابناء العائلة عقد ايجار حتى نهاية العام ويرفضون الاخلاء. وفي الليلة التي دخل فيها المستوطنون قطعت العائلة عنهم الماء والستلايت. وفي اليوم التالي جاء «م» ليقترح ان يستأجر لهم في مكان آخر لمدة ستة اشهر على حسابه. «لقد قال لي استطيع ان ادفع لك الاموال التي تريدها وانت تستطيع اخراج الاولاد الواحد وراء الآخر دون ان يشعر احد»، يقول جواد ابو سنينة. وعندما رفض ابو سنينة قال له «م» انه لا يحمل اقامة في اسرائيل، وهو من سكان المناطق ومتزوج من مقدسية مثل الآلاف ممن يسكنون في القدس. بعد عدة ايام جاء «م» ومعه قائد شرطة «شليم» وطلب من ابو سنينة الهوية وتصريح الاقامة في القدس، وقالوا انه عليه اصدار تصريح جديد. اما ابو سنينة فقد رفض جميع الاقتراحات باخلاء البيت.
الى جانب بيت ابو ناب تسكن عائلتان اخريان: عائلة دويك وعائلة الرجبي اللتان تواجهان قضية اخلاء. زهير الرجبي، مختار الحي، يعرف «م» منذ سنوات طويلة، حيث عرض عليه اقتراحات سخية بخصوص البيت. وفي العام 2004 وقعت عائلة الرجبي ضحية لشخص من سلوان، حيث باع ذلك الشخص البيت مرتين، مرة لـ»عطيرت كوهانيم» ومرة لعائلة الرجبي. وحاول «م» ان يحل المشكلة (سألني «م» عن الثمن الذي دفعته للبيت فقلت له 35 الف دينار. فقال لي بامكانك ان تضيف صفرا ليصبح المبلغ 350 الف دينار وتأخذ البيت. فقلت له «لولا انك في بيتي لقمت بالقائك في الخارج»، كما يقول الرجبي الذي حصل على اقتراحات كثيرة ورفضها. وفي هذه الايام تواجه عائلة الرجبي دعوى في المحكمة قدمت ضدها من أجل اخلاء البيت.

 عن «هآرتس»