إسرائيل تدخل مرحلة شفاء بعد رحيل ترامب

حجم الخط

بقلم: اليكس فيشمان

 


بدأت المؤسسة السياسية – الحزبية – الأمنية الإسرائيلية، مساء أول من أمس، في عملية إشفاء أليمة. فواشنطن تعود للعمل حسب الكتاب، دون ألاعيب وبدون أحابيل. انتهى الدلال. وللرئيس الأميركي، مهما كان متعاطفاً مع إسرائيل، لن يكون هناك وقت لإجراء مكالمات هاتفية عابرة للأطلسي. القدس ورام الله بعيدتان عن سلم أولوياته، وهو سيدخل شخصيا إلى صورة الشرق الأوسط فقط في لحظات حرجة. حتى ذلك الحين، سيتعين على الأمور أن تحسم، مثلما كانت ذات مرة، في مستويات أدنى.
ان الانتقال إلى العمل المرتب لا يتضمن فقط الغرفة البيضوية للرئيس، بل أيضا مجلس الأمن القومي.
وعندما يرغب رئيس هيئة الأمن القومي، مئير بن شبات، في أن يبحث مع البيت الأبيض في مسألة شرق أوسطية ما، فانه لن يبدأ لدى رئيس هيئة الأمن القومي الجديد، جاك سليبان، بل مع مستوى أدنى بكثير، مثل برات ماكجراك، المسؤول عن الشرق الأوسط في هيئة الأمن القومي الأميركية. تقليديا، رئيس هيئة الأمن القومي الأميركية هو الجهة التي تنسق كل أعمال الهيئة لتصبح توصيات لقرار الرئيس. هكذا كان في عهد أوباما وأسلافه. لدى ترامب تحطمت كل الأطر: فسواء أكانت دراسة أم لا فان السياسة الأميركية كانت تتقرر على التويتر. وعندنا احتفلنا بهذا. وزيرا الدفاع والخارجية، مثل بومبيو، اتخذا قرارات مستقلة، ونشأت ثغرات استغلتها إسرائيل.
من المعقول الافتراض أن لدى بايدن ستغني الإدارة الأميركية، تجاه الخارج، بصوت واحد. فقد اختار بايدن بعناية الأشخاص الذين لديهم أجندة متبلورة جداً تشبه أجندته. وعندما تبدأ إسرائيل في التصدي للإدارة، منذ الأسابيع القريبة القادمة، لموضوع استئناف المفاوضات مع إيران فإنها ستصطدم مع كثير جدا من المعارف القدماء الذين يعرفون الشرق الأوسط بكل ثقوبه.
كلهم خريجو هيئة الأمن القومي أو السلك الدبلوماسي. بل إن بعضهم خدم في المنطقة. معظمهم، إن لم يكونوا كلهم، خبراء في مواضيع إيران، دول الخليج، العراق، سورية وافغانستان، وزاروا هنا عشرات المرات. كل طاقم إسرائيلي يعمل معهم سيتعين عليه أن يعد الكثير جدا من الفرضيات البيتية: تؤمن هذه المجموعة بالدبلوماسية وبالتسويات، ولن تتمكن إسرائيل من التلاعب معهم. كما أن لوزير الدفاع الجديد، الجنرال لويد اوستن، عددا لا يحصى من ساعات المحادثات مع زعماء العالم العربي، وهو يعرف المنطقة ككف يده.
ما سيسهل عذابات الشفاء للسياسيين والجمهور هو مستويات العمل على جانبي المحيط المرتبطين فيه الواحد بالاخر كالتوائم السيامية. ابتداء بمنظومة العلاقات الشخصية، عبر اللقاءات في محافل دائمة للتعاون الاستراتيجي في مستويات عسكرية ومستويات وظيفية عليا لوزارتي الدفاع والخارجية، إلى جانب قنوات عمل مباشرة بين رئيسي الأركان الإسرائيلي والأميركي، ولجنة الطاقة الذرية مع نظيرتها، و»الموساد» مع الـ «سي.اي.ايه» وما شابه.
كل هؤلاء هم الذين سيقررون في نهاية المطاف النبرة في منظومة العلاقات مع إدارة بايدن. وفي المستويات السياسية العليا لا بد ستكون أزمات، إحساسات بالإهانة وإحساسات بالهجر، ولكن ينبغي دوماً أن نتذكر بأن للمحفل المشترك والدائم لهيئتي الأركان الإسرائيلية وقيادة المنطقة الوسطى الأوروبية - الأميركية يوجد تأثير أكثر على ما يجري في الشرق الأوسط من صراخات السياسيين للنجدة. شبكة الأمان هذه محظور تخريبها، حتى لو كانت آلام الشفاء قاسية على الاحتمال لدرجة الإغراء لمحاولة إفشال خطوات الإدارة الجديدة.

عن «يديعوت»