المعطيات تصرخ بحد ذاتها: في 2020 قتل 96 عربيا، رجال ونساء. منذ بداية كانون الثاني قتل 12. هذا يضع الوسط العربي في اسرائيل في المرتبة الاولى في معدل اعمال القتل في الشرق الاوسط – اكثر من لبنان، اكثر من الاردن، اكثر من السلطة الفلسطينية. هي دول سليمة – نحن فوضى. رئيس الوزراء يلتقي اليوم مع رؤساء المجالس العربية للبحث في وباء الجريمة. وسيغرقهم بالوعود المبالغ فيها. وهم سيعودون الى بيوتهم باياد فارغة.
اليأس كبير جدا في الشارع العربي، حيث ظهر طلب لتجنيد جهاز الامن العام – الشاباك لمكافحة الجريمة. لم تتوقف الاشواق للشاباك في الشارع. “مبادرات ابراهيم”، جمعية يهودية عربية جدية، انضمت يوم السبت الى الدعوة. هذه الفكرة يجمل شطبها تماما. فهي ليست جيدة لا للعرب ولا لليهود.
نبدأ بالتاريخ. الشاباك – جهاز المخابرات ورث الحكم العسكري كسيد الوسط العربي. كل عربي طلب ان يتعلم في الجامعة ان يعمل كمعلم، ان يحصل على عمل، اجتاز انتقاء لدى مسؤولي الجهاز. من تعاون مع الحكم – قُبل؛ من اعرب عن اراء نقدية – اضطر لان يبحث عن مستقبله في اماكن اخرى. السياسة والامن ربطا معا: من كان مشبوها سياسيا شطب امنيا.
الشاباك نضج بالتدريج. وبكلمات رافي ايتان الراحل، من كبار الجهاز، تحول من حزبي الى رسمي. احتلال المناطق في 1967 نقل مركز عمله الى الجانب الاخر من الخط الاخضر. وتدخله في حياة عرب اسرائيل تقلص الى مواضيع العمليات المعادية. الامل لم يتضرر؛ والديمقراطية كسبت.
ان الدعوة لاعادة الشاباك الى الوسط العربي تعتمد على فكرة طرحت قبل بضع سنوات، حين تكبدت شرطة اسرائيل اخفاقات في التصدي لمنظمات الجريمة. كانت هناك جهات دعت الشاباك لان يتقاسم قدراته مع الشرطة. وفي الطريق الى تحقيق الخطوة سقطت، والشرطة تعلمت لان تتصدى وحدها.
اعادت جائحة الكورونا الشاباك الى الصورة. وبتأييد من المستشار القانوني للحكومة أقرت الحكومة والكنيست استخدام الشاباك لغرض التعقب والمتابعة للمواطنين الذين ارسلوا الى الحجر. رئيس الشاباك نداف ارغمان عارض، دينا زلبر، معاونة المستشار، اشارت مادحة في مقابلة مع “يديعوت احرونوت” لمعارضته. ولكن الخوف من الفيروس حسم الامر فتمت الخطوة.
النتائج معروفة: أربع مرات اكلناها. حق المواطنين انتهك، نشأت سابقة خطرة. النتائج كانت مشكوكا فيها، وقدرة ردع الشباب تضررت. ماذا ربحنا؟ القليل جدا.
الشاباك هو جهاز وقائي. مهمته أن يمنع اعمالا تهدد امن الدولة وزعمائها. والايام التي دعي فيها لان يعثر على الطفل يوسلا شحمخر الذي اختطف أو لزرع ميكروفونات في منازل السياسيين انتهت، وخير أن انتهت. ومن يدعوه اليوم لان ينشغل في الجريمة الجنائية لا يجب أن يتفاجأ اذا ما حصل في المستقبل، عندما لا يكون نداف ارغمان بل واحد من الموالين لرئيس الوزراء هو الذي سيدير الجهاز ان تتجه قدرات الجهاز الى مطارح اخرى. “ماذا يساوي الشاباك اذا لم نكن نستغله”، سيسأل سياسيون من نوع ميري ريغف.
الجريمة في الوسط العربي يجب ان تعالجها الشرطة. حتى اليوم لم تقم بعملها. وحسب ادعاء معين، فان أم كل الاخطاء كان القرار، قبل اكثر من 20 سنة لطرد عائلات الجريمة العربية الى البلدات في الوسط. عمليا، تركت الشرطة المواطنين العرب لمصيرهم. في هذه الاثناء تعاظمت عائلات الجريمة وتقاتلت فيما بينها. كميات لا تعقل من السلاح غير القانوني تجمعت في المدن وفي القرى. وما تراكم في المعركة الاولى اطلق النار في الثانية.
فليقتل الواحد منهم الاخر، قال السياسيون وقالت الشرطة، هذا لا يخصنا.
اللواء أمنون الكلعي، رئيس قسم العمليات في الشرطة قال لي الاسبوع الماضي ان كل الوحدات الخاصة للشرطة ترابط الان في الوسط العربي. هذا لا يكفي. على كوبي شبتاي، المفتش العام الجديد أن يعلن عن الجريمة كوباء دولة وان ينقل قيادته الى محطة الشرطة في الطيبة أو في الناصرة. هذا الفعل الرمزي كان سيخلق زخما.كل المقدرات التي استثمرت في تصفية المصادر المالية لمنظمات الجريمة في الوسط اليهودي، يمكن أن تجند للكفاح. وما كان لرؤساء البلدات ان يهددوا بالاستقالة – عليهم ان يهدوا باقامة حرس مدني خاص بهم بدلا من الشرطة.
كان على احزاب الوسط – اليسار ان تعرض خططها للقضاء على الجريمة. لشدة الاسف فان هذه الاحزاب لا تأبه بالعرب. وبعد ذلك تجدها تتفاجأ حين لا يأبه العرب بها. ولكن الشاباك ليس الحل. سألت ذات مرة احمد الطيبي ما هو رأيه عن بعض من خريجي الشاباك، من غير العباقرة الكبار ممن وصلوا الى الكنيست. الطيبي، المفوه كما هو دوما، قال انه يوجد هنا خطر أمني: العرب سيفهمون بان الشاباك ليس مخيفا جدا؛ ضاع الردع.