قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، اليوم الثلاثاء، إنّ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية لا زال يمثل النزاع الأطول والأكثر تعقيدًا، وفي نفس الوقت هي الأكثر تأثيرًا على تفاعلات الشرق الأوسط.
وأضاف أبو الغيط، في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، أنّ تسوية القضية الفلسطينية قد تفتح بابًا غير مسبوق للرخاء والاستقرار الحقيقي والمستدام لكافة شعوب المنطقة، والتي عانت خلال الأعوام المنقضية إما من التجاهل والتناسي المتعمد، أو من تطبيق لنهج خاطئ وخطير ومتهور لمعالجتها.
وتابع "إنّ هذا النهج ينظر إلى قضية بالغة التعقيد والتشعب بعين واحدة، فيرى الحقوق من زاوية طرف بعينه، وكأن الطرف الآخر - الواقع تحت الاحتلال ليس موجودًا، أو كان المطلوب منه هو مجرد التماشي مع ما يفرض عليه".
وأشار إلى أنّ "الفلسطينيون عانوا خلال السنوات الأربع الماضية من ضغوط غير مسبوقة مارستها ضدهم الإدارة الأمريكية المنقضية، وتجاوزت تلك الضغوط المجال السياسي إلى الصعيد الإنساني، بعد أن جمدت الولايات المتحدة مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا، التي تمثل شريان حياة واستقرار لنحو 3.5 مليون لاجئ فلسطيني، عدا عن المواقف السياسية الأشد وطأة والأكثر خطرًا".
وأكّد على أنّ الولايات المتحدة لعبت لعقود دور الوسيط على أساس صيغة تسوية مقبولة من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وتتمثل في حل الدولتين الذي يكفل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، إلا أنّ هذه الصيغة تعرضت للتهميش من قبل الوسيط الرئيسي في عملية السلام، وهو ما شجع الاحتلال على تكثيف نشاطته الاستيطانية والتلويح بمشروعات خطيرة وهدامة مثل ضم الأراضي المحتلة، بصورة رسمية أو بقوة الأمر الواقع
وذكر أبو الغيط، أنّ الإدارة الأمريكية السابقة وضعت أساسًا جديدًا للتسوية لا ينطلق من المرجعيات المعروفة، ولا حتى من التفاوض بين الطرفين، وإنما من فرض الأمر الواقع، بشكل يُنكر تاريخ الصراع وجهود التسوية السابقة باعتبارها كانت عبثًا ومضيعة للوقت والجهد.
وأردف بقوله: "لا زال المجتمع الدولي ممثلًا في هذه مجلس الأمن، يُعتبر وبالإجماع حل الدولتين الصيغة الوحيدة المقبولة لإنهاء النزاع بين الفلسطيني والإسرائيلي، ويرى أنّ الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير شرعي وغير قانوني، ولا زال ينظر إلى إعلان القدس عاصمة لإسرائيل بوصفه إجراء غير قانوني، ويخالف منطق الحل عبر التفاوض، ولا زال يری أن حدود الأراضي المحتلة عام 1967 لا بد أن تكون المرجعية في تعيين الحدود المستقبلية للدولتين".
ودعا إلى تكثيف وتضافر الجهود والتنسيق المشترك في المرحلة المقبلة بين جميع الأطراف المعنية بالسلام في الشرق الأوسط، من أجل إعادة التأكيد على حل الدولتين بمرجعياته الدولية المعروفة والمتفق عليها، توطئة لإطلاق عملية سلام جادة وذات جدول زمني واضح، تهدف إلى حل الصراع بشكل شامل.
وفي دعوة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة، حثّها بتصحيح الإجراءات والسياسات غير المفيدة، والعمل بدعم من الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة على إعادة العملية السياسية إلى مسار مثمر، بما يمنح الأمل مجددا للشعب الفلسطيني في أن المجتمع الدولي سوف ينصف مسعاه النبيل ونضاله الطويل من أجل الحرية والاستقلال.
وفيما يخصّ الانتخابات الفلسطينية، رحّب أبو الغيط في كلمته، بالمراسيم التي أصدرها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتحديد مواعيد لعقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني لمنظمة التحرير، باعتبار ذلك يمثل خطوة مهمة على طريق توحيد الصف الفلسطيني.
وطالب المجتمع الدولي بدعم هذا التوجه، والمساهمة في تسهيل إجراء الانتخابات في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، التي شهدت انعقاد ثلاث انتخابات فلسطينية في السابق.
وعبّرعن أمله في أن تبدأ في أقرب فرصة محادثات جادة مباشرة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، تحت رعاية دولية وعربية، لتحقيق حل الدولتين على الأرض، والبناء على المناخ الإيجابي الذي تولد عن اتفاقات السلام التي وقعت مؤخرا بين "إسرائيل" وبعض الدول العربية.