غواصات نتنياهو.. الفساد يطال الأمن القومي الإسرائيلي!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

بقلم: هاني حبيب

في خريف 2017 وافقت ألمانيا على عقد صفقة يتم بمقتضاها تزويد إسرائيل بثلاث غواصات من صناعتها الحربية بما قيمته 1.8 مليار يورو، بعد أسابيع على هذه الموافقة أثير في إسرائيل الكثير من الأقاويل وتوجيه الاتهامات إلى جهات مستفيدة من عقدها واضطرت الشرطة إلى استجواب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ليس باعتباره مشتبهاً به ولكن كونه مطلعاً على عدد من المتورطين الإسرائيليين والمستفيدين منها ولذلك قامت الشرطة بالتحقيق مع هؤلاء أيضاً وتوصلت إلى أنّ هناك أدلة كافية لرفع دعاوى ضدهم باتهامات تتعلق بالنصب والرشوة وغسل الأموال ما أدّى إلى أن تقوم النيابة العامة في ألمانيا من جهة أخرى بفتح تحقيق حول هذه القضية في آذار 2017.
اللغط الإسرائيلي المتعلق بهذه الصفقة دار حول قيام نتنياهو بعقدها من دون العودة إلى المرجعيات الأمنية والعسكرية صاحبة الاختصاص ودون عطاءٍ دولي حول النوع الأفضل والسعر الأقل، وذهب بعض المصادر الأمنية إلى القول إنه ليس هناك من حاجة أمنية لهذه الغواصات ذلك أنّ الترسانة العسكرية الإسرائيلية تمتلك ما يكفي إضافة إلى أنّ هناك بدائل إسرائيلية لإنتاج حاجتها منها.
وظلت هذه القضية ضمن ملفات الفساد التي طالت رئيس الحكومة واتخذت عبر وسائل الإعلام اسم الملف 3000 تمييزاً عن باقي ملفات الفساد الموجهة ضده.
هذا الملف زود المتظاهرين أسبوعياً بوجبات في الحملة لإسقاط نتنياهو المطالبة باستقالته ورغم تجاهله من قبل نتنياهو ومحاولته دفنه إلا أنّه ما زال يزود المتظاهرين بأسباب تبرر استمرار حراكهم.
أواخر العام الماضي، وعلى خلفية التوترات بين رئيس الحكومة نتنياهو وبديله المفترض وزير الحرب بيني غانتس قام هذا الأخير بتشكيل لجنة تقصي الحقائق حول قضية الغواصات برئاسة القاضي المتقاعد النون ستراشوف، إلاّ أن هذا الأخير سرعان ما قدّم مع أعضاء اللجنة استقالته على خلفية أزمة شديدة مع المستشار القضائي للحكومة أفيشاي مندلبليت ومن اللافت التعرف إلى أسباب الاستقالة هذه، حيث جاء في رسالة استقالة ستراشوف «في الظروف الراهنة وإثر القيود التي فرضت على عمل اللجنة، أخشى عدم وجود أي إمكانية حقيقية للقيام بتقصٍ فعال وموثوق في موضوع بالغ الأهمية والخطورة بالنسبة لدولة «إسرائيل» في إشارة واضحة إلى تدخلات جهاتٍ متعددة لعدم الوصول إلى الحقيقة من وراء هذه الصفقة.
واستجابة ضمنية لمطالبة التظاهرات الجماهيرية الأسبوعية المنتظمة ضد نتنياهو على خلفية ملفات الفساد المتعددة من ضمنها ملف 3000، واستجابة عملية لالتماس «الحركة من أجل جودة الحكم» في إسرائيل إلى المحكمة العليا تطالب فيه بإعادة التحقيق في قضية الغواصات وتوسيعها لتشمل نتنياهو بعد أن كان التحقيق قد اقتصر على مندوب الشركة الألمانية في إسرائيل وقائد البحرية الإسرائيلية السابق المقرب من نتنياهو وكذلك محاميه الخاص وقريبه دافيد شمرون، الحركة عززت مطالبها بإعادة التحقيق ليشمل نتنياهو عندما قدّم أكثر من 50 من رؤساء سابقين للمؤسسات الأمنية إفادات تتهم نتنياهو بالاستفادة الشخصية من وراء هذه الصفقة لذلك كله ناقشت المحكمة العليا الإسرائيلية قبل يومين وبتركيبة من ثلاثة قضاة هذا الالتماس الذي أعاد هذا الملف إلى الحياة بعد أن حاول نتنياهو دفنه لكي لا يؤثر على حظوظه في الانتخابات القادمة.
في الحالة الإسرائيلية هذه فإن ظاهرة الفساد باتت تطال كافة المستويات التقليدية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلا أن الخطورة التي ينطوي عليها الملف 3000 أن هذه الظاهرة اتسعت لتطال الأمن القومي الإسرائيلي الذي سخره نتنياهو لصالحه ولاستفادة مقربيه من الطابع السري لمثل هذه الصفقات.