خطاب كوخافي: استفزاز زائد لإدارة بايدن

حجم الخط

بقلم: عاموس جلعاد

 


رئيس الأركان شخصية أساسية في الأمن القومي لإسرائيل. كل كلمة تخرج من فمه ذات أهمية استثنائية. وعليه، فإني اشعر بعدم ارتياح، ومن الواجب أن أشرككم بإحساسي القاسي في اعقاب خطاب كوخافي، أول من أمس. وقف رئيس الاركان في مواجهة الاتفاق النووي الذي وقع عليه الرئيس الاميركي اوباما، وألغاه الرئيس ترامب من طرف واحد. فما بالك أن الرئيس الاميركي الجديد، الذي تولى منصبه قبل اقل من أسبوع، معنيّ ويتطلع الى استئناف الاتفاق النووي الذي ألغاه سلفه. وتدعم الرئيس الاميركي في سياسته هذه قمة زعامة الادارة الاميركية، وعلى رأسها وزير الخارجية، ومستشار الامن القومي، ورئيس الـ»سي.اي.ايه».
كما يقول رئيس الاركان في خطابه انه كان يمكن للاتفاق النووي الاصلي ان يؤدي الى التحول النووي للشرق الاوسط، واقواله التي تقال علنا من شأنها ان تفسر في الولايات المتحدة كاستفزاز. لقد سبق لإسرائيل أن تعلمت في الماضي درسا عندما اصطدمت علنا مع اوباما، دون حاجة. لا شك ان الاتفاق الاصلي كان مثقوباً بل سيئ، ولكنه أوقف البرنامج النووي العسكري الايراني. ومنذ ألغى ترامب الاتفاق تقدمت ايران في برنامجها لتطوير خيار نووي عسكري. ان التعاون العسكري – الامني مع الولايات المتحدة هو عمود فقري مركزي للأمن القومي لإسرائيل، وما هو المنطق بالتالي في تصريحات من شأنها ان تفسر كتهجم علني على رئيس وقمة الادارة الاميركية، الذين تسلموا لتوهم مهام مناصبهم؟ بدل التركيز على الحوار السري بين رئيس الوزراء والرئيس الاميركي، ما سيسمح لإسرائيل ان تؤثر على مضامين الاتفاق المتبلور وتحصل على مردودات أمنية بالمقابل، اذا ما كان ثمة اتفاق.
كشف رئيس الأركان النقاب عن أنه أمر بإعداد مخططات هجومية ضد ايران لاجل أن تمنعها من امتلاك قدرة عسكرية نووية. وحسب دروس الماضي، هل الخيار العسكري تجاه ايران ممكن دون تنسيق وتعاون مع الولايات المتحدة؟ الجواب لمن يشكك، هو لا. لا توجد امكانية كهذه. مكان الخطط العسكرية هو الجوارير المخفية. اذا لم يتحقق اتفاق سياسي من شأن ايران ان تتقدم في برنامجها العسكري النووي، وهذا تهديد استراتيجي حقيقي على إسرائيل. واذا لم تنل إسرائيل في نهاية المطاف تأييد الولايات المتحدة واوروبا، فمن شأنها أن تبقى وحدها، ولن تخرج المخططات المختلفة الى حيز التنفيذ.
يطرح السؤال هل اقوال رئيس الاركان هي نتيجة قرار سياسي - استراتيجي للخروج الى مواجهة علنية مع الاميركيين؟ يمكن التخمين بأنه لا توجد هنا سياسة كهذه، وإلا فهل رئيس الاركان، بصفته القائد العسكري الاعلى للجيش الإسرائيلي، يفترض به أن يكون هو من يتسبب بالاستياء في واشنطن؟ يمكن أن نقترح بديلا يتمثل بمباحثات في المستوى الاعلى بين رئيس الوزراء ومبعوثيه مع الرئيس الاميركي وقمة الادارة الاميركية، يجدر أن تستنفد قبل ذلك مداولات سرية تقلص الاضرار وتعظم المقابل الامني لإسرائيل.
في السطر الأخير يجدر توصية رئيس الوزراء ووزير الدفاع بأن ينتهجا سياسة عاقلة من المفاوضات المحترمة التي تحترم الأميركيين والامتناع عن مواجهة علنية واهانات ضررها كبير ومنفعتها صفر. فهل ستردع الادارة الاميركية دبلوماسية علنية فظة؟ يبدو أن لا.

عن «يديعوت»