أكّد مجتمعون، مساء يوم السبت، على ضرور توظيف الأدوات القانونية لصون كافة حقوق الشعب الفلسطيني، وإنهاء الانقسام، وتوحيد الصف الفلسطيني، وتهيئة الظروف المواتية لإجراء الانتخابات العامة في فلسطين.
جاء ذلك خلال في اليوم الأول لمنتدى القضية الفلسطينية الذي يناقش خيارات حماية الحقوق الفلسطينية، الذي نظّمته الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”، والملتقى الديمقراطي الفلسطيني في أوروبا، بمشاركة نخبة من ممثلي منضمات المجتمع المدني، والحقوقيين، وممثلي القوى السياسية وقيادات مجتمعية وشبابية ونسوية ونشطاء ومتضامنين مع الشعب الفلسطيني من مختلف دول العالم.
وأكّد المشاركون في اليوم الأول، على ضرورة عمل مقاربات جديدة للفلسطينيين تسمح لهم بمراعاة المتغيرات الإقليمية والدولية عبر الاتفاق على برنامج سياسي، واستراتيجية تقوم على تفعيل المقاومة الشعبية والدبلوماسية.
وأوصوا بعدم إجراء أي تناقض بين خيار حل الدولة الواحدة أو الدولتين، واستمرار النضال حتى الوصول إلى حق تقرير المصير.
وافتتح اللقاء رئيس الهيئة الدولية “حشد”، صلاح عبد العاطي، بتأكيده على أهمية هذا اللقاء الذي يتناول المتغيرات الإقليمية والدولية للقضية الفلسطينية، كما أنه يأتي في وقت حساس تمر فيه القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أنّ هذا اللقاء باكورة التعاون المشترك مع الملتقى الديمقراطي الفلسطيني في أوروبا، بمشاركة كبيرة من مختلف دول العالم، من أجل التأكيد على ضرورة انتزاع الحقوق الوطنية الفلسطينية.
وأدار الجلسة الأولى رئيس الجالية الفلسطينية في بلجيكا ومنسق والملتقى الديمقراطي الفلسطيني، حمدان الضميري، مرحباً بالمشاركين في المنتدى، حيث عقد اللقاء عبر تقنية الزوم.
وبدوره، تحدّث نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، اليكسي دسوايف، عن أهمية الجانب القانوني بالنسبة للقية الفلسطينية، مشيراً إلى أن معالجة أي مشكلة وخاصة المتعلقة بالحروب والاعتداءات تتم عن طريق القانون.
وأشار إلى أنّه لو كان النظام الدولي أكثر عدالة ما وصلت القضية الفلسطينية إلى هذا الحد، فالمحكمة الدولية يجب أن تعمل من أجل إنهاء الاحتلال، وإعادة الحقوق للضعفاء، موضحاً أن المحكمة الدولية هي المكان الأفضل للشعب الفلسطيني، حيث يجب أن تثبت أنها قادرة على الدفاع عن حقوق الضعفاء.
وأكد دسوايف على أنّ مسؤولية الاتحاد الأوروبي عيمة جدًا لتفعيل القانون الدولي واحترامه، وهو ما سيساعد على انهاء الاحتلال الإسرائيلي، والضم وإحياء الكثير من القضايا الفلسطينية.
من جانبه، قال رئيس الجمعية البلجيكية الفلسطينية وعضو سابق في مجلس الشيوخ البلجيكي، بير جالو:”من البداية كان واضحًا أن "إسرائيل" كانت تسعى إلى إزاحة الشعب الفلسطيني عن أرضه، والجلوس مكانه"، لافتًا إلى أنّ الممارسات الإسرائيلية هي أكثر من مجرد فصل عنصري، بل هي ممارسات عرقية.
ونوه إلى أنّ التضامن هو عمل إنساني، ويجب علينا جميعاً التضامن مع الشعب الفلسطيني، مبيّنًا أهمية المقاطعة لتعظيم سلوك الشعب الفلسطيني، وأهمية دفع المجتمع المدني إلى مقاطعة إسرائيل.
ولفت جالو إلى وجود حركات تضامن مع الشعب الفلسطيني، لكن العالم العربي منقسم، لذا فنحن بحاجة لمعرفة من هو عدونا، كما أننا بحاجة إلى تعزيز حركة BDS، فهناك من يسعى إلى قتلها، ونحن يجب أن نعمل عكس ذلك.
من جهتها، افتتحت نائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق والناشطة في التضامن مع فلسطين، لويزا مرغنتيني، حديثها بالاعتذار للشعب الفلسطيني.
وقالت مرغنتيني: ” اعتذر بعد مرور 100 عام، لأنّنا غير قادرين على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووقف ممارساته تجاه قطاع غزة والضفة الغربية والشتات”.
وأضافت أنّ المسؤولية ليست فقط مسؤولية الاتحاد الأوروبي، بل هي مسؤولية العالم العربي أجمع، مشيرةً إلى أن أحد إخفاقات الاتحاد الأوروبي عدم قدرته على وقف ممارسات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
ودعت مرغنتيني، الاتحاد الأوروبي، الضغط على البرلمانات لتُلزم "إسرائيل" بالاتفاقات، ووقف اتفاقيات التعاون معها، وإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، كما يجب على مؤسسات المجتمع المدني أن نكون متحدة، كما وعلى الفلسطينيين أن يتوحدوا خاصة خلال فترة الانتخابات القادمة.
بدوره، ذكر ممثل عن الاتحاد اليهودي الفرنسي للسلام، ومنظمة معادية للصهيونية وعضو في حركة المقاطعة، بير ستانبول، أنّ "ميزان القوة غير متوازن، فإسرائيل تحظى بالدعم الأمريكي، والتواطؤ الأوروبي، وحالياً هناك تحالف عربي رسمي لصالح إسرائيل”.
وأشار إلى أنّ السياسيون الأوروبيون، والبرلمانيون يعرفون ما يحدث في فلسطين من اعتقالات واستيلاء وقتل وبناء المستوطنات، فلديهم صورة كبيرة، لكن موقفهم المتواطئ يدفعهم لجر القضية الفلسطينية لاتفاقية أوسلو.
ونوّه إلى وجود ظاهرة خطيرة تتمثل في عملية وصف حركات التضامن باللاسامية، حيث أننا نعمل على مواجهته وإفشاله، مبيّنًا أنها تهدف إلى مواجهة الكيان والدولة الصهيونية، وليس اليهود.
وتابع: “يوجد الكثير من الشباب العرب والفلسطينيين يشتركون مع اليهود في حركة PDS، وهذا يجسد حقيقية أن الكيان الصهيوني شيء واليهودية شيء أخر"، مُؤكدًا على ضرورة مقاطعة "إسرائيل" على المستوى الاقتصادي، النقابات، التعليم، التكنولوجيا وغيرها.
من جانبه، شدّد أمين عام المنظمة الدولية للحقوقيين الديمقراطيين، جان فيرمون، على أنّ النضال القانوني ضد الاحتلال الإسرائيلي أمر هام ومصدر قوة على الأرض، لافتًا إلى أهمية الاستمرار في الدفاع عن القضية الفلسطينية، مع ضرورة التركيز على البعد الأخلاقي الذي يغطي الأرضية، ويشجع كافة الشعوب للدفاع عن حقوقها.
وطالب بالبحث عن طرق وأدوات لدعم القية الفلسطينية، مؤكدًا على ضرورة استخدام كافة الوسائل والضغوط للتعامل بحق وقانون وعدالة.
وذكر فيرمون أنّ المؤسسات الفلسطينية أصبحت نشطة جدًا بإعطاء محكمة جرائم الحرب تقارير ودلائل لتعظيم دور المحكمة في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وهذا ما ساعد في تغيير نظرة المحكمة.
وأكّد على أهمية حماية مؤسسات الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، لأن هناك عملية تجريم لهذه المؤسسات وتجريم لحركة المقاطعة، لذا فالمطلوب من القانونيين إجراء حملات لدعم لهذه المؤسسات.
من جهته، شدّد عضو البرلمان الأوروبي، مارك بوتنغا، على أهمية دور الاتحاد الأوروبي للقضية الفلسطينية، ولذلك فمن الضروري دعم حركة المقاطعة، ولكن هذا يعتمد وبشكل كبير على طريقة طرح القضية.
وأشار إلى وجود تحالف بين أقطاب القوى داخل البرلمان الأوروبي، ولكن المهم جدًا والمؤثر هو مقاومة الشعب الفلسطينية على الأرض، لأنها المحرك الرئيسي، وهو ما سيخلق تغيير لدى البرلمان.
بينما أدار الجلسة الثانية في اليوم الأول من منتدى القضية الفلسطينية، رئيس البيت العربي في أوكرانيا، صلاح زقوت، مرحبًا بالحضور في المنتدى.
وأوضح منسق عام المؤتمر القومي الإسلامي – المغرب، خالد السفياني، أنّ القضية الفلسطينية تُعاني من تمالب وتواطؤ بهدف تصفيتها من قبل الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه، وعدد من الدول العربية فيما يعرف بالتطبيع.
وذكر أنّ المتغير الأمريكي وفوز جو بايدن ليس متغيرًا جوهريًا، كون الإدارات الأمريكية تسير وفق استراتيجية واحدة، مؤكدًا على ضرورة التصدي للتطبيع العربي التصفوي بكل الوسائل والسبل قبل أن يصبح تطبيعًا شعبيًا.
فيما قال الباحث وعضو المجلس العلمي لمركز عمان لدراسات حقوق الإنسان، إبراهيم حجازي: ”إن الاحتلال الإسرائيلي حالة منفردة، لأن الاحتلال يسعى لاقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وتاريخه من خلال الفصل العنصري”.
وأضاف أنّ الغرب يعمل بقصر نظر، بهدف عرقلة الوحدة العربية لصالح مشاريع الاحتلال التوسعية، مشيرًا إلى أنّ تصفية القضية الفلسطينية حلقة من حلقات تهويد المنطقة العربية، لهذا فالمطلوب يقظة قبل فوات الأوان وأن تذهب دول الهيمنة لإعادة تفكيك وتركيب المنطقة العربية، بحيث تجعل من الاحتلال الدولة الأولى المتنفذة في المنطقة، وهو ما يتطلب فهم واستراتيجية عربية موحدة.
وأكّد حجازي على أن التحديات الحالية تتطلب تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، على أساس برنامج وطني وفهم عميق للتحديات.
من جهته، نوّه أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، جمال وكيم، أنّ "القضية الفلسطينية هي محور حركة التحرر الفلسطينية والعالمية"، مبيّنًا أنّه يجب التركيز على شعار استعادة كامل للتراب الفلسطيني من البحر إلى النهر، بعيداً عن التجزئة.
وأكد أنّ الوحدة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام الفلسطيني هو شعار ناجز، لتعزيز القرار الوطني الفلسطيني.
بدروها، أكدت أستاذة علم الاجتماع بالجامعات التونسية وناشطة سياسية في المجتمع المدني، شهرزاد الرضواني، على أنّ وثيقة أبراهام ما بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي تجاوزت اتفاقات السلام ما بين الاحتلال ومصر والأردن، كونها تمس بالحقوق الوطنية الفلسطينية، مشيرة إلى أن الجامعة العربية عاقبت مصر بسبب اتفاقية كامب ديفيد.
وقالت:” أما اليوم فلم يعد للجامعة أي دور إيجابي تجاه تطبيع الإمارات المجاني، منوهةً إلى أن صعود الإسلام السياسي ساهم في التعجيل بظهور التطبيع المباشر، مشيرةً إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تغير من مسار السلام المنفرد مع الدول العربية والكيان الإسرائيلي.
ودعت الرضواني، إلى ضرورة توحيد الجهود الرسمية الفلسطينية ومراجعة التجربة، وضبط خريطة العمل الموحد على قاعدة العمل الوطني المشترك، بحيث تأخذ بعين الاعتبار تبدل وتغير القوى الإقليمية، والدعوة لتكثيف دور المجتمع المدني الفلسطيني في مجال فضح وعزل ومقاطعة الاحتلال في مختلف الساحات الدولية، ولعمل الجاد مع المحاكم الدولية لجهة تفعيل مسار محاسبة الاحتلال على جرائمه، وأهمية الدور الذي يجب أن تلعبه الشعوب العربية في دعم القضية الفلسطينية.