وأخيرا، أصبح "لقاء القاهرة" واقعا، بعد أن وجهت الشقيقة الكبرى مصر دعوات الى الفصائل "الرسمية" التي عليها مناقشة مستقبل المشهد السياسي، دون جدول محدد لمواضيع البحث، رغم أهمية اللقاء وقيمته "التاريخية" للقضية الوطنية الفلسطينية.
من تابع تصريحات غالبية الفصائل – القوى المشاركة، سيجد أنها حددت جدول أعمال اللقاء وفقا لرغباتها، فمن قائل الى انه سيبحث "كل شيء" وعقولنا مفتوحة، وقائل أن "البرنامج السياسي" يمثل "أولوية مقدسة" الى بحث المراسيم مع ضرورة تعديل – تصويب بعضها، وغيرها من كلام لا يشير ابدا أن الذاهبين الى لقاء مفترض انه مصيري يملكون "جدية" كافية لبحث ما يجب أن يكون.، بل كأننا في "سوق بضائع صينية".
شكليا هناك، عناوين عامة لذلك اللقاء، ترتبط بقرارات الرئيس محمود عباس ومراسيمه، باعتبارها "القضية المركزية" التي تحدثت عنها غالبية الأطراف المشاركة، وبلا أي إطالة، فتلك المسألة تحمل في طياتها كل عناصر الفشل أو بعض الفشل، لكنها لا تحمل النجاح أو بعض النجاح.
فقرارات الرئيس عباس ومراسيمه، أحدثت إرباكا شاملا في المشهد السياسي، بل وفي تعريف النظام الذي يريدون، بين "حكم ذاتي" بلا رأس ودولة برئيس دون جسد مؤسساتي، مسألة يراها البعض وكأنها "جملة عابرة" في مرسوم، دون إدراك أنها تمثل انفصالا قانونيا – سياسيا بين حالة وحالة.
البعض يعتبر أن المراسيم لم تحدد طبيعة النظام بشكل حاسم سوى في منصب الرئيس، فيما تركت "الغموض غير البناء" حول الانتخابات التشريعية لفلسطين دون تحديد طبيعتها، بين دولة وسلطة، وتلك مصيبة مضافة لمصائب "مراسيم الرئيس وقراراته"، ما يضع كل شيء على طاولة اللقاء مع فتح الباب واسعا لنهاية غير آمنة وطنيا.
ولعدم وجود "جدول أعمال" محدد متفق عليه، فلما لا نعيد الأمر لبحث أصل الحكاية الفلسطينية، "ترتيبات خاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية"، تنطلق موضوعيا من بيان لقاء بيروت يناير 2017، الذي حدد أسس لقضايا محددة، تبدأ بتشكيل حكومة وطنية موحدة تنهي الانقسام، و "تضطلع بممارسة صلاحياتها في جميع اراضي السلطة الوطنية الفلسطينية بما فيها القدس وفقاً للقانون الاساسي، والقيام بسائر المهام الموكلة اليها بموجب اتفاقيات المصالحة، بما في ذلك توحيد المؤسسات واستكمال اعمار قطاع غزة وحل مشكلاته، والعمل الحثيث من أجل اجراء الانتخابات للرئاسة والمجلسين التشريعي والوطني".
بيان ينطلق من تصويب الحراك بدلا من السير على الرأس، كما هو الآن، بالبقاء على الانقسام وبحث انتخابات مبهمة لنظام مبهم، الى السير على القدمين، نحو إعادة تصحيح "الانحراف العام"، ومعها بالتوازي، تكليف "اللجنة التحضرية الخاصة بمنظمة التحرير العمل لإنهاء انضمام حركتي حماس والجهاد الى بنية المنظمة، عبر اتفاقات مؤقتة يتم التصديق عليها بشكل مبدئي في جلسة خاصة للمجلس المركزي، مع الاخذ بعين الاعتبار أن أداة القياس التمثيلي في مختلف أماكن التواجد الفلسطيني.
تشكيل حكومة وطنية مع لجنة تحضيرية لتعديل مشاركة حركتي حماس والجهاد في منظمة التحرير، يمثل بوابة رئيسية للخروج من مأزق سياسي كبير ينتظر الذاهبون الى القاهرة، ويعيد الأمر الى نصابه الصواب، دون تداخل بين نظام ونظام، أو صلاحية وأخرى.
ومن الأفضل للحكومة ألا تكون فصائلية بالمعني المباشر، وأن تم اختيار رئيسها من فصيل ما فليكن صاحب قدرة ورؤية (ولا ضرر سياسي ببقاء د. محمد اشتية) كمرحلة انتقالية، مع وجود نائب لحركة حماس.
لا يوجد هناك عجلة بتاتا لفرض جدول أعمال مقلوب، فلا حل سياسي يقرع الباب الفلسطيني، بل العكس هناك هروب أمريكي واضح من مستنقع الشرق الأوسط نحو الأهم لها في آسيا والصين وروسيا.
قديما قالوا "في العجلة الندامة"، قول في السياسية يقود الى مصائب قد لا تترك وقتا للندامة...أعيدوا الأمر الى أصل الحكاية...سيروا على القدمين بدل الحركة المقلوبة على الرأس التي اخترتم...ونهايتها معلومة!
ملاحظة: زيارة وفد حماس الى العمادي تظهره وكأن أصبح "مندوبا ساميا"...لم يذهب إليهم بل جاؤوا له في مقر يبدو كسفارة خاصة...استقبلهم بلا احترام لإجراءات وباء كورونا...ابوها الفلوس شو بتذل!
تنويه خاص: غادر د. عبد الستار قاسم بعد أن نال منه المرض الخبيث...سلاما لك وستبقى حاضرا بما كتبت فتلك هي الجائزة الأهم في الحياة بعد الرحيل!