إسرائيل تخيّر الفلسطينيين: الطرد، الترانسفير، أو التهجير !

حجم الخط

بقلم: عميره هاس


الكاريكاتور، الذي نشر في «الواتس أب» يساوي أكثر من ألف كلمة: شخصيتان، تديران الظهر لنا، تقفان أمام ثلاثة أبواب: الباب الأول هو لجندي إسرائيلي (نجمة داود مرسومة على خوذته)، الثاني لعربي (يرتدي كوفية على رأسه)، من النص المرفق يتضح أنه فلسطيني.
بندقية الجندي موجهة إلى الأمام (ليس نحو الفلسطيني). سلاسل من الرصاص تلتف على جسم الجندي.
يضع يده على ظهر الفلسطيني بوضع مريح بل ودي. ولكن هذا الوضع يبث رسالة عن قوة الجندي، وعن سيطرته وتفوقه. باختصار، يبث الأبوية.
في «البالون» الذي يخرج من فم الجندي كتب: «حبيبي، أنت ستختار، نحن دولة ديمقراطية»: إما «التهجير» أو «الترانسفير» أو «الطرد». طرد جماعي وسريع، الدفع نحو هرب زاحف وتهجير قطرة قطرة: أنواع التهجير التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين لا يتم طرحها كمواضيع في الانتخابات لدينا.
لا تنشغل الانتخابات بعنف المستوطنين والإدارة المدنية والجيش، الذين يخططون لمحو تجمعات وإبعاد سكانها إلى مناطق حضرية.
قضاة في إسرائيل، يضغط الجيش والمستوطنون عليهم من أجل المصادقة على الطرد ونصف التهجير، يعرفون أن الهزات الأرضية هذه في حياة الفلسطينيين لا تؤثر على المرشحين للأحزاب. القضاة يغرقون في ظلام عدم المبالاة لدى معظم الإسرائيليين.
الكاريكاتور (دون تاريخ واسم للصحيفة)، لرسام الكاريكاتور من مواليد عمان، جهاد عورتاني، شاركه نصر نواجعة من سوسيا.
الكاريكاتور هو ملخص لـ 39 سنة من حياته، التي اجتاز فيها عمليتي إبعاد لعائلته ولسكان قريته، وما زالت عملية التهجير مستمرة.
في العام 1986 قام الجيش بمصادرة منطقة في قريته التي ولد فيها، وأعلن عنها موقعاً أثرياً وقام بطرد الـ 25 عائلة التي تعيش فيها.
جزء من الأراضي المصادرة تم نقله إلى مستوطنة سوسيا التي تتوسع باستمرار، والتي بنيت في العام 1983.
العائلات التي تم طردها انتقلت إلى الخيام وإلى المغر في منطقة أخرى في المنطقة التي يمتلكونها.
في العام 1991 قام الجيش بطردهم من هناك أيضا. هذه العائلات صممت وانتقلت إلى جزء آخر من أراضيها المفتوحة.
في العام 2002 هدمت السلطات، بمساعدة المستوطنين، مغراً ومباني وإسطبلات وآباراً للمياه تابعة لهم، وطردت السكان. أمرت المحكمة العليا بإعادتهم، لكن لم يسمح لهم بالبناء.
مثلما في تجمعات فلسطينية أخرى، في حوالى 60 في المئة من الضفة الغربية، الحظر الإسرائيلي للبناء في سوسيا ومنع الربط بشبكة المياه والكهرباء والشوارع هو نوع من التهجير الزاحف، فكم هو عدد الأشخاص الذين يمكنهم مواصلة العيش في ظروف تقييد وملاحقة لا تنقطع؟!
يجدر بهم الانتقال إلى مدينة يطا أو محيطها. هذا هو الموقف الأبوي للإدارة المدنية، التي شرحت للمحكمة العليا لماذا رفضت المخطط الهيكلي الذي أعدته القرية. ما بين السطور:  ليذهبوا إلى الجيوب التي قمنا بإعدادها لهم. والباقي هو لنا نحن اليهود.
هذا هو أيضا ما بين السطور، النص الذي قيل لحوالى 12 تجمعا في مسافر يطا، التي تقع شرق سوسيا.
أيضا هذه التجمعات طردتها الدولة الأكثر يهودية في العالم. وهذه التجمعات هي أيضا سبقت الصهيونية ودولة إسرائيل.
المغر السكنية هي أحد الأدلة على أسبقيتها، وأيضا نمط حياتها: كسب الرزق من الأغنام والزراعة البعلية. ولكن إسرائيل تصمم على الكذب وأن تقول لقضاة المحكمة العليا إن سكان هذه القرى انتقلوا إلى السكن فيها بعد الإعلان عن المنطقة منطقة تدريب.
في العام 1966 قام الجيش بتفجير بيوت جنبا، كانت خليطاً من المغر والمباني الحجرية المزخرفة.
وفي العام 1985 هدم الجيش جنبا مرة أخرى. وفي العام 1999 طرد الجيش سكان الـ 12 قرية.
أمرت المحكمة العليا بإعادتهم، لكنها لم تأمر الدولة بالسماح لهم بإعادة إعمار الخرائب.
في القريب سيكون على القضاة اتخاذ قرار كيف سيوفقون بين العدالة ومطالبة الدولة بتدمير هذه القرى، وأن يفلح السكان أراضيهم فقط في أيام السبت وفي أعياد إسرائيل.
وأن تلعق أغنامهم الباطون في يطا إلى أن تموت.

عن «هآرتس»