تتبنى وزارة السياحة المصرية خططاً ومبادرات ترويجية في الفترة الحالية لدعم القطاع السياحي، الذي تأثر بتداعيات جائحة كورونا، لا سيما فيما يتعلق بالتشجيع على السياحة الداخلية، من بينها مبادرة "شتّي في مصر".
ويأتي ذلك في الوقت الذي تعكف فيه الوزارة على وضع خطط استراتيجية للنهوض بالقطاع، وسط رهانات على تعافٍ تدريجي، مدعوماً ببدء توزيع اللقاحات حول العالم.
وعبّرت الوزارة، على لسان نائبة الوزير غادة شلبي، في تصريحات إعلامية قبل يومين، عن آمالها بتحسن حركة السفر في الربع الثاني من 2021، بما يخدم القطاع السياحي في مصر.
وقال مستثمرون ومختصون بالقطاع السياحي لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه في ظل التقدم الخاص بمواجهة فيروس كورونا، والبدء بتوزيع اللقاحات في عديد من الدول، فمن المتوقع أن ينعكس ذلك بشكل مباشر على القطاع السياحي. في الوقت الذي تعتبر فيه مصر واحدة من وجهات السفر والسياحة الآمنة في 2021، طبقاً لتقارير عالمية.
حقق قطاع السياحة - وهو أحد دعائم الاقتصاد المصري الرئيسية - إيرادات بقيمة 4 مليارات دولار (مقارنة بـ13.03 ملياراً عن الإيرادات المحققة في العام 2019) خلال عام الجائحة، واستقبل البلد نحو 3.5 مليون سائح.
بينما "في عام 2019 بلغ عدد السياح حوالي 13 مليون سائح، وكان المتوقع وصول العدد إلى أكثر من 14 مليون في 2020، وكانت بداية العام مبشرة بوصول نحو 2 مليون سائح في الفترة الأولى من الربع الأول إلى أن ألقت جائحة كورونا بظلالها وأدت إلى انكماش الحركة السياحية"، وفق مستشار وزير السياحة والآثار والمتحدث باسم الوزارة، سها بهجت، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية".
وقالت إن "قطاع السياحة في العالم كله تأثر بشكل غير مسبوق بسبب الجائحة (..) واتخذت مصر إجراءات احترازية صارمة للحد من انتشار الفيروس، وفي نفس الوقت إجراءات داعمة للاقتصاد.. تضمنت تلك الإجراءات إجراءات داعمة للقطاع السياحي نفسه، من حيث المؤسسات والمستثمرين وأصحاب الأعمال، وجزء آخر مرتبط بالعمالة والحفاظ عليها، بخاصة العمالة غير المنتظمة.
مشوار
الجيزة.. تاريخ عظيم وألغاز مخفية
وأشارت بهجت إلى أن "الضوابط الاحترازية وإجراءات الدولة في الأماكن السياحية والفنادق وأماكن الإقامة والمطارات، كانت من بين العوامل المهمة جداً لتثبيت مكانة مصر في ظل هذه الظروف، فضلاً عن الإجراءات الصحية في المطارات وتسهيل إجراء التحاليل للمسافرين، ما كان له أثر كبير في تقليل الآثار السلبية إلى حد ما، إلى جانب الاستعدادات الصحية في المحافظات السياحية المختلفة".
ومنذ إعادة فتح المجال أمام حركة السياحة الدولية، نتيجة الإجراءات التي اتبعتها الدولة وثقة بعض الدول التي فتحت مجالاتها للسفر وكنتيجة للدعاية الإيجابية لمصر، تمكنت مصر في الفترة من بداية يوليو الماضي وحتى بداية 2021 من جذب نحو مليون سائح، "ورغم ضآلة الرقم لكنه أدى إلى عدم غلق الكثير من المنشآت وعدم التخلي عن العمالة، وبالتالي الحفاظ على الحركة بشكل بطيء، في ظل ظروف فيروس كورونا"، وفق بهجت، التي سلطت الضوء على مبادرات وجهود تشجيع السياحة الداخلية، من أجل دوران عجلة الاقتصاد، وعمل نوع من الرواج بحركة السياحة.
أداء إيجابي
وإلى ذلك، قال الخبير السياحي، نائب رئيس الاتحاد العربي للمرشدين السياحيين، وليد البطوطي، إن الأوضاع التي شهدها العالم في 2020 أثرت بشكل مباشر على القطاعات كافة، ومن بينها قطاع السياحة بشكل خاص، لكن القطاع السياحي المصري نجح في أن يُبلي بلاءً حسناً نسبياً، والدليل هو استقبال الأفواج السياحية -وإن كان بشكل محدود- حتى الآخن.
وأشار في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" من القاهرة، إلى أن عملية استقبال الأفواج السياحية لمصر لا زالت مستمرة "صحيح أنها ليست بأعداد كبيرة، لكننا نستطيع أن نقول إن هناك حركة، ليس تدفقاً، ولكن حركة بشكل أو بآخر من خلال استقبال الأفراد أو المجموعات الصغيرة، وهذا في حد ذاته وفي ظل ظروف جائحة كورونا التي انتابت العالم بأسره يعتبر أمراً جيداً وخطوة إيجابية، تأتي في ظل حرص القاهرة على اتباع الإجراءات الوقائية بشكل كبير، ما جعلها تستقبل الوفود السياحية.
وأوضح البطوطي، أن هذا الأمر من شأنه دعم قطاع السياحة في مصر، وأنه حال عودة حركة السياحة بشكل كامل لطبيعتها حول العالم "ستكون مصر من أوائل البلدان التي تأتي إليها التدفقات السياحية مباشرة".
لكنه لا يعتقد بإمكانية التنبؤ بإمكانية تعويض خسائر القطاع في 2020 في وقت محدد، مشدداً على أن الأمر يتوقف على فتح الحركة السياحية بشكل كامل، وهذا غير محقق الآن بشكل كامل. في الوقت الذي لفت إلى أن التوقعات المستقبلية إيجابية بالنسبة للقطاع.
عودة تدريجية
بدوره، توقع عضو غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة بالقاهرة، علاء الغامري، بدء تقديم القطاع السياحي في مصر مستويات أفضل من العام 2020 وذلك بعد الربع الأول من العام الجاري 2021، مشدداً على أنه بعد شهر فبراير ربما تبدأ الحركة تدريجياً من جديد، لا سيما في المناطق السياحية الساحلية مثل الغردقة وشرم الشيخ.
ولفت الغامري، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" من القاهرة، إلى أن "ما يأمله العاملون بالقطاع السياحي الآن هو عودة الحركة بصورة أكبر وبشكل تدريجي، والحديث لا يزال مبكراً عن تعويض الخسائر.. الأمور سوف تعود بصورة تدريجية وبشكل إيجابي، لكن ستكون هناك متغيرات سوف تصاحب القطاع في الفترات المقبلة، لكن في ظل توقعات بأداء أفضل في الأعوام المقبلة، ويتوقف ذلك على قوة الشركات ومدى التقدم المحرز أيضاً في مواجهة فيروس كورونا والتوسع في اللقاحات حول العالم".
كما أشار إلى أن السياحة الداخلية لا يمكنها وحدها تعويض خسائر قطاع السياحة، خاصة في ظل المخاوف التي تنتاب الجميع من جراء تفشي فيروس كورونا، سواء لجهة السياحة الداخلية والخارجية، ويعتبر أن السياحة بشقيها الداخلي والخارجي مرتبطة بمدى التقدم المحرز في مواجهة الفيروس.
خطوات مؤثرة
وأشار الخبير السياحي المصري، محمد كارم، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" من القاهرة، إلى خطوات مهمة تدعم تماسك القطاع السياحي المصري، بداية من الإجراءات الاحترازية التي تتبعها الدولة خلال فترة انتشار فيروس كورونا عالمياً، والتي على سبيل المثال أهلت مطار شرم الشيخ الدولي ليأتي في صدارة المطارات المعتمدة صحياً في قارة أفريقيا من قبل المجلس الدولي للمطارات لإقليم إفريقيا أخيراً، ضمن برنامج الاعتماد الصحى للمطارات.
ولفت كذلك إلى أثر الاكتشافات الأثرية الجديدة في مصر خلال العام الماضي، فضلاً عن افتتاح بعض المتاحف مثل متحف الغردقة ومتحف شرم الشيخ، وجميعها أمور ذات دلالة مهمة، وتعزز عودة تدريجية للقطاع السياحي في الفترة المقبلة، لافتاً إلى عامل الأمان وكذلك الأمن الصحي في ظل إجراءاءات مواجهة كورونا في مصر، باعتبارها عوامل جاذبة ومؤثرة.
المصدر : سكاي ينوز