صلاة "فليُبنَ المقدس" عتيقة كعهد خرابنا، وهي تتضمن كل الاشواق والامال للعودة الى البلاد، للبناء والنماء فيها، ولاعادة الوضع الى سابق عهده التاريخي: قبل النفي، قبل الخراب، الى طبيعية الوجود اليهودي السيادي ما قبل الكارثة التي جلبتها علينا الرحلة الطويلة بين الأمم وعودتنا الأليمة الى الديار.
يقول الفقه اليهودي إنه بسبب كوننا جميعنا متدنسي موتى، فان الدخول الى المنطقة حيث كان المقدس محرم تام التحريم. هذا الفقه دام على مدى مئات السنين الى أن قرر في السنوات الاخيرة حاخامون ومتدينون بانه حان الوقت للحجيج الى الحرم الذي في داخله منطقة المقدس، وتغيير الوضع الراهن الذي اتبع منذ حرب "الايام الستة" وبموجبه يصلي العرب في الحرم ويسمح لليهود بالحجيج الى المكان ولكن لا يصلون فيه. لا شك أن منع اليهود من الصلاة في منطقة الحرم مثير للحفيظة. فلماذا يسوء نصيب من اقاموا في المكان المقدس لاول مرة؟ لماذا لا تؤخذ امانينا بالحسبان؟ ولماذا يتعين علينا أن نوافق على ذلك عندما نكون نحن اصحاب السيادة في الحرم؟
ان العودة الحالية الى البلاد، والتي تتم منذ نهاية القرن التاسع عشر، هي عودة طويلة وأليمة. لم تستقبل هنا بالترحاب، ورغم كل جبال المشاكل التي نقف امامها تتطور دولة اسرائيل باستمرار. ولكن ثمة من هم غير راضين عن التقدم البطيء لهذه المسيرة. ثمة من هم معنيون فقط بان يصلوا في الحرم، وثمة من يريدون أن يغيروا الوضع في الحرم من اساسه. فليكن واضحا اننا ارباب البيت، بكل ما يعنيه هذا.
من يريدون أن يحجوا الى الحرم الان يعتقدون بان العناية العليا ستقف الى جانبنا عندما يغيرون الوضع الراهن في المكان. ثقتهم التي لا جدال فيها في الرواية التي يروونها لانفسهم ولنا جميعا هي ثقة كبيرة جدا لدرجة أنهم لا يرون بأن التركيز على الحرم ليس الأمر الصحيح.
ان المجتمع الاسرائيلي جريح. فيه فوارق قيمية، اجتماعية، اقتصادية، وثقافية. وهو بحاجة الى رؤيا واقعية، تأخذ بالحسبان الجماعات المختلفة داخلنا ومهمة التراكم الحساس الذي نحن مطالبون به كي نبني لنا جميعا وطنا متينا يستند الى الواقع وليس الى المثل الرومانسية.
وبالفعل، فانه اقل رومانسية بكثير معالجة الفقراء والجهاز الصحي؛ اقل لمعانا بكثير اغلاق الفوارق التعليمية والقيمية، الكفاح في سبيل التوزيع العادل لمقدرات الدولة والحرص على الحقوق الاقتصادية لكل الجماعات المميز ضدها. اكثر لمعانا بكثير التركيز على الكفاح في سبيل الحرم. ولكن مع كل الاحترام: لنفترض أننا حقا سنكون في المكان المقدس. فماذا سنفعل عندها؟ سنقدم القرابين؟ في أي شيء سيتحسن وضعنا جراء هذا؟
قبل 2000 سنة كان لنا مقدس. وقد خرب، ضمن امور اخرى، بسبب القراءة المغلوطة للواقع من جماعات المتزمتين في المجتمع. فقد آمن اولئك بأن بوسعهم الوقوف في وجه روما العظيمة، وثمن هذيانهم ندفعه حتى يومنا هذا. من يقرأ سفر يهوشع وسفر القضاة وشموئيل أ و ب سيرى بلا صعوبة بأن بناء المقدس هو نهاية عملية الدخول الى البلاد ودرة التاج فيها. ولكن تدشين المقدس لا يتم الا في سفر الملوك أ في زمن ولاية الملك سليمان، بعد مئات السنين من دخول ابناء اسرائيل الى البلاد.
ان الاعتدال، الصبر، طول النفس والخطة الواقعية بالنسبة لمستقبلنا جميعا في هذا المكان هي بمثابة ضرورة وجودية. من ليس لديه الصبر للسياقات التاريخية الطويلة من شأنه ان يوقع علينا مصيبة. لاسفي، بعماهم الايديولوجي فان الحاجين الى الحرم يعقدون تحالفا مع متزمتي الاسلام. يجب أن نوقفهم، وحسنا ساعة متقدمة قبل ذلك.