هل نحن أمام انتفاضة جديدة أم موجة "ارهاب" انتشرت في شوارعنا، وهي جزء من ظاهرة الجهاد العالمي؟ هل مهم الاسم الذي نعطيها إياه؟ قد لا يكون الاسم مهما لكنه يشير الى كيفية تفكيرنا بجذور العنف الحالي، الذي من شأن فهمه أن يساعدنا على معالجته بنجاعة.
محللون كثيرون يزعمون أن العنف الحالي هو تعبير عن خيبة الأمل النابعة من عدم التقدم في المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. وحسب هذا التحليل فان الحديث يدور عن انتفاضة ثالثة من شأنها أن تنتشر وتتحول أكثر عنفا في المستقبل اذا لم يحدث أي تقدم في المفاوضات. الاستنتاج الذي تصل اليه هذه التحليلات هو أن اسرائيل يجب عليها أن تتخذ خطوات دراماتيكية تمنح الفلسطينيين "أفقا سياسيا" وتعطي مؤشرا لاستعدادها للتنازل، ويجب أن تشمل هذه الخطوات بالطبع وقف البناء في "يهودا" و"السامرة" والقدس واعادة الاعتراف بحل "الدولتين".
الفيلسوف اليهودي الفرنسي المشهور، برنار ليفي، يتبنى معتقدا مختلفا حيث كتب "من المشكوك فيه اذا كانت الانتفاضة هي المصطلح المناسب للاعمال التي تشبه الجهاد العالمي أكثر". ومن حظي بمشاهدة الفيلم القصير في اليو تيوب للخطبة التي القاها محمد صلاح في مسجد الابرار في رفح قد يتفق معه. حيث ظهر صلاح وهو يلوح بالسكين أمام الميكروفون، ويدعو "اخواني في الضفة الغربية، اطعنوا، اغرسوا هذه السكين في بطون أعدائكم، مزقوا جثثهم قطعا". ويقول لليهود: "جئتم الى هنا بمحض اختياركم من اجل أن تُذبحوا في بلادنا". يمكن أن كثيرا من الاسرائيليين لم يشاهدوا هذه الخطبة، لكن لا شك أن الكثير من الفلسطينيين شاهدوها، وبعض من قام بطعن اليهود في الشوارع في القدس قد أخذوا الالهام منها.
من الواضح أن الامام في قطاع غزة لا يطمح الى حل الدولتين، ومن الواضح أن من أخذ منه أو من غيره الالهام وخرج لطعن اليهود، لم يفعلوا ذلك بسبب خيبة الأمل من المحادثات السياسية التي اجراها جون كيري، ويبدو أن الوضع القائم في الحرم لا يقف على رأس أولوياتهم. واذا كان الامر كذلك فيمكن أن يكون ليفي على حق. ما شاهدناه في شوارع القدس في الاسابيع الاخيرة هو فقط حلقة اخرى في موجة الارهاب الاسلامي المتطرف الذي يستهدف العالم. ومصادر الهامه هي قطع الرؤوس الذي يقوم به "داعش" في العراق وسورية. الذين يلوحون بالسكاكين في الخليل يشتاقون لتلك الايام في العام 1929 حيث نفّذ آباؤهم مجزرة بالسكاكين والبلطات ضد اليهود. هؤلاء "الارهابيون" لا يمكن التصالح معهم. فهدفهم هو قتل الكفار من اليهود والمسيحيين.
الجهود التي تُبذل لاثبات أن الوضع القائم في الحرم لم يتغير لا تعنيهم. ووضع الكاميرات هناك لن يغير رأيهم. فهم يؤمنون أنه ليس فقط محظور على اليهود الصلاة في الحرم بل محظور أن يكونوا هناك ايضا – وفي كل البلاد.
استئناف المفاوضات مع محمود عباس قد يُفرح كيري ويخفف الضغط عن الملك الاردني، لكن ذلك لن يرضي من يلوحون بالسكاكين في الشوارع. الرد على عمليات القتل متشابه في كل العالم. عمل شرطي ناجع ويقظة من الجمهور. ولحسن حظنا اسرائيل متفوقة في هذين المجالين.
عن "هآرتس"