القائمة المشتركة بعثت الأمل في الجمهور العربي ، وحلها يبعث على اليأس

حجم الخط

هآرتس – بقلم جاكي خوري-

      احباط لم يشاهد منذ فترة طويلة، يسود المجتمع العربي قبل الانتخابات القريبة القادمة، وبالتحديد بعد سنوات من الأمل في التغيير: مجرد تشكيل القائمة المشتركة في 2015 كان انجاز مثير، الوحدة بين الاحزاب الاربعة المتخاصمة اثارت الالهام حتى في الساحة الفلسطينية وفي العالم العربي. ومشكلة الانفصال الى قائمتين عشية الانتخابات في نيسان 2019 ايقظت رؤساء الاحزاب، الذين سارعوا الى التوحد من جديد. هكذا تم تمهيد الطريق لتحقيق انجاز الذروة في الانتخابات الاخيرة – 15 مقعد.

بعد ذلك بدأ مسار التدهور: القائمة المشتركة انحرفت عن عادتها، أوصت بالقاء مهمة تشكيل الحكومة على بني غانتس، الامر الذي لم تفعله حتى في عهد اسحق رابين، وتم الرد عليها بادارة الظهر من قبل ازرق ابيض. على خلفية الاحباط المتزايد في اوساط ناخبين عرب بدأت تظهر شخصية كانت حتى ذلك الحين في ظل احمد الطيبي وأيمن عودة، وهو منصور عباس. رئيس “راعم”، الحزب الذي اظهر دائما مقاربة براغماتية، قرر أن يعاقب اليسار اليهودي وأن يتحدى شركاءه. في محاولة لتسجيل انجازات في مجال الامن الشخصي والبناء، توجه الى المقربين من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

       اضيف الى ذلك تصويت اعضاء راعم ضد القانون الذي يمنع القيام بعمليات التحويل الجنسي. على الاغلب اعضاء القائمة المشتركة صوتوا بشكل موحد، ونماذج تصويتهم حول مواضيع “مدنية” لم تثر اهتمام كبير. منصور عباس استغل الحساسية في المجتمع العربي حول المثليين من اجل أن يتميز عن شركائه. ومنذ ذلك الحين جميع البيانات التي نشرها حزبه أكدت على العنصر الديني. راعم بدأ بالعمل كحزب مستقل، كما أثبت غياب اعضاءه من التصويت على قانون حل الكنيست وظهور نتنياهو في لجنة مكافحة العنف برئاسة منصور عباس.

       اضيف الى الخلاف المبدئي النفور الشخصي الذي قلل من فرصة تسوية الخلاف بين مكونات القائمة المشتركة. الشروط التي وضعها راعم، بالاساس حول شؤون الدين والدولة، لم تكن الاساس للمفاوضات، واقتراح التسوية لبلد – اتخاذ القرارات بالاغلبية – هدد بابقاء عباس دون تأثير. والطيبي الذي حاول الجسر بين الطرفين اضطر الى الاختيار بين “الشريك الطبيعي”، عباس، وبين حداش وبلد. في راعم لم يكونوا متحمسين للوحدة، وهكذا بقي الرأسين اللذين سيتنافسان في الانتخابات، حداش وتاعل وبلد من جهة وراعم وحده في الطرف الآخر.

       إن بحث منصور عباس عن هجوم انتهى باعطاء مكان مضمون لمازن غنايم، الذي كان في السابق رئيس بلدية سخنين، والذي تنافس في السابق من قبل بلد في القائمة المشتركة مع راعم في نيسان 2019، لكنه بقي خارج الكنيست. في اسفل القائمة توجد اسماء اقل شهرة لنشطاء سيحرثون الارض. “نحن نراهن على القاعدة، على الجمهور المحافظ الذي يريد التأثير”، قالوا في راعم. على الاقل تجاه الخارج، في الحزب لا يتأثرون من الاستطلاعات التي تتنبأ لهذه القائمة بالسقوط. ولكن اعضاءها يعرفون أن هذه مقامرة، ربما هي المقامرة الاكبر منذ أن قرر مؤسس الحركة الاسلامية، الشيخ عبد الله نمر درويش، أن يتنافس جناح الحركة الجنوبي في الانتخابات للكنيست.

       العلاقة بين منصور عباس ونتنياهو غيرت كل الخارطة السياسية: بعد أن احتضن رئيس الحكومة العرب، جاء في اعقابه الجميع. بدء بجدعون ساعر والذين على يساره. احزاب كثيرة تعتبر حل القائمة المشتركة فرصة للفوز باصوات الناخبين العرب. في السيناريو المتفائل بالنسبة للجمهور العربي، هذا الوضع يمكن أن يشجع على التصويت. ولكن هناك ايضا احتمالية بأن يؤدي الى تشتيت الاصوات، وأن يعرض للخطر احزاب اليسار الصغيرة ويمس بالتمثيل العربي في الكنيست. في هذا الوضع، من أراد أن يؤثر على نتنياهو سيجد نفسه امام ايتمار بن غبير.