قبل نحو عام، تفتق ذهن الشاب الصعيدي بهاء العمدة ابن محافظة سوهاج جنوبي مصر، عن فكرة غريبة: أن يقطع المسافة بين القاهرة وأقصى جنوب مصر لكن عبر وسيلة قديمة هي الحمار.
وأراد العمدة من خلالها أن يعيش حياة أجداده، ويتعرف على طريقة تنقلهم بين المحافظات، قبل أن يتم اكتشاف وسائل النقل الحديثة.
وكان يريد أن يعرف كيف كانوا يسافرون من بلادهم إلى العاصمة المصرية والعكس، وماذا كانوا يواجهون في رحلتهم.
وتبلورت الفكرة في ذهن الشاب المصري: السفر من الجيزة الملاصقة للقاهرة وصولا إلى أسوان في أقصى جنوبي مصر على ظهر حمار في رحلة قد تستغرق من 45 إلى 50 يوما.
وتبلغ المسافة من الجيزة شمالا إلى أسوان جنوبا (حوالى 1000 كيلو متر تقريبا) يقطعها القطار فيما يقرب من 12ساعة.
البداية: شراء حمار
الشاب المهتم بتراث الصعيد المصري، والحديث عن عاداته وتقاليده كان يرغب فى رحلة ممميزة يجمع فيها كل ما يستطيع عن أهالي كل محافظة من المحافظات الثمانية التي تشملهم رحلته، لذلك خطط جيدا لتكون الرحلة، والبداية كانت التفكير في شراء حمار لاستخدامه في التنقل بين المحافظات وصولا إلى أسوان.
يحكي بهاء العمدة لموقع "سكاي نيوز عربية" تفاصيل الاستعداد لرحلته الغريبة، قائلا: "بدأت منذ فترة طويلة تجهيز نفسي للسفر، وفي الأسابيع الأخيرة ترددت على أكثر من سوق لبيع الحمير من أجل شراء الحمار المناسب".
ونصح التجار الشاب الصعيدي بشراء أنثى الحمار لأنها أكثر صبرا وتحملا للصعاب عن الحمار الذكر، ويروي "وبعد ذهابي لأكثر من سوق اشتريت الحمارة التي ترافقني في رحلتي من أحد أسواق الجيزة".
وتابع: "أنا مهموم بقضايا الصعيد وبالبحث عن تاريخه وعادات أهله وهدفي من الرحلة عيش مغامرة مختلفة أعيش فيها مثلما كان يعيش أجدادي وأشعر بالمعاناة التى كانوا يعانونها في تنقلاتهم قبل معرفة وسائل النقل الحديثة".
وأردف: "أسعى في رحلتي أن أجمع المزيد عن أهالي المدن والقرى التى سأمر عليها. هناك من انتقد الفكرة وهناك من شجعها لكن ما يعنني أن أكمل الرحلة وأن أحقق ما كنت أتمناه من سنين".
بحث العمدة في المكتبات عن كتب تحكي تاريخ المدن الـ28 التي تمر بها رحلته، للتعرف على تاريخهم وسبب تسمية تلك المدن لكنه لم يجد كتبا تهتم بهذا الأمر.
ويقول: "اضطررت لجمع معلومات من على شبكة الإنترنت واستعنت بأصدقاء لمعرفة تاريخ تلك المدن، واستعنت بالأهالي فى كل قرية أو مدينة للحديث عن مدينتهم وبماذا تشتهر وأبرز العادات والتقاليد فى القضايا الاجتماعية مثل الزواج ومراسم العزاء وغيرها من العادات التى قد تختلف من مدينة إلى أخرى".
الرحلة انطلقت من الجيزة
قبل 6 أيام بدأ بهاء رحلته المثيرة وكانت نقطة البداية من قلب شارع فيصل أحد أكبر شوارع محافظة الجيزة، ووصل حتى الآن إلى مدينة الفشن بمحافظة بنى سويف، القريبة من القاهرة.
ويقول: "أحظى بترحيب شديد من الأهالي ومن المارة فى الطريق، ومنذ اللحظة الأولى وضعت نظاما خاصا للرحلة أسير فى النهار وأتوقف في الليل، وأقطع يوميا حوالى من 25 إلى 30 كيلو فقط من أجل التخفيف عن الحمار" .
وأطلق بهاء اسم "ونيسة" على حمارته ، مشيرا إلى أنه اختار هذا الاسم؛ لأنها تؤنسه في الرحلة. ويقول إنه واجه انتقادات بسبب السير بحمارة كل هذه المسافة الطويلة.
ويرد عليهم بالقول: "ما لايعرفه من هاجموني أن الحمار كان قديما يستخدم فى السفر والتنقل وأنا أراعي عدم إجهادها في الرحلة وأسيرة لمدد قصيرة وأتوقف للراحة ومن ثم مواصلة المسير وفي الليل أتوقف تماما لاراحتها".
الخلاصة في كتاب
ويتوقع إيهاب أن يصل إلى أسوان خلال 50 يوما على الأكثر ، ويخطط بهاء بعد انتهاء الرحلة إلى جمع المعلومات التي حصل عليها عن أهالي الصعيد فىيكتاب.
واختتم حديثه:" أنا مفتون بأدب الرحلات وسأكتب كتابا عن رحلتي من الجيزة إلى أسوان أرصد فيه ما اكتشفته، وأحكي فيه عن البشر والحجر ستكون تجربة رائعة بكل تأكيد".