"ميرتس" في خطر: حشد الأصوات العربية الحلّ الوحيد!

حجم الخط

بقلم: امنون هراري

 


تحول موعد إغلاق قوائم الكنيست، وهو تاريخ اعتباطي كما يبدو، خلال الحملات الانتخابية الأخيرة الى لحظة مصيرية. هذا ما حدث ايضا في هذه المرة، خاصة فيما يتعلق بحزب العمل وحزب "ميرتس". بعد انتخاب ميراف ميخائيلي حصل حزب العمل على استطلاعات مشجعة منحته 7 – 8 مقاعد، وتسببت ميخائيلي برفع نسبة التوقعات في الحزب وانخفاض في مستوى الاستعداد لتكرار الانضمام لـ"ميرتس"، الذي منع في 2020 شطب أحد الحزبين أو كليهما. إن غياب الحزب سيؤدي الى تحقق سيناريو الرعب.
الاستطلاعات المشجعة والمتعاطفة مع ميخائيلي ما زال يمكنها أن تنقلب، لكن المحصلة النهائية تقول، إنه منذ اللحظة التي اجتزنا فيها الهدف، يجب عدم التراجع: "ميرتس" و"العمل" سيضطران الى التنافس بشكل منفصل وبقوائم تعتبر في نظر الجمهور متشابهة، ومع جمهور صغير من المصوتين أصلا سيكون عليه الانقسام بصورة محددة جدا بينهما من اجل منع اختفاء أحدهما. واذا كانت فرصة "العمل" أكبر بفضل ميخائيلي فان "ميرتس" يجب أن يبحث لنفسه عن طريق أخرى من أجل أن يبقى فوق نسبة الحسم. جميع الدلائل تشير الى أن هذه الطريق تمر في الشوارع الرئيسية في كفر قاسم والطيرة وقرى المثلث.
لا يوجد لـ"ميرتس" أي خيار: خزان الاصوات اليساري – الليبرالي في المركز وفي الشارون يفضل أصلا في الجولات الانتخابية الاخيرة الانحراف نحو خيارات "استراتيجية" مثل "يوجد مستقبل" أو حتى "أمل جديد" التابع لجدعون ساعر. والآخرون يفضلون، حسب الاستطلاعات، الخيار الاكثر نضارة وهو حزب العمل.
نظرة خاطفة الى الاستطلاعات تبين أن "ميرتس" يجد صعوبة في اجتياز نسبة الحسم بارتكازه إلى قاعدته الكلاسيكية: في استطلاع "كان 11"، الذي أجري في الاسبوع الماضي، ليس فقط وجد صعوبة، بل ايضا فشل في اجتياز نسبة الحسم. لذلك، يوجهون في الحزب انظارهم نحو الجمهور العربي. هناك خاب أمل المصوتين من الانقسام في القائمة المشتركة. واذا كانوا يغازلون أصلا احتمالية التصويت لحزب صهيوني مثل حزب "الليكود"، يمكن الافتراض أنه يمكنهم الاكتفاء ايضا بحزب صهيوني مثل حزب "ميرتس".
في الحزب، استثمروا في وضع مرشحين عربيين في اماكن مضمونة، غيداء ريناوي زعبي في المكان الرابع وعيساوي فريج في المكان الخامس، 40% من الاماكن المضمونة، ويأملون بأنه في التساوق ايضا 40% من المصوتين سيكونون من العرب.
هذه لن تكون المرة الأولى التي يتوجه فيها حزب "ميرتس" للناخبين العرب من أجل إنقاذ حياته. في انتخابات نيسان 2019، المعروفة في إسرائيل بـ"الانتخابات الأولى"، استثمر "ميرتس" في حملة مكثفة في الجمهور العربي بقيادة فريج، التي أثمرت له نتائج غير سيئة. كانت الذروة في يوم الانتخابات، رئيسة الحزب في حينه، تمار زيندبرغ، اتخذت القرار السياسي الاكثر اهمية في حياتها السياسية، وبالتأكيد الأكثر أهمية بالنسبة لها كرئيسة للحزب.
"في فترة الانتخابات دائما أكون موجودة في صناديق الاقتراع في تل ابيب"، قالت زيندبرغ، التي تحتل، الآن، المكان 2 في قائمة "ميرتس". "اليوم، بدأت بصندوق كبير في مركز المدينة، ومن كل من تحدثت معهم شعرت بنفسي بالانجرار المجنون نحو "ازرق ابيض". اشخاص صوتوا لـ"ميرتس" طوال حياتهم نظروا بخجل في عيني وقالوا بأنهم دائما صوتوا لـ"ميرتس"، لكن في هذه المرة يجب أن نقصي نتنياهو. انقسمت عائلات وأزواج قسموا التصويت فيما بينهم، حينها ثار لدي الخوف. لا يهم كيف نشرح بصورة منطقية. كيف أن جمهورنا تدفق نحو "ازرق ابيض".
إن مزاج زيندبرغ كان واضحا ايضا في أعين فريج: "أجلس في المقر"، استعاد عضو الكنيست السابق، "وأحث الجمهور على الذهاب للانتخاب. وفجأة جاءت لي زيندبرغ وقالت لي: عيساوي، الوضع غير جيد. سألتها ما الذي تقصده. لأنه لدينا في الوسط العربي الوضع ممتاز". شرحت زيندبرغ لفريج بأن الوضع في معاقل "ميرتس" في المدن الكبيرة صعب. فقال لها: "اسمعي، نحن سنذهب لاحضار 30 ألف صوت أو 40 ألفا". فاجأت البيانات زيندبرغ.
إن الاندماج بين جو التخلي عن الحزب في تل ابيب وتفاؤل فريج والتقارير حول نسبة التصويت المنخفضة للمصوتين العرب جعلتها تتخذ في تلك اللحظة قراراً من النوع الذي يميز بشكل عام بنيامين نتنياهو، وهو تشخيص الفرصة لتغيير الاتجاه والانقضاض عليها بكامل القوة.
بعد الظهيرة، اللحظات الاكثر توترا وحسما للحملة السياسية، أخذت نفسها، واندفع فريج وكبار شخصيات القيادة من تل ابيب، ونقلت كل النشاط الى كفر قاسم، مدينة فريج. "وصلنا الى كفر قاسم، وبدأنا التجول واخراج الناس من البيوت للتصويت، واحدا واحدا"، قالت زيندبرغ. "عندما وصلنا الى الصناديق، أخيرا بدأت الامتلاء. فقد بدأت تتشكل طوابير وارتفعت نسبة التصويت بضع درجات مئوية".
"كانت في وضع لا أتمناه لأعدائي. هذه مسؤولية ثقيلة جدا، أن تكون رئيس حزب عمره ثلاثون سنة، يمكن أن يشطب"، قال عيساوي فريج. "ولكن عندما تجولنا على الارض وشاهدنا الضجة قرب الصناديق، لاحظت أنها هدأت". رهان زيندبرغ نجح، ليس فقط في المشاعر. ففي كفر قاسم حصل "ميرتس" في تلك الانتخابات على 39% من الاصوات، اكثر من أي حزب آخر، وتقريبا ثلاثة أضعاف نسبة التأييد له في الانتخابات السابقة في العام 2015.
في الطيرة، قفز الحزب من 2.8% من الاصوات في 2015 الى 24% من الاصوات في نيسان 2019. وفي الفريديس سجلت قفزة من 8% الى 29%. بالاجمال، حصل "ميرتس" على 50 ألف صوت عربي في تلك الانتخابات. ومن اجل الاثبات، كان بعيدا فقط بـ 16 ألف صوت عن السقوط الى ما تحت نسبة الحسم. رهان زيندبرغ نجح، المصوتون العرب أنقذوا "ميرتس".
أيضا في هذه المرة يوجد لـ"ميرتس" تذكرة جذابة امام الناخب العربي. فمن جهة هو ليس نتنياهو وليس شريكا له مثل "راعم"، ومن جهة اخرى، خلافا للقائمة المشتركة، هو يستطيع أن يقدم للناخبين العرب بالخطوط العريضة خيارا براغماتيا غير سيئ. ولكن من أجل أن ينجح في الوصول الى الهدف يجب عليه أن يبدأ العمل من الآن.
رغم اسطورة يوم الانتخابات في 2019 فإن زيندبرغ وفريج يؤكدان على أنه حتى لو تمت مضاعفة مبلغ الرهان في يوم الانتخابات، إلا أن "فيش" الرهان وضعها الحزب على الجمهور العربي قبل وقت طويل. "لاحظنا جاذبية (ميرتس) وقدرته في الجمهور العربي خلال الحملة"، قالت زيندبرغ، واضافت: "عملنا في القرى، وضعنا حملة باللغة العربية، وطوال الوقت قمنا بالاهتمام بأن تعمل هذه الحملة ايديولوجيا وسياسيا ايضا". اذا لم يضع "ميرتس" كل ثقله في المجتمع العربي من الآن، فلن تكون له البنية التحتية التي تمكنه من تحقيق الانجاز الذي حققته في انتخابات نيسان 2019. وحسب تقديرات استطلاعات دقيقة فإن نسبة تأييد الحزب في اوساط المصوتين العرب، الآن، هي 15 – 20 ألف صوت. وهو رقم اقل بكثير من الـ 50 ألف صوت التي حصل عليها في ذاك اليوم المشهود. في هذه المرة يحتاج الى اكثر من 50 ألف صوت عربي من اجل أن يبقى على قيد الحياة.
هذا الرهان يمكن أن يكلفه اصواتا في معاقله في المدن الكبيرة وفي الكيبوتسات والموشافات، التي ستحصل على حضور أقل من قبل المرشحين البارزين وعلى ميزانيات أقل للدعاية. ولكن من غير المعروف عدد الأصوات التي بقيت لديه هناك ليأخذها. القرار الصحيح بالنسبة لنيتسان هوروفيتس يبدو واضحاً.

عن "هآرتس"