نحو مسيرة سياسية تنقذ إسرائيل من «لاهاي»، أعدائها، ومن ذاتها !

حجم الخط

بقلم: اللواء احتياط عمرام متسناع

 

 


لا جدال في الازدواجية الأخلاقية لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، التي وجدت من الصواب التحقيق مع دولة إسرائيل والتجاهل التام لجرائم الحرب لبقية دول العالم. ولكن إلى جانب الأقوال الحادة والتنديدات، فاننا مطالبون أن نسأل: ماذا بعد؟ كيف ينبغي لدولة إسرائيل أن تتصدى للواقع الذي يلطم وجهنا المرة تلو الأخرى؟ نظام احتلال على ملايين الفلسطينيين، المستوطنات في «المناطق»، والفصل بين اليهود والعرب تخلق أوضاعاً مستحيلة، وتتسبب لإسرائيل بأن تكون عرضة لانتقاد شديد في أرجاء العالم. بالمقابل، فان مواصلة تجاهل دولة إسرائيل للحاجة للانفصال عن الفلسطينيين، من شأنها أن تكلفنا غالياً.
المسألة السياسية لا توجد، كما هو معروف، على جدول الاعمال العام منذ زمن بعيد، لا من اليسار ولا من اليمين. ومعركة الانتخابات الحالية، مثل سابقاتها، تتركز على محاولات الحفاظ على الحكم القائم مقابل الجهد لتغييره. كل هذا يحصل بينما في الخلفية ازمة «كورونا»، والأزمة الاقتصادية التي تحل على بيوت كثيرة في إسرائيل، ومحاكمة نتنياهو، وهي أمور تجعل المسألة السياسية هامشية مرة اخرى، بحيث تبدو ظاهرا كأنها غير ذات صلة. ولكن حتى لو كان في نظر الجمهور وقسم من منتخبيه يعتبر النزاع على سبيل الخطأ موضوعاً هامشياً، ففي نظر الاسرة الدولية هذه مسألة ملحة، بل قابلة للانفجار. بعد أربع سنوات من حكم ترامب، في اثنائها كانت إسرائيل محمية من القوة العظمى الاقوى في العالم، تأتي الصحوة. كل من له عينان في رأسه يتوقع اليوم الذي يطرح فيه مرة اخرى الاحتلال والضم العملي في «المناطق» على طاولة المباحثات. وها هو، أمام ناظرينا يرفع الواحد تلو الآخر الاعلام التي تشير الى أنه انتهى عصر الكبت. تصريحات ادارة بايدن وتهديدات المدعية العامة في لاهاي هي فقط مؤشرات أولية إلى عودة الموضوع الى جدول الأعمال العالمي.
ليس تهديدات المدعية العامة في لاهاي ولا الانتقاد الدولي - سواء أكان محقاً أم مزدوج الاخلاق – هي التي ينبغي أن تملي علينا خطانا. الامر المركزي الذي ينبغي أن يقض مضاجع الجمهور الإسرائيلي هو الواقع الذي يعتمل تحت انوفنا ومن شأنه أن يتفجر في وجوهنا. عنف المستوطنين تجاه الفلسطينيين في الاسابيع الاخيرة وصل ذرى جديدة. الى جانب ذلك، نشهد عمليات أفراد في الضفة. واذا اضفنا الى ذلك الواقع الصعب في السلطة الفلسطينية فان الصدام التالي يوجد خلف الزاوية، وسيكون ثمنه أمنياً، سياسياً، اقتصادياً واخلاقياً. ان التصدي للمسألة المتفجرة في الساحة العسكرية – الامنية أثبت منذ الآن فشله، ومطلوب هنا تغيير في التفكير واستيعاب انه لا يمكن ادارة النزاع على مدى الزمن، بل يجب حله حول طاولة المباحثات من خلال السعي الى دولتين. الخطط موجودة منذ الآن، ولا حاجة إلا الى إخراجها من الجوارير والعمل مع الولايات المتحدة ومع حلفائنا الجدد والقدامى من الدول العربية كي نصل الى اتفاق تاريخي.
سواء تحدث رؤساء الأحزاب عن ذلك قبل معركة الانتخابات، أم عملوا ذلك بعدها، يجدر أن يفهم الجميع بان مسيرة سياسية حقيقية فقط ستحمي إسرائيل من خصومها في المنطقة، ومن القضاة في لاهاي، ومن نفسها أيضا.

عن «معاريف»