أكدت محكمة بداية نابلس، خلال جلسة النطق بالحكم اليوم الأحد، على بطلان "تصريح بلفور"، لانتهاكه القواعد القطعية للقانون الدولية.
جاءت الجلسة اليوم، خلال الدعوى الخاصة بمقاضاة بريطانيا بشأن الآثار المترتبة عن "تصريح بلفور"، والانتهاكات التي ارتكبتها بريطانيا فترة احتلالها وانتدابها لفلسطين.
وقدم محامون فلسطينيون دعوى قضائية في محكمة بداية بمدينة نابلس المحتلة، نيابة عن التجمع الوطني للمستقلين، والمؤسسة الدولية لمتابعة حقوق الشعب الفلسطيني، ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، ضد حكومة بريطانيا التي يحملونها مسؤولية "تصريح بلفور".
وقامت الدعوى، على أساس الطعن بما يسمى بـ"وعد بلفور" والمطالبة بإبطاله وإبطال كل ما نتج عنه، ومطالبة بريطانيا بالاعتذار للشعب الفلسطيني وتحميلها كامل المسؤولية عن النكبة واحتلال أراضيه، ومحاسبتها على جرائمها خلال فترة حكمها العسكري لفلسطين.
وأكدت المحكمة برئاسة القاضي مجدي جرار، على أنه كون بريطانيا ووزير خارجيتها آنذاك آرثر جيمس بلفور، الذين صدر عنهم في حينه "تصريح بلفور"، لا يملكون فلسطين ولا يملكون حق تقرير مصير شعبها الذي له الحق في تقريره طبقا لحق الشعوب في تقرير مصيرها، حيث أن ما قامت به الجهة المدعى عليها -المملكة المتحدة بريطانيا- أثناء انتدابها للأراضي الفلسطينية بممارستها الاحتلال لهذه الأراضي وتضمين نص الانتداب لتصريح بلفور وتشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين وتشريد السكان الفلسطينيين الأصلين وتهجريهم من أراضيهم بعد ارتكاب المجازر بحقهم من خلال العصابات الصهيونية، وبمساعدة وغطاء من الحكومة البريطانية، وحرمان شعب كامل من حقه في تقرير مصيره، كل ذلك يخالف ما كان ملقى على عاتقها من مسؤولية بموجب نص الانتداب الصادر عن عصبة الأمم المتحدة.
وتابع جرار "لما كان الانتداب البريطاني قد وقع على الأراضي الفلسطينية وأن كافة الأفعال المخالفة ارتكبت على الأراضي الفلسطينية وبحق الفلسطينيين؛ ما يجعل لهذه المحكمة اختصاصًا أصيلًا في البحث، وفي تحميل الجهة المدعية عليها المسؤولة عن الأفعال التي قامت بها؛ خاصة أن فلسطين اكتسبت دولة بصفة مراقب بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وأضاف "أنه استنادًا للبنية المقدمة والتي لم تناقض لأية بينة أخرى فإن المحكمة تقرر تضمين بريطانيا المسؤولية القانونية وتبعاتها الناشئة عن تصرفاتها المخالفة لقواعد القانون الدولي والقوانين المحلية والأعراف الدولية وقرارات عصبة الأمم المتحدة والأمم المتحدة خلال فترة احتلالها الأراضي الفلسطينية طوال فترة الانتداب البريطاني، بما في ذلك تنفيذها لوعد بلفور الصادر في الثاني من نوفمبر 1917، الذي أدى إلى حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه القانونية والإنسانية والسياسية".
وأشار إلى أن القرار منع الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره على أرضه، الأمر الذي ألحق ضررًا جسيمًا بالشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، ومن ضمنهم المدعون نتيجة الجرائم والإجراءات التي تمت على شخوصهم وممتلكاتهم وإخلال الجهة المدعى عليها بالواجب العام الذي كان ملقى على عاتقها خلال فترة الانتداب، وأن هذه الأضرار بمثابة أضرار جسيمة لا يمكن تداركها، وهذا حكم حضوري واعتباري صدر وتُلي باسم الشعب العربي الفلسطيني.
وبدوره، عبر رئيس التجمع الوطني للمستقلين منيب المصري عن سعادته لصدور هذا القرار العظيم الذي يقضي ببطلان قانونية "تصريح بلفور"، واصافا إياه بـ"التاريخي"، قائلًا: "كانت محاكمة عادلة ونحترم القانون الفلسطيني وعدالته، لإنصاف حق شعبنا".
ومن جانبها، قالت نائب محافظ نابلس عنان الأتيرة، "إن ما نشهده من معركة قانونية يؤكد على أن شعبنا لن ينسى الظلم التاريخي، ولن نغفر لكل من وضعنا تحت هذا الاحتلال الاستعماري".
وأضافت، "نقول للعالم أجمع إننا طلاب حرية ولن نقبل إلا بالاستقلال، ودولة مستقلة، والقدس عاصمتها، وعودة اللاجئين، وطرد هؤلاء المستعمرين من أرضنا، وسنستمر في معركة النضال والمقاومة بكل أشكالها".
كما قال رئيس الهيئة الإسلامية العليا، خطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري، "تصريح بلفور" باطل، وهذه الصرخة التي أطلقت من أجل محاكمة بريطانيا سيرثها الأحفاد إلى أن يتحقق حلم التحرير، مضيفًا: "تلك الخطوة القانونية جاءت لفضح جرائم الاحتلال الذي يتغنى بحقوق الإنسان".
وقال رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل المحتل محمد بركة، "إن الشعب الفلسطيني لن ينسى من أساء إليه، وهجره، وشرده من أرضه، نتيجة هذا التصريح الذي ما زلنا نعاني من آثاره، وندفع الثمن بشكل يومي من تشريد، واحتلال، وملاحقة، وقتل".
وأكد بركة على ضرورة محاسبة كل من تواطأ مع بريطانيا لما قامت به والمساعدة بإنشاء نظام استعماري، وصولا إلى كل من يهرول ويحاول التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أن تلك الخطوة تأتي في اطار التأكيد على التمسك بالحق الفلسطيني، الذي لا ينسى أو يسامح من أساء إليه وظلمه، إضافة إلى كونها خطوة لمقاضاة بريطانيا في المحاكم البريطانية والدولية.