السؤال الوحيد في الانتخابات هو: نتنياهو- نعم أم لا. وهذا خطير

حجم الخط

هآرتس – بقلم جدعون ليفي-

لم تكن هناك في أي يوم انتخابات خطيرة مثل هذه الانتخابات. بعد أن تم شطب برامج الاحزاب الانتخابية وتم طمس الحدود الايديولوجية، الآن حتى الشعارات التي كانت ذات يوم، “سيقسم القدس”، “سيجلب السلام”، “جيد لليهود” و”يفهم العرب”، أخلت مكانها لموضوع واحد ووحيد يقف على جدول الاعمال: نتنياهو – نعم أم لا. هذا الامر لم يكن لدينا حتى الآن. ايضا عندما قالوا “قولوا نعم للختيار”، فكروا بمواضيع اخرى وبمرشحين آخرين ايضا، الذين ما ميزهم لم يكن فقط أنهم ليسوا دافيد بن غوريون.

​الآن دولة كاملة منقسمة حول موضوع واحد، الذي هو شخص واحد. الجميع يتحدثون فقط عنه. كل مستقبل الدولة يتوقف على سؤال: هل رئيس الحكومة القادم سيكون الرئيس الحالي. ليس من المهم من الذي سيحل مكانه. وليس من المهم الى أين تذهب الدولة ومن أين جاءت، الاساس هو هل معه أو بدونه. واذا كانت هناك حاجة الى المزيد من الأدلة على الظاهرة غير المعقولة التي تسمى بنيامين نتنياهو، فها هي الحقيقة امامكم: دولة كاملة تنشغل به فقط. اعطوا لمؤيديه دولة كوارث وهو على رأسها، سيشتهونها. أعطوا لمعارضيه دولة كوابيس ولكن بدونه، سيتحمسون لها.
​لذلك، هذا سيكون مقرون بثمن باهظ. اسرائيل يمكنها أن تستيقظ في اليوم التالي للانتخابات على حكومة ودولة لم ترغب فيهما على الاطلاق. لا أحد سيغفر في معسكر معارضي نتنياهو، الذي هو الآن الاغلبية، لمن تجرأ على التخريب في تشكيل حكومة الاحلام الوحيدة، حكومة لا يرأسها نتنياهو، حتى بثمن محو كل بقايا الهوية الفكرية. هذا لا يعتبر انتهازية، اذا شارك ميرتس في حكومة جدعون ساعر، مثلما اعلن في السابق، أو اذا جلس حزب العمل مع افيغدور ليبرمان أو يئير لبيد مع نفتالي بينيت. كل ذلك سيبرره الهدف. لأن حكومة ليست برئاسة نتنياهو لا يمكن أن تكون بدون اليمين، وربما حتى فقط بقيادته، لذلك يتوقع أن تنتقل الى اماكن قد لا يرغب معظم الاسرائيليين في الوصول اليها على الاطلاق، كل ذلك من اجل الرضى والفرح برؤية نتنياهو مهزوم في النهاية.

​الاسرائيليون الذين يريدون حياة علمانية وحرة سيحصلون على محلات مغلقة في ايام السبت، مثلما يريد ساعر، ولن يكون بامكانهم قول أي كلمة؛ هم في نهاية المطاف تحرروا من لعنة نتنياهو. الاسرائيليون الذين تعلموا في فترة الوباء بأنه لا يوجد مثل تدخل الحكومة العميق من اجل ضمان تقديم خدمة ناجعة للمواطن، ولا يوجد مثل دولة الرفاه من اجل مساعدة أي شخص في زمن الضائقة، سيحصلون على رأسمالية متوحشة أكثر مما كان في السابق، خصخصة وخصخصة، وحتى على ليبرتارية، مثلما وعد بينيت. والاسرائيليون الذين تفطرت قلوبهم من المعاملة المشينة لطالبي اللجوء سيحصلون على حكومة ترحيل ومعاملة سيئة للاجئين الذين سيبقون هنا. والامر الرئيسي هو أن نتنياهو لن يكون رئيسها. بالطبع، الاسرائيليون الذين يشعرون بعدم الرضى من استمرار الاحتلال سيحصلون على المزيد من عمليات الضم، واستئناف التنكيل بالفلسطينيين. وفي نهاية المطاف ايضا دورة اخرى لسفك الدماء، مثلما يريد جميع رؤساء احزاب اليمين. هذا ما سيحصل عليه معسكر معارضي نتنياهو كزيادة، اذا تعززت قوة ساعر وبينيت وليبرمان في اطار عملية “فقط ليس بيبي”.

​السياسة الاسرائيلية وصلت الى طريق مسدود. وهي  تزيد انقطاعها عن قاعدتها الاصلية: الجمهور. العلاقة بين هذر السياسيين وبين ما يشغل الاسرائيليين آخذة في الوهم. اسرائيل فقدت الاهتمام والأمل بالسياسة، دماغها تم غسله واصبحت تؤمن بأن السياسة هي فقط هل نتنياهو سيكون أو لا يكون. صورة نتنياهو في السجن هي الآن أمنية عامة اكبر حجما من صورة احتفال التوقيع على اتفاق سلام مع سوريا، على سبيل المثال. الجمهور الذي سئم من السياسة ينشغل الآن فقط بأموره الخاصة: كسب الرزق والاولاد والوظائف الشاغرة وسيارات الجيب ومراكز التسوق، وتظلل على كل ذلك الكورونا.

​في دولة سليمة كان هذا سيكون وضع صحي. ولكن اسرائيل لا يمكنها الادعاء بأن الوضع طبيعي. لذلك، الاشمئزاز من السياسة هو أمر كارثي. الحملة الهستيرية لاسقاط نتنياهو ساهمت في ذلك بدرجة معينة. واذا كان اسقاط نتنياهو هو مظهر كل شيء، فما شأننا والسياسة الآن.