إسرائيل "حاضرة" في الانتخابات الفلسطينية!

حجم الخط

كتب حسن عصفور 

تحاول مختلف الفصائل الفلسطينية، سلطة وقوى، أن تقفز عن الدور الإسرائيلي في العملية الانتخابية، بل ويحاول بعضها تسويق فكرة ساذجة، بأنهم سيمنعون أي تدخل للكيان فيها، بالقطع لا يمكن اعتبار ذلك القول كلاما "سويا" من الناحية العقلية.

الحضور الإسرائيلي يبدأ من الذهاب الى انتخابات "فلسطينية جديدة" دون تغيير قواعد النظام السياسي، وانتهاء المرحلة الانتقالية "المشوهة جدا" عن أصلها في اتفاق إعلان المبادئ، وفقدت كثيرا من جوهرها وتخطت بأضعاف زمنها المقرر، وما يحدث راهنا لا يرتبط بأصل الاتفاق سوى بمسميات ثانوية، وهو ما يحاول البعض "المخادع" الهروب من مواجهة الحقيقة، بانه بات طرفا في استمرار "نسخة إسرائيلية" من "بقايا أوسلو".

بعيدا عن كل ما يقال عن ضرورة تحديث النظام الفلسطيني محدود القدرة والصلاحية، عبر الانتخابات، فتلك مسألة باتت أقرب الى التطبيق بعد أن باتت مطلب إقليمي ودولي، ولا معارضة إسرائيلية عليها، ما دامت تمنحها مزيدا من "المكاسب السياسية"، وتسحب من رصيد ما كان في انتخابات 1996، التي كانت تعبيرا موضوعيا عن وصفها بانتخابات وطنية فلسطينية، خلافا لما حدث لاحقا وسيحدث حاليا. وما يمنع الانتخابات ليس موقف "فصائل كلام" بل رحب تتجاوز الحدود.

إسرائيل "شريك موضوعي" في الانتخابات المستحدثة، ليس بقرار مكتوب، أو بـ "مرسوم خاص"، بل بواقع عملي تقرر مسار جوهر العملية الانتخابية، وبالتالي ستكون جزءا من تقرير مستقبلها المنتظر، وذلك ليس استنتاجا خاصا، بل هو نتاج واقع عملي مقروء لو أراد البعض عدم السير كالنعامة، ويرى ما تحت قدميه قبل النطق بما ليس حقيقة.

الحضور الإسرائيلي يتمثل بشكل صارخ في موضوع انتخابات القدس، فمنذ انتخابات 2006 وافقت القوى المشاركة فيها، وهي ذاتها تقريبا، المشاركة في انتخابات 2021، من عدم القيام بعملية دعائية وفتح مكاتب انتخابية، وأن تجري في داخل المدينة وليس عبر البريد، أو في ضواحي المدينة المعرفة بمناطق "ب"، وربما تشهد الانتخابات الجديدة منع التصويت في صناديق البريد، وتكتفي بالتصويت الإلكتروني، مصادرة لبعض مظاهر الحضور الفلسطيني.

الوقف في القدس هو أبرز معايير تقييم "الحضور" الإسرائيلي، بل والتأثير عليها بشكل أو بآخر، كونها تمنع الدعاية والإعلان، خاصة لقوى قد تكون أقل ملكية لوسائل الإعلام من "حركتي السلطة" فتح وحماس، حيث لهما من أدوات تفوق أضعافا ما لغيرها، وهنا يصبح التدخل الإسرائيلي "إيجابا" لهما

وفي خارج القدس، وتحديدا في الضفة الغربية، فهي تتحكم في مسار العملية الانتخابية بتحديد الحملة الدعائية للمرشحين، ومنع الحق في اللقاءات المباشرة مع المواطنين، بل وحظر التحرك في مناطق بعينها، ما يترك أثره على القوى الأقل ملكية لوسائل الإعلام، وذلك أحد مظاهر "التدخل الإيجابي" لصالح مالكي البديل الإعلامي من قوى لا تملك الكثير منها، وتعتمد اللقاء المباشر مع أصحاب حق الاقتراع.

ويمكن أن تتلاعب دولة الاحتلال بمسار العملية من خلال حملة اعتقالات، مدروسة لأطراف مشاركة، قد تترك تعاطفا شعبيا ما مع القوى التي تلاحقها قوات الاحتلال في تلك الفترة تحديدا، وتلك مناورة ليست مستبعدة لدولة الكيان.

الأمر ليس كيفية ضخ "الضجيج الكلامي" حول منع إسرائيل، كما تدعي بعض الأطراف، بل حقا هل قادرة أن تمنع ذلك وهي تسير تماما وفق "الهوى الإسرائيلي" في العملية الانتخابية، ولا خروج عن نصها، وللو كانت صادقة فيما تقول لتجرب مثلا أن تكسر "قواعد المرور الإسرائيلية" في العملية الانتخابية، جوهرا وشكلا...

من وافق على "شروط إسرائيل" بأنها انتخابات ضمن إطار انتقالي هي من حدد أركانه، خلافا جذريا مع اتفاق إعلان المبادئ 1993 (معروف باتفاق أوسلو)، لا يمكنه أن يكسر ما اضافته حكومة نتنياهو من "شروط" حول القدس والدعاية الانتخابية في الضفة وحظر التجمعات وممارسة ترويج ما لطرف ما عبر أعمال "مدروسة"...

"التواضع السياسي" ضرورة لو أريد صدقا، فيما "الغرور الكاذب" مؤشر أن المنتج قد يكون "خطرا سياسيا" على المستقبل الوطني...تواضعكم ربح بتقليل الخسارة الوطنية من انتخابات مشوهة وطنيا!

ملاحظة: ما صدر عن مؤسسة غير حكومية فلسطينية حول "الواسطة" في توزيع لقاح كورونا، يستحق فتح باب تحقيق جاد...تجاهل الكلام تأكيد لفساد ينال من صحة الناس...الانتخابات قادمة فدقوا الجرس لمن ينال من حياتكم!

تنويه خاص: حكي مسؤول "فتحاوي" عن قائمة "وطنية مشتركة" لكل الأطراف مظهر آخر للفشل السياسي...هيك كلام يعني لا فرق بين فتح وحماس سياسيا وبلاش نقول غيره...معقول يا "أم الجماهير"!