التمييز يؤدي الى التحدي: السياسة في مطار بن غوريون ، هي استمرار لعام من التطبيق غير المتكافيء

حجم الخط

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل

توجد علاقة بين التمييز الذي كشف عنه مؤخرا في مطار بن غوريون وبين احتفالات عيد المساخر الجماعية التي جرت في هذه الايام في مراكز المدن، مع تجاهل استعراضي للتوسل اليائس لرؤساء جهاز الصحة. شباب علمانيون يشاهدون بعجز فظيع الطريقة التي تدير بها الحكومة ازمة الكورونا (باستثناء نجاح عملية التطعيم)، ويشاهدون ايضا عدم التطبيق الكامل للقانون على الجمهور الاصولي والخوف منه، ويشاهدون البلاغة الفارغة والمتملقة التي يتوجه فيها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والوزراء للجمهور. كان يمكن الافتراض بأن يأسهم وغضبهم سينفجران في وقت ما. الاحتفالات بعيد المساخر في الذكرى السنوية لوصول المريض الاول للكورونا الى اسرائيل تحولت الى عرض تحدي، تقريبا انتفاضة مدنية ضد توجهات الحكومة.

​لا يوجد للشباب العلمانيين مبررات افضل على خرق التعليمات مما لدى نظرائهم في اوساط الجمهور الاصولي. اذا كان تجمع الجمهور في الفضاء المفتوح خطير، بدرجة معينة على الاقل في جنازة في بني براك، فهو خطير ايضا في احتفال في تل ابيب. ودفاعا عنهم يجب علينا قول ما يلي: في المدن العلمانية كان هناك عدد أقل من الخروقات المكشوفة للتعليمات في السنة الماضية، لكن هذه الخروقات تمت مواجهتها بانفاذ زائد ومميز من قبل الشرطة؛ في هذه المدن هناك عدد أقل من الاصابات مقارنة بالقرى العربية والبلدات الاصولية؛ وسياسيون علمانيون لم ينشغلوا بشكل نشط في شرعنة الخروقات ومنع العقاب ضد ناخبيهم مثلما فعل الاصوليون.

​السلوك في مطار بن غوريون، الذي أبلغ عنه في البداية أوري مسغاف في “هآرتس”، الذي في اعقابه تم في يوم الجمعة نشر تقرير مدوي في “أخبار 12” فقط يعزز الشعور الشديد بالتمييز. وبسبب الخوف من دخول سلالات جديدة للكورونا يمكن أن تكون اكثر عدوى، فان اسرائيل انتقلت بمبادرة منها الى وضع الاغلاق. هذا يمكن أن يكون رد مشروع لو أنه ترجم الى نظام مرتب ومتشدد ويلزم بالحجر واجراء فحص الكورونا للخارجين والقادمين.

​ولكن ما تم الكشف عنه هو العكس. يبدو أن هذا لم يعد يفاجيء أي أحد، الدولة تضع صعوبات امام الخارجين، أما بالنسبة للقادمين فان لجنة الاستثناءات تحولت الى مسار لتبييض عبور المواطنين الاصوليين ومقربين آخرين من السلطة. المواطنون العاديون تقريبا لا يستطيعون الدخول. وربما الاخطر من ذلك هو أنه يتعزز الشك في أن سياسة التمييز ترتبط بشكل غير مباشر ايضا بالانتخابات. ومثلما في أي جولة انتخابية، ايضا في هذه المرة يدخل البلاد آلاف الاصوليين الذين لديهم جنسية مزدوجة، لكن في هذه المرة المواطنون يبقون في الخارج وكما يبدو هم لن ينجحوا أبدا في التصويت. وحقيقة أنه تشرف على كل هذا الخير وزيرة المواصلات ميري ريغف، الشخصية التي لا تثير ثقة الجمهور الكاسحة حول طهارة اعتباراتها، فقط تزيد الغضب الذي تثيره هذه القصة.

​من الصعب اتهام رؤساء وزارة الصحة بكل ذلك، الذين يواجهون تعب جماهيري متزايد بعد سنة على الوباء. نتنياهو رتب لنفسه تقسيم مريح: كلما اقترب موعد الانتخابات يكون هو المسؤول عن الانباء الجيدة حول التطعيماتوالوعود حول الخلاص الاقتصادي الوشيك. المستوى المهني يبقى مع التحذيرات والتخويف.

​ربما أن جزء من المشكلة يرتبط بحقيقة أن الشباب الذين تلقوا التطعيم في هذه الاثناء، لا يشعرون بأنهم يحصلون على تسهيلات حقيقية. فترتيبات البطاقة الخضراء لم تطبق بعد بشكل منظم، وأجزاء بارزة من الاقتصاد ما زالت في حالة شلل والخبراء ينشغلون فقط في أن يشرحوا للجمهور كم هي التضحية المطلوبة منه بعد ذلك. من كان يصدق. ولكن رئيسة خدمات الصحة العامة، الدكتورة شارون برايس، اصبحت تثير بالفعل في اوساط الكثيرين الاشتياق الى فرح الحياة والتفاؤل الذي كانت لدينا من البروفيسور سيغال سديتسكي، التي سبقتها في المنصب.

​بالضبط في بند البشرى الايجابية ما زال هناك ما يمكن قوله للجمهور، رغم العناوين التي تتحدث عن ارتفاع معامل العدوى “آر”. ارتفاع يعكس تغيير في عدد المصابين المؤكدين، والذي ينبع ايضا من فتح عدد من مؤسسات التعليم. ولكنه يرتبط ايضا باجراء عدد اكبر من الفحوصات في اليوم. وزارة الصحة لا تذكر أن معدل الفحوصات الايجابية في حالة انخفاض مؤخرا، والآن ايضا لم يسجل أي ارتفاع في عدد المرضى في حالة صعبة أو الذين يتم علاجهم. طالما لم يتم تشخيص سلالة كورونا يتبين أنها محصنة ضد التطعيمات، فان ارتفاع عدد الاصابات ايضا لا يمكنه شطب ما تحققه عملية التطعيم. في نهاية الاسبوع تم اجتياز نسبة مهمة. أكثر من 4.7 مليون اسرائيلي، أكثر من نصف السكان، تلقوا الحقنة الاولى من تطعيم فايزر، واكثر من 3.3 مليون منهم، 36 في المئة من اجمالي عدد السكان، تلقوا تطعيم الحقنة الثانية.

​علامة الاستفهام الاساسية تتعلق بوتيرة أخذ التطعيمات. في الاسبوع الماضي انخفض من 80 ألف حقنة اولى في اليوم الى حوالي 50 ألف، لكن حتى اذا بقي في المستوى المنخفض، يمكننا الأمل بالاقتراب من حوالي 5.7 مليون اسرائيلي مطعم بالحقنتين حتى منتصف شهر نيسان.

​هذه ليست نهاية المطاف. ففي اسرائيل يوجد حتى الآن 730 ألف شخص تعافوا من الكورونا. وحسب كل التقديرات فان عدد المتعافين الحقيقي أكبر بكثير. لأن الكثيرين منهم كانوا من المصابين الذين لم تظهر عليهم اعراض والذين لم يشخصوا في الوقت الحقيقي. هذا العدد مهم بشكل خاص بالنسبة للاطفال، الذين نسبة المصابين الذين لا تظهر عليهم اعراض من بينهم أعلى. بكلمات اخرى، بحساب أولي، عدد الاسرائيليين الذين تم تطعيمهم ضد الكورونا أو تعافوا منه يمكن أن يكون خلال شهر ونصف اكثر من 6.5 مليون. حوالي 70 في المئة من السكان في البلاد، وضمن ذلك تقريبا كل المجموعة المعرضة للخطر، التي هي فوق جيل 60 سنة، ستكون محمية من الكورونا.

​كما قلنا، هذا العدد له صلة طالما أنه لا توجد طفرة محصنة من اللقاح. هذا العدد سيكون “كاسر حقيقي للتوازن”. الخبراء ينقسمون حول مستوى مناعة القطيع التي يجب حسابها بخصوص الكورونا. لا توجد أي دولة حتى الآن وصلت الى هذا المستوى. الدكتور انطوني باوتشي، ملك الكورونا الامريكي، اعترف في كانون الثاني الماضي بأنه رفع العدد المقدر الى حوالي 80 في المئة بسبب تفشي الطفرة البريطانية الاكثر عدوى. ولكن ايضا مع 70 في المئة مطعمين ومتعافين فان الفيروس سيقابل في طريقه عدد اقل من القابلين للاصابة، الامر الذي سيساعد على كبح تفشيه.

​يبدو أن الدولة ستحسن صنعا اذا استمرت في استخدام وسائل اقناع للمواطنين الذين لا يزالون مترددين بشأن تلقي التطعيم. اضافة الى ذلك، ستكون حاجة الى استغلال كل تطعيم ممكن، لذلك فان عملية توزيع التطعيمات لدول صديقة مقابل امور بسيطة، مثل نقل سفارة غينيا الاستوائية الى القدس، تبدو أمور سخيفة ومبذرة.

​ربما أن الحاجة الاكثر الحاحا تتعلق بأمر آخر يحدث في الضفة الغربية. ففي اراضي السلطة الفلسطينية هناك الآن ارتفاع حاد ومقلق في عدد الاصابات بالكورونا. اسرائيل، كما شهد على ذلك نتنياهو في الاسبوع الماضي، ليست جزيرة بسبب عدم الانفصال عن الفلسطينيين. بالضبط لهذا السبب يجب عليها الاهتمام بأن يصل اليهم أكبر عدد ممكن من التطعيمات وفي أسرع وقت. الاولوية الاولى ستكون تطعيم العمال الذين يمكثون بصورة غير قانونية ويعملون داخل الخط الاخضر. ولكن بدون احتواء كبير للكورونا في الضفة لن تكون ايضا راحة لاسرائيل.