شماتة بعض وسائل الاعلام في إسرائيل بتأجيل - وليس إلغاء - زيارة رئيس الوزراء إلى الامارات، بسبب «الأزمة» مع الأردن، تدل على مزاج المحللين أكثر مما تدل على وضع العلاقات بين إسرائيل وبين العالم العربي.
فالزيارة إلى الامارات ستنعقد على نحو شبه مؤكد في الزمن القريب، وكذا العلاقات مع الأردن ستعود، وفي واقع الامر عادت منذ الآن، إلى مسارها، مهما كان معقدا ومليئا بالتحديات، وذلك لأن عملية اختراق الأسوار وخروج إسرائيل إلى المجال لم يعد ممكنا وقفه.
ان لصور المصافحة، العناق، وتبادل القبلات، مثلما لإنزال الأيادي والاهانات توجد اهمية. ولكنها ليست كل شيء، وبالتأكيد ليست بديلا عن الواقع على الارض. هكذا تبين منذ التسعينيات الجميلة لمهندسي السلام ممن سعوا إلى اقناع الجمهور في إسرائيل بتأييد تنازلات بعيدة الاثر مقابل عرض عابث للسلام الحار مع الفلسطينيين أو مع السوريين.
عندما وقعت «اتفاقات ابراهيم» بين إسرائيل والبحرين والامارات وفي أعقابها أيضا اتفاقات التطبيع مع السودان ومع المغرب، انطلق الادعاء بأن هذا ليس اختراقا تاريخيا، وان كل رغبة الدول العربية هي التقرب من إدارة ترامب. وما أن غادر الرئيس ترامب البيت الابيض حتى توقعوا عندنا بأن اتفاقات السلام ستنهار وان العرب سيديرون الآن ظهرا باردة لإسرائيل.
غير ان ما حصل هو العكس تماما. فرغم الكتف الباردة من جانب ادارة بايدن لاصدقاء الولايات المتحدة في الخليج ورغم مصالحاته مع الايرانيين، فان العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج آخذة فقط في التوثق.
صحيح أن رئيس الوزراء لم يصل، الاسبوع الماضي، إلى الامارات، ولكن بدلا منها جاءت البشرى بأن الامارات ستستثمر 10 مليارات دولار في الاقتصاد الإسرائيلي.
ان تميز «اتفاقات ابراهيم» هو الخليط المظفر الذين بين اعتراف الحكام بالفضائل الاقتصادية، الامنية، والسياسية الهائلة التي ينطوي عليها توثيق العلاقات مع إسرائيل، الى جانب الحرارة والود اللذين تستقبل بهما إسرائيل في الرأي العام في الخليج. وكما هو معروف فليس هذا هو الوضع في الدول العربية الاخرى، حيث يعترف المواطنون باهمية العلاقات مع إسرائيل ولا يدعون للعودة الى وضع الحرب معها، ولكن من جهة اخرى ليسوا مفعمين، على اقل تقدير، بالحرارة والحماسة بالنسبة لإسرائيل، ويصعب عليهم التغلب على رواسب الماضي.
الاردن مثال جيد على ذلك، والحراكات في العلاقات معها ليست موضوعا بنيويا، دون صلة بهوية الحاكم الاردني او تركيبة الحكومة في إسرائيل. فالمؤسسة الاردنية، على رأسها العائلة المالكة، تعترف بالمصلحة الاردنية في الحفاظ على العلاقات مع إسرائيل، وتبدي اهتماما بالثمار الاقتصادية وغيرها التي يمكن أن تستخلص منها. ولكنها أسيرة في ايدي الشارع الاردني الذي درج على أن ينفس إحباطاته في المشاكل الداخلية، عبر العداء لإسرائيل. تبدي إسرائيل تفهما وتمر على ذلك مرور الكرام، وكذا الاردنيون يبدون صبرا في كل مرة يصطدمون فيها بمصاعب تضعها البيروقراطية في إسرائيل في ظل عدم الحساسية تجاه الواقع الاردني.
ولكن هذه العواصف في فنجان الشاي والعناوين الصارخة في الصحف هي عابرة، فقافلة السلام تواصل طريقها. هذه القافلة لا يمكن وقفها، لانها تسير على أرض صلبة من القوة الإسرائيلية، أمنيا، سياسيا واقتصاديا، حيث بات يعترف بها كل جيرانها.
عن «إسرائيل اليوم»